فالواحد منا يريد رفيقاً ومساعداً ومؤنساً، ولولا ذلك ما قامت الدنيا، وما تآلف الناس، وما تعانوا.
وفي نهج البلاغة المبارك نصوص تحدد معالم الصداقة، وحدودها، وأبعادها وآثارها على النفس الإنسانية، وعلى روح المجتمع وحيويته. يقول الأمير(عليه السلام) في نهجه المبارك: "والغريب من لم يكن له حبيب".
ويقول سلام الله عليه قبل ذلك: "ورب بعيد أقرب من قريب، وقريب أبعد من بعيد".
فالحب الإنساني والأخوي ضروري في هذا الحياة الدنيا، وليس القرب قرب الجسد، وإنما قرب الأحاسيس والمشاعر والأهداف المشتركة والتعبد لله تعالى الحي القيوم يقول(عليه السلام) في حكمة له: "فقدُ الأحبة غربة".
فيا أيها الغريب في هذه الدنيا، الذي تزاد غربته إذا فقد أحباءه... يا أخي، أيها العزيز : أحسن الاختيار، ورافق الأخيار، وفتش عن الأبرار، وتجنب الفجار، الذين يردون بك إلى النار... فهل في ذلك موعظة للاعتبار؟! فيفوز الفائزون بمجاورة المختار وآله الأبرار في جنات وأنهار ورضوان العزيز الجبار.
وأعود فأقول لك، أحسن الاختيار يا أخي، أيها الحبيب، وقارن أهل الصلاح والفلاح لنفوز بنجاح... يقول مولاك وتاج رأسك أمير المؤمنين(عليه السلام) : "قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم... لا خير في معين مهين ولا في صديق ضنين".
أخي: احذر أن تُصادق أهل المنكر وأهل الفسق لأنك وإن لم تفعل فعلهم إلا أنك ستنسب إليهم، نتيجة مرافقتهم ومجاورتهم. وفي ذلك يقول أمير المؤمنين سلام الله تعالى عليه: "واحذر صحابة من يفيل رأسه، وينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه... وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق، ووقر الله، وأحبب أحباءه".
ويقول سلام الله عليه في وصيته لابنه الحسن: "يا بني، إياك ومصادقة الأحمق، فإنه يزيد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة البخيل، فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه، وإياك ومصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه، وإياك ومصادقة الكذاب، فإن كالسراب. يقرب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب".
فهذه يا أخي بعض من النصائح التي يجب أن تراعيها في اختيار الأصدقاء... والحمد لله على نعمة الإسلام.
قبسات من نهج البلاغة، السيد سامي خضرا