الشيخ خضر الديراني
بداية نعلم بالوجدان ان الاطفال غالباً ما يشاهدون برامج الكبار وهذا نلاحظه في اسرنا وبيئتنا الاجتماعية ،
ثانياً نحن الكبار أيضاً لا تقتصر مشاهدتنا للتلفزيون على البرامج المخصصة للكبار ،
ثالثاً : الاطفال يسعون دائماً لتقليد الكبار.
من هنا نرى ان الدراسات تشير الى هذا المعنى :
" تفيد الاحصاءات البريطانية ان نصف الاطفال على الاقل من سن العاشرة وما فوق يشاهدون البرامج الموجهة الى الكبار في النصف الاول من السهرة أي حتى التاسعة مساءً .
وثلث الاطفال من عمر13-14 يبقى الى ما بعد العاشرة لمشاهدة برامج الكبار .
وفي أيام العطل يشاهد الاطفال برامج الكبار الى وقت متأخر من الليل .
إن رغبة الاطفال في مشاهدة برامج الكبار قوية جداً الى درجة ان ربع جمهور برامج السهرة هم من الاطفال في سن المدرسة الابتدائية.
وتشير الاحصاءات الامريكية ان اطفال الصفوف الابتدائية يقضون 40% من وقتهم على برامج الكبار ، تزداد هذه النسبة الى 79% في اوساط طلاب الصف السادس ، ... لذلك ليس ثمة وجود لشيء يدعى تلفزيون الكبار .
وقد افاد 75% من الاطفال في بريطانيا ان البرامج المفضلة لديهم هي برامج الكبار وخاصة المتعلقة بالجريمة يليها التمثيليات الهزيلة ، ثم الاستعراضات ، والمسلسلات ، والافلام الغربية ، اما البرامج المصممة والموجهة لهم فلم تكن رائجة ومحبوبة ".
وإذا عدنا الى الدراسة التي أجرتها الكاتبة نهى عاطف العبد على عينة من 480 طفلاً في مصر نجد ان الاطفال يميلون الى برامج الكبار بشكل كبير وذلك من خلال اختيارهم لأهم القنوات التي يشاهدونها ، وقد ذكر في الدراسة اسباب عدم رغبتهم عن مشاهدة برامج الاطفال .
والأسباب قد ذكرتها الدراسة وهي كما يلي :
1-البرامج مملة
2-مستوى البرامج ادنى من مستواي
3-افكار البرامج ليس فيها جديد
4-لا افضل مشاهدة برامج الاطفال
5-افكار البرامج خيالية
6-ليس لدي وقت اثناء الدراسة
7-كثرة النصائح والارشادات
8-مواعيد البرامج غير مناسبة
9-كثرة المضمون الاجنبي
بالخلاصة لا يوجد تلفزيون للكبار وآخر للصغار هناك تلفزيون عام، عندما يقدم مادة جديدة سيشاهد من الكبار والصغار ، لكن الاهم في الامر هو انه يجب التدقيق جيداً في المضامين التي تقدمها المحطات التلفزيونية خصوصاً الاسلامية لانها قد تقع نتيجة الضغوط الانتاجية وما تستهلكه المحطات من كميات كبيرة من المواد فريسة التساهل او التراخي في المضامين التي تعرض على هذه الشاشات لانها ستقع حينئذٍ في التناقض من حيث المضمون حيث نقدم برنامجاً يحمل مضموناً قيماً او اخلاقياً معيناً ثم نقدم برنامجاً آخراً يقدم لنا النقيض سواءً كان ذلك صريحاً او غير مباشر كما هي معظم البرامج الاجنبية والتي غالباً نقدمها على شاشاتنا دون الالتفات الى مخاطرها ومضامينها او التساهل باعتبار انها موجهة للكبار. هذا قد يكون صحيحاً جزئياً لكنه غير صحيح بالمطلق بالنسبة للاطفال لأن الطفل لا يستطيع تعقل هذه الامور او التمييز بينها .
دور الاهل في الارشاد والتوجيه
صحيح ان التلفاز في احد جوانبه يقدم المعلومة والترفيه لكن من الخطأ التعامل معه على انه أم او أب او استاذ او مربي، او التعامل معه كوسيلة آمنة، وللاسف هناك الكثير من العوائل ودور الحضانة والمدارس تتعامل بغباء او باستهتار او بجهل مع هذه الوسيلة.
