كثيرة هي الأقلام التي تحدثت عن السيدة زينب عليها السلام ودورها في واقعة الطف والأحداث التي أعقبت تلك الثورة إلا أنها اختلفت في مضمون خطابها فالبعض عد وجودها وسيلة من وسائل الضغط التي استخدمها الإمام الحسين عليه السلام والبعض الآخر اختصر دورها بالإعلام عن نتائج الثورة والبعض الآخر تناول الأمر بشكل عاطفي بحت فاختلق صوراً ومواقف رسم فيها ملامح الضعف والذلة بهدف استدرار الدمعة وتهييج المشاعر والأحاسيس.
ولعل هنالك حقائق مغيبة تكمن في أن خروج السيدة زينب مع أخيها الحسين عليهما السلام لم يكن وليد اللحظة التي انطلقت بها القافلة بل إن الإعداد لتلك المصاحبة كان مخططاً له في وقت سابق. يتضح ذلك في اشتراط الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على عبد اللّه بن جعفر عندما تقدم لخطبتها بالسماح لها بالخروج مع أخيها الحسين لنلمس من ذلك الموقف بل نتيقن بأن هنالك إعداد وتهيئة مسبقة للسيدة زينب عليها السلام لأداء مهام وأدوار مهمة في كربلاء.
وبالتالي فإن مراجعة ما وثقته كتب التاريخ عن السيدة زينب وجمع وجهات النظر نجد أن من غير المنطقي أن يختزل دور السيدة زينب بموقف معين أو حادثة عفوية أو مفردة بسيطة بل إنها جمعت عدة أدوار ومواقف يعجز المداد عن وصفها، حيث إن الامام الحسين عليه السلام حينما اصطحبها معه إلى كربلاء قلد بذلك جده رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصطحب معه بعض زوجاته وعدداً من النساء اللواتي شهد التاريخ ببطولتهن ومواقفهن الخالدة في معارك عدة، وبالتالي فإن السيدة زينب أعطت زخماً معنوياً كبيراً للإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ولعل كُتاب المقاتل يذكرون أن الإمام الحسين كان كلما يستشهد أحد أولاده يرجع إلى خيمة السيدة زينب لتعينه على ألم المصاب بل إن الروايات أكدت أنها في ليلة عاشوراء شحذت همم الأنصار كذلك، فضلا عن موقفها في منع الإمام زين العابدين الذي انصاع لكلمتها وعكف عن الخروج ليقاتل ويقتل دون أبيه الإمام الحسين حتى لا تخلو الأرض من نسل محمد وآل محمد.
كما أن للسيدة زينب دوراً مهماً في الحفاظ على العائلة والأطفال من التشتت والضياع نتيجة الهجمات التي تعرضت لها الخيام، فضلا عن دورها البارز في تأليب الرأي العام في الكوفة ومخاطبة أهل الشام وفضح الماكنة الإعلامية الأموية على الرغم من تأثيرها في المجتمع آنذاك، بل إن تصديها لإلقاء خطبة في الكوفة دون الإمام السجاد عليه السلام ساهم بالحفاظ على حياته من أن يقتل قبل نزوله من على المنبر وأتاحت الفرصة له لإلقاء خطبته في مجلس يزيد.
كما أن هنالك مواقف كثيرة من الصعب حصرها في هذه الأسطر ولعل أبرزها الوقوف بوجه المجتمع الذكوري آنذاك الذي كان يعتبر المرأة أداة من أدوات المنزل بل إنها خلقت للرجل فأثبتت لذلك المجتمع أن دور المرأة لا يقل أهمية عن دور الرجل إذا ما نقول إنه يفوق ذلك في مواقف معينة، فضلا عن رسم صورة مميزة للمرأة في تحمل الصبر والحفاظ على الحجاب في أحلك الظروف وعدم الضعف ومشروعية الجهاد والمحافظة على الصلاة الواجبة والمستحبة في المصائب وشكر الله والثناء له عند الشدائد.
ختاما فالسيدة زينب شخصية جمعت فصاحة وحكمة أبيها علي وعفة أمها الزهراء وصبر أخيها الحسن وشجاعة أخيها الحسين ووفاء العباس عليهم السلام.
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة