ومات ـ يعني يزيد بن معاوية ـ سنة أربع وستين، لكن عن ولد شابّ صالح، عهد إليه، فاستمرّ مريضاً إلى أن مات، ولم يخرج إلى الناس، ولا صلّى بهم، ولا أدخل نفسه في شيء من الأمور، وكانت مدة خلافته أربعين يوماً، وقيل: شهرين، وقيل: ثلاثة أشهر، ومات عن إحدى وعشرين سنة، وقيل: عشرين. قال: ومن صلاحه الظاهر، أنه لما ولي، صعد المنبر فقال:
"إن هذه الخلافة حبل الله، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحقّ به منه؛ علي بن أبي طالب(ع)، وركب بكم ما تعلمون، حتى أتته منيّته، فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثم قلد أبي الأمر، وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول الله(ص)، فقُصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه"
ثم بكى وقال:
"من أعظم الأمور علينا، علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله(ص)، وأباح الخمر، وخرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة، فلا أتقلد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدنيا خيراً، فقد نلنا منها حظاً، ولئن كانت شراً، فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها"
قال: ثم تغيّب في منزله حتى مات بعد أربعين يوماً، كما مرّ. فرحمه الله، أنصف من أبيه، وعرف الأمر لأهله.
[الصواعق المحرقة لابن حجر، ص ١٣٤]