وضمن هذا الاطار يحدد العالم الدكتور (دافيد انجلاند) بعض النقاط الاساسية كقواعد علمية للمشاهدة الايجابية للتلفزيون ويدعو الاباء الى اتباعها مع اطفالهم في المشاهدة التلفزيونية المشتركة، حيث اكد عليهم وخاطبهم بقوله: (كونوا متأكدين دوماً ان اطفالكم لديهم سبب جيد ومحدد لمشاهدة ما يرغبون مشاهدته، واذا لم يكن لديهم هذا السبب، فبادروا فوراً الى اغلاق الجهاز. كذلك ينبغي ان تصروا على ان يشاهد اطفالكم برنامجاً واحداً في الجلسة الواحدة، وتدخلوا للحد من (المشاهدة التلقائية، وخططوا لجلسات مشاهدة لكل افراد العائلة مسبقاً، ويجب ان يكون هناك واحد من اولياء الامور ليتقاسم المشاهدة مع اطفاله، ان هذه القاعدة وحدها يمكن ان تكون ثورة في عالم مشاهدة الاطفال للتلفزيون، كذلك راقبوا جيداً ما يشاهده ابناؤكم، وكونوا ايجابيين بالتدخل اذا تطلب الامر ذلك، لاتستعملوا التلفزيون عقاباً اوثواباً كونوا نماذج طيبة لأبنائكم، وراقبوا انفسكم فيما تشاهدون.. وشجعوا غيركم على فكرة تدريس التلفزيون في مدارس مجتمعاتكم المحلية)..
وبما ان عناصر تكوين الشخصية متعددة اهمها:
المدرسة – المجتمع – البيت – الاعلام - والدولة، وحيث ان الدولة غائبة والمجتمع لا يمكن الاطمئنان اليه والاعلام متفلت من كل عقال اذاً لا بد من الاستنفار في المدرسة والاسرة للتعويض، هذا اذا كانت المدرسة رسالية ولذلك فالاهل في هذا الزمن في وضع لا يحسدون عليه ومسؤولياتهم كبيرة جداً وتصبح قاعدة دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة قائمة.
ان كل الدراسات الغربية والامريكية اضافة الى العالم العربي تؤكد خطورة التلفاز وتوصي بضرورة حضور ومشاركة الاهل ابناءهم في مشاهدة التلفاز.
لقد سبق الاسلام كل هؤلاء العلماء وكل الدراسات المتخصصة بهذا الشأن وجعل المسؤولية الاولى والاخيرة عن الابناء هي على عاتق الاهل، والاسلام بكل تراثه النصي (قران واحاديث نبوية وروايات اهل البيت عليهم السلام) لا يوجد فيه نص واحد يخاطب به الطفل بالاستقلال عن الاهل، لان الخطاب فرع التكليف وحيث لا تكليف لا خطاب ويبقى ولي الامر هو المسؤول الوحيد عن الطفل امام الله وامام التاريخ، ولذلك فان قول النبي (ص) فابواه اما يهودانه او ينصرانه.. لا يحمل فقط معنى التهويد والنصرنة والتمجيس والعلمنة العمدية بل يحمل ايضا معنى التهويد والنصرنة غير العمدية القائمة على التقصير والاستهتار وما نحن بصدده هو احد ابرز مواردها.
اهم المصادر والمراجع
1-القران الكريم.
2-نهج البلاغة – الامام علي (ع) شرح محمد عبده- دار الذخائر قم ايران.
3-الحدائق الناضرة/المحقق البحراني-مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجامعة المدرسين بقم-ايران.
4-اطفالنا والقنوات الفضائية/نهى عاطف العبد-دار الفكر العربي2005م.
5-وسائل الاعلام والطفولة/د.باسم حوامدة-د.احمد رشيد القادري-د. شاهر ديب ابو شريخ. دار جرير-الاردن ط1 2006م.
6-التلفزيون والاطفال/ د.اديب خضور- دمشق 2003م.
7-اثر وساءل الاعلام على تعليم الاطفال وتثقيفهم/د.عبد الفتاح ابو معال- دار الشروق الاردن 2006م.
8-ورقة عمل مقدمة لورشة عمل حول تنمية المعارف لدى الطفل في مهرجان تونس العربي للاذاعة التلفزيون المنعقد بتاريخ 20 ايلول 2005م – تحت اسم البرامج الموجهة للاطفال (محاولة نقدية) للدكتور هاني مبابك فلسطين.
9-ورقة عمل تحت عنوان: تنمية معارف الطفل بين المدرسة والتلفزيون/ للدكتورة فادية حطيط الامين –لبنان / مقدمة في ورشة العمل السابقة.
10- ورقة عمل تحت عنوان: دور الاسرة والتلفزيون في تنمية معارف الطفل تكامل ام تنافر؟! للدكتورة فاطمة محمد يوسف- مصر/ مقدمة لنفس الجهة السابقة.
11-ورقة عمل تحت عنوان: البرامج العربية الموجهة الى الاطفال، للدكتور منصف العياري/تونس. مقدمة لنفس الجهة السابقة.
المصدر:مركز الأبحاث و الدراسات التربوية