كلُّ فردٍ في الإسلام له دورٌ ومُهمة ٌ وواجبٌ عليه القيامُ به.
كلُّ إنسانٍ في دين الله مسؤولٌ عن شيئ ما في الدنيا، ومسؤولٌ عن هذا الشيء. في الآخرة، يومَ يقومُ الناسُ لله تعالى ربِّ العالمين.
وربُّ الأسرةِ مسؤولٌ عن أُسْرَتِهِ، التي هي اللُّبْنة ُ في المجتمع، فإذا صلُحَتْ صلُحَ المجتمعُ، وإذا فَسدَتْ فَسُدَ المجتمع.
والأسرةُ كأنَّها دولة ٌ إسلامية صغيرةٌ نموذجية ٌ، أو هكذا يجبُ أن تكون، وربُّ الأسرةِ هو الوَلِيُّ والقائِدُ لها، والراعي لأمورِها، يرعى الأطفالَ والزوجة َ والشبابَ وأمورَهم واحتياجاتِهِم... وربُّ الأسرةِ وارعيها غيرُ معذورٍ، إذا قصَّرَ في شأنِها، أو تهاوَن في أمرِها. فهو الذي يرعي شؤون التربيةِ والتصرُّف والعلاقاتِ والصلاةِ والصومِ والدرسِ وفترةِ الطفولةِ والبلوغ والشبابْ... وبِكَلِمَة. فإنَّ مسؤولية َ ربِّ الأسرةِ كبيرةٌ جداً، وهو محاسَبٌ عليها.
هو أيضاً الذي يكونُ نموذجاً لأسْرَتِهْ في أخلاقه وعباداته، وفي عاطفِتِه ورحمِتِه، وفي سهره وحنانه... وفي إرضاعه لهم مبادئ الإسلامِ الحنيف.... يقول مولانا الأميرُ في وصيَّتهِ لأصحابه:" وكان رسول الله (ص) نصِباً تَعِباً بالصلاةِ بعدَ التبشيرِ له بالجنة، لقولِ اللهِ سبحانَهُ: { وَأْمُرْ أهلَكَ بالصلاةِ، وأصطَبِرْ عليها } فَكَان يأمُرُ بِها أهلَهُ، ويَصْبِرُ عَلَيْهَا نفْسَهُ".
ويقولُ- عليه السلام - لمن فرَّغ نفسه للعبادة والتبتُّل، وترَكَ أهلَهُ وعِيالَهُ والقيامَ بِوَاجِبِهم ... ويقول - عليه السلام - " يا عُدَيَّ نفسِهِ، لقد استهام بك الخبيثُ! أما رَحِمْتَ أهلَك وولَدَك!"
وقال - عليه السلام - في بعض حكمه:" إنَّ للولد على الوالِدِ حقاً، وإنَّ للوالد على الولد حقاً ، فحقُّ الوالد على الولد أن يُطيعَهُ في كل شيءٍ، إلا في معصية اللهِ سبحَانَهُ، وحقُّ الولدِ على الوالِدِ أن يُحَسِّنَ اسمَهُ، ويُحَسِّنَ أدَبَهُ، ويُعَلِّمهُ القُرْآنَ"؟
وفي وصيَّته- عليه السلام - لابنه الحسن في ضرورة تحسين الخُلُق مع العيال، قال - عليه السلام -: " ولا يكُنْ أهلُكَ أشقى الخَلْقِ بك".
هذه صورة ٌعامة ٌ وشاملة ٌحولَ المسؤوليةِ الشرعيةِ والعرفية والإنسانية المطلوبِة من ربِّ الأسرة... لكنْ يبقى التحذيرُ من المبالغة في الاهتمام بشؤون الأسرة فوقَ الحدودِ المطلوبة وبطريقة مهووسة غير مدروسة، لأن هذا سيؤثر سلباً على البُنية التربوية، والمستقبليةِ للأولاد، فتظهرُ عليهم مظاهرُ الدلعِ والغنج والميوعة، وتُبنى شخصيتُهم على الاتكالية والتلكؤ والاعتماد على الآخرين والضعفُ الذي يظهرُ من الأهل تجاهَ الأولاد ... لماذا هذا الضعف؟ فإن كان الأولاد مؤمنين فالله أولى بهم... وإن لم يكونوا كذلك، فِلمَ الاهتمامُ بهم؟!.
قال الأمير لبعض أصحابه:" لا تجعَلَنَّ أكثَرَ الناس شُغِلكَ بأهلِكَ ووَلَدِكَ: فإنْ يكنْ أهلُكَ ووَلَدُكَ أولياءَ اللهِ، فإنَّ الله لا يُضيعُ اولياءَهُ، وإن يكونوا أعداءَ اللهِ، فما همُّكَ وشُغلُكَ بأعداءِ الله؟!.
هذه بعضٌ من آراء الأمير- عليه السلام - فيما يتعلق بمسؤوليات ربِّ الأسرة، تجاه أسرِتِه، نسألُ الله تعالى التوفقَ والسدادَ...
السيد سامي خضرا
مقتبسات من نهج البلاغة