وبحسب مصادر سياسية ودبلوماسية، اعتبر الحريري أن الموقف من الاعتداء أمر، والخلافات السياسية مع حزب الله أمر آخر، داعياً إلى عدم الخلط بين الأمرين، مؤكداً عدم التهاون في مسألة الاعتداءات الإسرائيلية التي طاولت منطقة مأهولة، وعرّضت المواطنين للخطر.
لكن الضغوط الاميركية سرعان ما اطلّت امس، بعد إطلاق الجيش النار على طائرات استطلاع إسرائيلية في الجنوب. فللمرة الاولى منذ العام 2006، تتولى قطعات الجيش المنتشرة جنوبي الليطاني التصدي، ولو بأسلحة فردية، لطائرات الاستطلاع المعادية. ما جرى أمس قرب الحدود اللبنانية الفلسطينية، وتحديداً في بلدة العديسة (قضاء مرجعيون) ان طائرات استطلاع معادية حلّقت على علو منخفض فوق مركز للجيش، فأطلق عدد من الجنود النار عليها. وبالرغم من أن الخطوة بدت عفوية، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن الجنود نفّذوا اوامر قائد فوج التدخل الخامس العقيد محمد الامين، الذي التزم بالتعليمات الصادرة عن قيادة الجيش، بناءً على مقررات المجلس الاعلى للدفاع أول من امس. وكان لافتاً أن الجنود أطلقوا النار من بنادق «أم 16» الأميركية الصنع باتجاه المسيّرتين، وسط إحاطة من المواطنين الذين كانوا يتجمهرون لمراقبة تحركات العدو في الجانب المحتل. وهؤلاء تفاعلوا مع رد الجيش بحماسة، عبروا عنها بالتدافع لاحتضان أفراده والتصفيق لهم، من دون أي خوف من ردة فعل إسرائيلية. وسرعان ما بدا مسؤولون اميركيون، عسكرييون ودبلوماسيون، بإجراء اتصالات للاستفسار عما جرى، والضغط تحت عنوان «النصيحة» بعدم تورط الجيش في مواجهة، فضلاً عن الاستفسار عن آلية اتخاذ القرار باستخدام أسلحة اميركية لإطلاق النار على طائرات إسرائيلية.
كذلك استنفرت قوات اليونيفيل للتحذير من ان إطلاق النار ربما يكون قد ادى إلى عبور عدد من الرصاصات الحدود نحو الأراضي الفلسطينية، ما يشكل خرقاً للقرار 1701! ضغوط اليونيفيل لم تقتصر على ما تقدّم. فبعد توقف القوات الدولية عن تسيير دوريات على الحدود مباشرة بذريعة الخشية من تعرّض جنودها للخطر، طلبت من الجيش اللبناني تكثيف دورياته لمنع إطلاق صواريخ عبر الحدود! وقد أصدرت قيادة الجيش بياناً قالت فيه إن طائرة استطلاع تابعة للعدو الإسرائيلي آتية من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، خرقت الأجواء اللبنانية عند الساعة السابعة والنصف وحلّقت فوق أحد مراكز الجيش في منطقة العديسة. وقد تصدّى لها الجيش وأطلق النيران باتجاهها، ما اضطرّها إلى العودة من حيث أتت. كما قامت طائرة استطلاع ثانية بالتحليق فوق منطقة كفركلا لبعض الوقت، وما لبثت أن غادرت الأجواء اللبنانية باتجاه الأراضي المحتلّة».
من جهته، أكّد وزير الدفاع الياس بوصعب أنّ «تصدي الجيش اللبناني للطائرات الإسرائيلية المسيّرة أمر طبيعي، وهو يقوم بواجبه ويتحمل مسؤوليته في الدفاع عن لبنان وكرامة اللبنانيين». وأضاف إنّ «الجيش في موقع الدفاع عن لبنان وأرضه وسيادته، وهو يصدّ عدواناً وخرقاً فاضحاً للقرار 1701، وإنّ بيان الحكومة الوزاري وكلّ القوانين الدولية تتيح للجيش الدفاع عن الحدود».
الأخبار