كشف مركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني عن وجود نواقص في الاحكام الإسلاميّة في عصر الغيبة لابتعادها عن مصدر التشريع الإسلامي من حيث وجودها النظري والتطبيقي.
واوضح المركز في جوابه على اسئلة وردت له من عدد من المواطنين حول "ما هو الجديد الذي سيأتي به الامام المهدي عجل الله فرجه بعد ظهوره، موضحا ان هنالك أربعة موارد من النقص والقصور.
الاول: الأحكام الإسلاميّة التي لم تعلن للناس أصلاً، بل بقيت معرفتها خاصّة بالله ورسوله والقادة الإسلاميين، وبقيت مستورة عن الناس، ومؤجّل إعلانها إلى زمن ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وتطبيق العدل الكامل.
الثاني: الأحكام التالفة على مرّ الزمن، والسنة المندرسة خلال الأجيال، ممّا يتضمّن أحكام الإسلام ومفاهيمه أو يدلّ عليها. فإنّ ما تلف من الكتب التي تحمل الثقافات الإسلاميّة على اختلافها بما فيها أعداد كبيرة من السنّة الشريفة والفقه الإسلامي، نتيجة للحروب الكبرى من التاريخ الواقعة ضدّ المنطقة الإسلامية، كالحروب الصليبيّة، وغزوات التتار والمغول وغير ذلك.... عدد ضخم من الكتب يعدّ بمئات الآلاف، ممّا أوجب انقطاع الأمّة الإسلاميّة عن عدد مهمّ من تاريخها وتراثها الإسلامي، واحتجاب عدد من الأحكام الإسلاميّة عنها.
الثالث: انّ الفقهاء حين وجدوا أنفسهم محجوبين عن الأحكام الإسلاميّة الواقعيّة في كثير من الموضوعات المستجدّة، والوقائع الطارئة على مرّ الزمن... اضطرّوا إلى التمسّك بقواعد إسلاميّة عامّة معيّنة تشمل بعمومها مثل هذه الوقائع... إلاّ أنّ نتيجتها في كلّ واقعة ليست هي الحكم الإسلامي الواقعي، في تلك الواقعة، وإنّما هو ما يسمّى بالحكم الظاهري، وهو يعني ما قيل من تحديد الوظيفة الشرعيّة للمكلّف عند جهله بالحكم الواقعي الأصلي.وهذا النوع من الأحكام الظاهريّة أصبح بعد الإنقطاع عن عصر التشريع، وإلى الآن مستوعباً لأكثر مسائل الفقه أو كلّها تقريباً ما عدا الأحكام الواضحة الثبوت في الإسلام. ومراد الفقهاء بقطعيّة الحكم هو قطعيّة الحكم الظاهري، أي أنّ هذه الفتوى هي غاية تكليف المكلّفين في عصر الاحتجاب عن عصر التشريع.
الرابع: الأحكام غير المطبقة في المجتمع المسلم، بالرغم من وضوحها وثبوتها إسلاميّاً سواء في ذلك الأحكام الشخصيّة العائدة إلى الأفراد، أو العامّة العائدة إلى تكوين المجتمع والدولة الإسلاميّة.... ومع وجود هذه الجهات من النقص والقصور في الأحكام الإسلاميّة خلال عصر الانفصال عن عصر التشريع، يكون بوسع الإمام المهدي (عجل الله فرجه) إكمال تلك النواقص التي أشرنا إليها، وسيكون له تجاه كلّ نقص موقف معين.
واضاف المركز أمّا بالنسبة إلى الأمر الأوّل فهو واضح كلّ الوضوح، فإنّ الأمّة بعد بلوغها المستوى اللائق لفهم الأحكام الدقيقة المفصّلة، وبعد أن كان الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو الوريث الوحيد من البشر أجمعين لتلك الأحكام غير المعلنة، يرويها عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن الله جلّ جلاله، إذن يكون الوقت قد أزف لإعلان تلك الأحكام، لتشارك في البناء العالمي العادل الكامل ضمن التخطيط العام الجديد بعد الظهور.
وتابع "وأمّا بالنسبة إلى الأحكام التالفة فهو أيضاً واضح جداً، فإنّ المفروض أنّ هذه الأحكام كانت معلنة في صدر الإسلام، وإنّما كانت تحتاج المحافظة عليها وعدم إتلافها إلى مستوى معين من القدرة الدفاعية والشعور بالمسؤوليّة لدى المسلمين، الذي كان قليلاً خلال أجيال المسلمين التي فقدت هذه الأحكام. والإمام المهدي (عجل الله فرجه) بالفهم الإمامي يكون عارفاً بهذه الأحكام عن طريق الرواية عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن الله عزّوجلّ".
واردف "وأمّا بالنسبة إلى الأمر الثالث فواضح أيضاً، بعد الذي عرفناه من أنّ الأحكام الظاهريّة تعني تعيين تكليف الإنسان من الناحية الإسلاميّة، ووظيفته في الحياة عند الجهل بالحكم الواقعي، ذلك الجهل الناشئ من البعد عن عصر التشريع، مبينا إذا كان الفرد مطلعاً على الحكم الإسلامي الواقعي، فيحرم عليه العمل بالحكم الظاهري. والمهدي (عجل الله فرجه) يعلن الأحكام الواقعية الإسلاميّة بأنفسها. وبحدّ تعبير ابن العربي في (الفتوحات المكيّة): ((يظهر من الدين ما هو الدين، عليه في نفسه، ما لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحكم به"))
وقال المركز "أمّا بالنسبة إلى عدم وصول بعض الأحكام الإسلاميّة إلى مستوى التطبيق في عصر ما قبل الظهور فيقوم الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بنفسه بتطبيق الأحكام العامّة، فيؤسّس الدولة العالميّة العادلة الكاملة، ويقوم بإدارة شؤونها".
واشار في ختام توضيحه "بعد أن اتّضح كلّ ما قلناه نعرف بكلّ جلاء ما هو المراد ممّا ورد من: أنّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه) يأتي بأمر جديد، وسلطان جديد".
المصدر:وكالة أنباء الحوزة