دِلهم بنت عمرو زوجة زهير بن القين
زهير بن القين، دعاه الإمام الحسين (عليه السلام) لصحبته في المسير لكربلاء، فأجاب رسوله: إنه ليس راغباً بمرافقته، فقالت له زوجته: يا سبحان الله! أيبعث إليك الحسين بن فاطمة ثم لا تأتيه؟ ما ضرك لوأتيته فسمعتَ كلامه ورجعتَ! فذهب زهير على كره، فما لبث أن عاد مستبشراً وقد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه ووضعه بجانب فسطاط الحسين (عليه السلام)، فما سر هذا التغيير؟
مخطئ تماماً مَنْ يعتقد أن قيمة دِلهم بنت عمرو، أنها أنجبت زيداً، حتى إن القيمة الحقيقية للمرأة ليست بزيد أو عبيد، وإنما تتضح مكانتها في إرتباطها بالرموز الدينية التي تعاصرها، وكيفية التأثير في الزوج، والإبن، والأخ، وإعداد الأسرة لتعبئتها بجانب معسكر الحق والفضيلة، وزرع مفهوم كرامة الشهادة، والصبر على الشدائد والملمات، لأنها تدرك جيداً أن كربلاء قضية تعني الخلود، رغم رحيل زهير بن القين عنها.
زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي، من كبار شيوخ أهل الكوفة وأشرافها، كان ذو منزلة عظيمة في قبيلته، ورغم إمتناعه في البدء، لكنه بإلحاح من زوجته دلهم بنت مرو، قرر الإستماع لصوت كربلاء، التي رافقته حيث واقعة العطش والفجيعة، وعايشت جرائم بني أمية بحق البيت العلوي في الغاضرية، فسُجل لها هذا الموقف المشرف، ليتقدم زوجها بن القين ويقاتل الأشرار، بكل عزيمة وإصرار هاتفاً: لبيك ياحسين.
نساء التغيير بملحمة الطف، يثبتنَ أن الدور البارز لهنَّ، لم يكن في المسيرة صوب كربلاء، برفقة نساء البيت الهاشمي، بل بعظمة المصاب، وإستشعار خطورة الطغيان الأموي، ومساعيه الخبثية لمحو الدين والعقيدة، ولهذا كان لهنَّ الريادة في ترسيم أسباب الثورة الحسينية، والإصرار على المكاشفة والإستعداد للشهادة، وقناعتهن بأن من مصاديق الظلم نهايته الحتمية، حيث آهات المظلوم لم ولن تضيع، لذلك إستبشرت نساء الأنصار خيراً، فصنعنَ الإنتصار.
امل الياسري