باحثون غربيون: الدِّين أفضل من الإلحاد لصحة الإنسان و الصلاة تعيد برمجة الدماغ

الثلاثاء 21 مايو 2019 - 05:38 بتوقيت غرينتش
باحثون غربيون: الدِّين أفضل من الإلحاد لصحة الإنسان و الصلاة تعيد برمجة الدماغ

الكوثر- الصلاة هي شفاء للنفس والجسد، هذه حقيقة نؤمن بها، ولكن بعض المشككين يدّعون بأنّ الصلاة هي مجرد خضوع وذل وأسر للحرّية، ولذلك سوف نتأمل ما جاء في دراسة أجراها أحد الباحثين الغربيين عن أثر الصلاة على الدماغ والصحّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الدراسة لم تجرِ على أُناس مسلمين، ولو تحقق ذلك لكانت النتائج مبهرة.

 

فقد توصل علماء يبحثون في أثر حالة التأمّل على عقول الرهبان البوذيين إلى أنّ أجزاء من المخ كانت قبل التأمّل نشطة تسكن، بينما تنشط أجزاء أخرى كانت ساكنة قبل بدء التأمّل.

 

وفي مقالة نشرها موقع بي بي سي قال أندريو نيوبرغ Andrew Newberg طبيب الأشعة في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة: "إنّني أعتقد أنّنا بصدد وقت رائع في تاريخنا، حين نصير قادرين على استكشاف الدِّين والأمور الروحية من طريق لم يظن أحد من قبل أنّه ممكن."

 

وقد درس نيوبيرغ وفريقه مجموعة من الرهبان البوذيين في التبت وهم يمارسون التأمّل لمدة ساعة تقريباً، وذلك باستخدام تقنيات تصوير المخ. وطلب من الرهبان أن يسحبوا بيدهم خيطاً حين يصلون إلى حالة التأمّل القصوى، وعن طريق تلك العملية تحقن في دمهم كمية ضئيلة من مادّة مشعة يمكن تعقبها في المخ، مما مكّن العلماء من رؤية الصبغة وهي تتحرك إلى مناطق نشطة من المخ. وبعد أن انتهى الرهبان من التأمّل، أُعيد تصوير المخ، وأمكن مقارنة حالة التأمّل بالحالة العادية. وأظهرت الصور إشارات هامة بخصوص ما يحدث في المخ أثناء التأمّل.

 

بيولوجيا الإيمان:

 

يشرح د. نيوبيرغ ذلك بقوله إنّ الصور أظهرت "زيادة في نشاط الجزء الأمامي من المخ، وهي المنطقة التي تنشط في الإنسان العادي حين يركز اهتمامه على نشاط معين". وبالإضافة إلى ذلك شهد الجزء الخلفي من المخ انخفاضاً ملحوظاً في نشاطه، وهي المنطقة المسؤولة عن إحساس الإنسان بالمكان. مما يؤكد الرأي القائل إنّ التأمّل يؤدي إلى نقص الإحساس بالمكان. ويعلق د. نيوبيرغ بأنّه: "أثناء التأمّل، يفقد الناس إحساسهم بأنفسهم، ويمرون كثيراً بتجربة الإحساس بانعدام المكان والزمان، وقد كان هذا بالضبط ما رأيناه."

 

قوّة الصلاة:

 

كما تتشابه التفاعلات المعقّدة بين مناطق مختلفة في المخ أثناء التأمّل مع التفاعلات التي تحدث أثناء ما يسمى بالتجارب الروحية أو الغامضة. وكانت دراسات سابقة أشرف عليها د. نيوبيرغ قد أُجريت على نشاط المخ لدى راهبات فرنسيسكان أثناء نوع من الصلاة تعرف بصلاة "التركيز".

 

ويتسبب الجزء اللفظي من الصلاة في تنشيط أجزاء من المخ، لكن د. نيوبيرغ وجد أنّها "نشطت منطقة الانتباه في المخ، وقلّصت نشاط المنطقة المسؤولة عن الوعي بالمكان".

 

وليست تلك المرة الأولى التي يفحص فيها العلماء أموراً روحية. ففي عام 1998م، برزت الأهمية العلاجية للصلاة حين درس علماء في الولايات المتحدة مجموعة من مرض القلب وجدوا أنّهم يعانون من مضاعفات أقل بعد فترة من الصلاة.

 

ويؤكّد هذا الباحث إلى أنّ الإيمان ضروري جدّاً من أجل استمرار وجود البشر، لأنّه يجعلهم أكثر تكيّفاً مع واقعهم ويجيبهم عن التساؤلات التي يثيرها الدماغ لديهم. وقد وجد أنّ الصلاة (على الطريقة البوذية) تخفض ضغط الدم وتزيل الكآبة والقلق كما تخفض معدل نبضات القلب. ولذلك فإنّ الدِّين أفضل من الإلحاد لسلامة الإنسان وصحّته، هكذا يؤكد عدد من الباحثين الغربيين.

 

يؤكّد الدكتور أندريو نيوبرغ والمتخصص في علم الأعصاب على موقعه في شبكة الإنترنت أنّ الاعتقاد بوجود إله للكون ضروري جدّاً، من أجل صحّة أفضل نفسياً وجسدياً. وفي كتابه "كيف يغير الله دماغك" الذي ألّفه مع مجموعة من الباحثين وحقّق مبيعات كبيرة في أمريكا، يقول نيوبيرغ: "كلّما كان اعتقادك بوجود الخالق أقوى كان دماغك أفضل"!.

