روي انه لما كانت ليلة الجمعة عشية عرفة وكان عبد الله قد خرج هو واخوته وابوه ، فبينما هم سائرون واذا بنهر عظيم فيه ماء زلال ولم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء فبقي عبد المطلب واولاده متعجبين ، فبينما عبد الله كذلك اذ نودي يا عبد الله اشرب من هذا النهر ، فشرب منه ، واذا هو ابرد من الثلج ، واحلى من العسل ، وازكى من المسك ، فنهض مسرعا والتفت الى اخوته فلم يرو للنهر اثرا فتعجبوا منه ، ثم ان عبد الله مضى مسرعا الى منزله فرئته امنة طائشا ، فقالت له : مالك ؟ صرف الله عنك الطوارق ، فقال لها : قومي فتطهري وتطيبي وتعطري ، واغتسلي ، فعسى الله ان يستودعك هذا النور ، فقامت وفعلت ما امرها ، ثم جاءت اليه فغشيها تلك الليلة المباركة ، فحملت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فانتقل النور من وجه عبد الله في ساعته الى امنة بنت وهب ، فقالت امنة : لما دنا مني ولامسني اضاء منه نور ساطع ، وضياء لامع ، فانارت منه السماء والارض ، فادهشني ما رأيت ، وكانت امنة بعد ذلك يرى النور في وجهها كانه المرآة المضيئة.
روي انه ولد صلى الله عليه وآله وسلم في يوم السابع عشرة من شهر ربيع الاول في عام الفيل ، وانه ولد صلى الله عليه وآله وسلم عند طلوع الفجر من يوم الجمعة بعد خمس وخمسين يوما من هلاك اصحاب الفيل.
وذكر الطبري ان مولده صلى الله عليه وآله وسلم كان لاثنين واربعين سنة من ملك انوشيروان وهو الصحيح ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ولدت في زمن الملك العادل انو شيروان بن قباد قاتل مزدك والزنادقة .
وكانت ولادته في داره المباركة بمكة ، ثم وهبها النبي صلى الله عليه واله وسلم لعقيل بن ابي طالب.
وتقول امنة بنت وهب ام محمد صلى الله عليه وآله وسلم لما ولد محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسقط الى الارض ، ثم رفع راسه الى السماء فنظر اليها ، ثم خرج مني نورا اضاء له كل شيء ، وسمعت في الضوء قائلا يقول : انك قد ولدت سيد الناس فسيمه محمدا ، واتي عبد المطلب لينظر اليه وقد بلغه ما قالت امه ، فاخذه فوضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي اعطاني هذا الغلام الطيب الاردان ، قد ساد في المهد على الغلمان.
ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتيما حيث توفي عبد الله بن عبد المطلب والد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند رجوعه من الشام في تجارة لابيه عبد المطلب ، فمرض وتوفي من مرضه وزوجته امنة حامل بمحمد صلى الله عليه واله وسلم ودفن جثمانه الطاهر في دار النابغة بالمدينة المنورة.
وروي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لعلي بن ابي طالب عليه السلام : لما خلق الله عزوجل ادم ونفخ فيه من ررحه واسجد له ملائكته واسكنه جنته وزوجه حواء امته ، فرفع طرفه نحو العرش فاذا هو بخمسة سطور مكتوبات ، قال ادم : يارب من هؤلاء ؟ قال الله عزوجل له : هؤلاء الذين اذا تشفع بهم الي خلقي شفعتهم ، فقال ادم : يا رب بقدرهم عندك ما اسمهم ؟ قال : اما الاول : فانا المحمود وهو محمد ، والثاني : فانا العالي الاعلى وهذا علي ، والثالث : فانا فاطر وهذه فاطمة ، والرابع : فانا المحسن وهذا حسن ، الخامس : فانا ذو الاحسان وهذا حسين ، وكل يحمد الله عزوجل .
المصدر: البحار