 

إنّ العبادة والتأمّل لمدة 12 دقيقة يومياً، تؤخّر أمراض الشيخوخة وتخفض الإجهادات والقلق. إنّ الخضوع والعبادة وممارسة الصلاة تمنح الإنسان شعوراً بالأمن ومزيداً من الحبّ والرحمة، بينما الإلحاد والغضب والاحتجاج على الواقع تتلف الدماغ بشكل مستمر.

 

صورة للكتاب:

 

كتاب جديد صدر مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية لمتخصصين في علم الأعصاب، الكتاب هو خلاصة تجارب ودراسات للباحث نيوبرغ الأستاذ المساعد في جامعة بنسلفانيا، وقد وجد هذا الباحث أنّ الإيمان بالله مهم جدّاً وعظيم جدّاً للإحساس بالأمن ولتحسين حالة الدماغ وعمله، وأنّ الإيمان يُحدث تغيرات دائمة في طريقة عمل الدماغ فيؤخر مرض الزهايمر، ويساعد الإنسان على التأقلم مع محيطه من أجل حياة أفضل. تجدر الإشارة إلى أنّ الباحث ليس مسلماً، إنّما يضع نتائج تجاربه بشكل حيادي نتيجة دراسته للدماغ من خلال تقنية.

 

لقد وجد الباحثون في هذا الكتاب أنّ الإيمان بالله يحدث تغييرات دائمة في دماغ الإنسان وطريقة عمل هذا الدماغ. إنّ الإيمان يكافح مرض الخرف الناتج عن موت عدد كبير من خلايا الدماغ بشكل مفاجئ. كما يعالج مرض باركنسون Parkinson’s disease بالإضافة إلى علاج الاضطرابات النفسية.

 

ماذا عن الصلاة على الطريقة الإسلامية؟

 

للأسف ليس هناك دراسات مماثلة عن تأثير الصلاة على الحالة الصحية للمسلم، ولكن يمكننا أن نقول: إنّ الصلاة التي أمرنا الله بها تتميز بالخشوع لله تعالى، وتتميز بالطمأنينة الناتجة عن قراءة القرآن، وتتميز بالحركات التي يقول العلماء إنّها مناسبة لتنشيط العضلات والعظام.

 

والصلاة في الإسلام ليست مجرد طقوس مثل البوذية، بل لها معاني ودلالات، وأهداف وإحساس بالقرب من الله، لأنّ العبد يكون قريباً جدّاً من ربّه أثناء الصلاة، وبخاصة السجود. والذي أود أن ألفت الانتباه إليه مسألة مهمّة، وهي أنّ منطقة الناصية (المنطقة الأمامية من الدماغ) تنشط أثناء الصلاة، بينما "تهدأ" المنطقة الخلفية منه، ماذا يعني ذلك؟

 

إنّ منطقة الناصية مسؤولة عن التفكير الإبداعي وعن اتّخاذ القرار، ولذلك فإنّ الصلاة بخشوع تساعد الإنسان على اتّخاذ القرارات بشكل سليم وهذا يعني أنّ الصلاة تساعدك على النجاح في عملك!

 

إنّ التغيرات التي تحدثها الصلاة والمحافظة عليها، كبيرة جدّاً في دماغ الإنسان، وقد عشتُ هذه التجربة وأحسست بهذا التغير، وبالطبع لو سألت أي إنسان عن فوائد الصلاة وما يشعر به لأخبرك الكثير عن راحته النفسية وشفاء أمراضه واستقرار نفسيته وشعوره بالأمان والطمأنينة.

 

طبعاً هؤلاء الباحثون يعرفون تماماً أهمية الإيمان بالله، ولكن ما هو شكل الإيمان المطلوب؟ إنّهم لا يعلمونه، ولن يجدوه إلّا في كتاب الله تعالى، لأنّ الدِّين الوحيد الحقيقي هو الإسلام، وكلّ ما عدا ذلك دخله التحريف والتبديل وكلام البشر وامتزج بالخرافات.

 

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الباحثين المسلمين قاموا بدراسات حول تأثير الصلاة على الصحّة العقلية والجسدية، ووجدوا أنّ الصلاة تعتبر من أفضل التمارين الرياضية، وبخاصّة إذا تم أداؤها في المساجد. فالمشي إلى المسجد والصلاة بخشوع، يقي من أمراض المفاصل ويساعد على شفاء مرض السكري ويخفض ضغط الدم بالإضافة إلى فوائد طبية كثيرة منها الوقاية من تصلب الشرايين وأمراض القلب.

 

ونكرر القول بأنّ الصلاة على منهج النبيّ (صوات الله عليه و آله و سلم) هي أشد تأثيراً على آلية عمل الدماغ، ولو بحث العلماء تأثير الصلاة بخشوع، لرأوا نتائج مبهرة، فالصلاة على الطريقة البوذية أو صلاة الرهبان، ليست ذات أثر كبير لأنّها تفتقر للخشوع الحقيقي الذي يجعل المؤمن في حالة القرب من الله تعالى، وتفتقر إلى المعاني العظيمة التي تحملها كلمات القرآن.. وهذا يعني أنّ الصلاة الإسلامية يزيد من إحساس المؤمن بالأمان والرضا والسعادة.

 

المصدر: الموسوعة الاسلامية