ثمة سؤال يطرح: لماذا قتل الإمام الحسين (عليه السلام) لا ينسب إلى الله تعالى، بل إلى فعل الطغاة؟
السؤال بالتفصيل: ورد في كلام الإمام السجاد (عليه السلام) مع اللعين عبيد الله بن زياد في الكوفة بعد ما قال للأمام أليس قد قتل الله عليا؟ فقال الإمام كان لي أخ يقال له علي بن الحسين قد قتله الناس،قال أبن زياد: بل( قتله الله).فقال الامام زين العابدين (عليه السلام): "الله يتوفى الأنفس حين موتها." فهل نفى الإمام (عليه السلام) قتل الله للأنفس مطلقا؟ وكيف الربط مع آية 17 من سورة الأنفال.
وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع الديني السيد علي الحسيني السيستاني.
الجواب: إن عبارة الإمام(عليه السلام) فيها ثلاثة إحتمالات:
1- أنه(ع) ينزه الله تعالى من فعل الشر حيث أن قتل الإمام الحسين(عليه السلام) ومن معه شرٌّ وجريمة لا يمكن نسبتها إلى الله تعالى فالله تعالى منزه عن فعل الشر.
2-أنه(عليه السلام) قد فهم من قرائن حالية لابن زياد بأنه كان يقصد التشفي وإظهار كونه صاحب الحق وأن الله تعالى ساعده ونصره على الإمام الحسين(عليه السلام) وأعوانه فنسب قتل الإمام الحسين(عليه السلام) لله تعالى كما قال تعالى حينما نصر المسلمين في بدر (( فَلَم تَقتُلُوهُم وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُم وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبلِيَ المُؤمِنِينَ مِنهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (الأنفال:17)، ولذلك نرى أن الإمام تصدى له وجابهه ولم يسكت على كلامه بل أصر على بيان أنه مبطل وأنه ظالم وأن الله تعالى مع الحسين وحزبه لا معهم ولذلك نرى أن ابن زياد اغتاظ واستشاط غضباً وأمر بقتل الإمام السجاد(عليه السلام).
3- إن الإمام السجاد(عليه السلام) إنما تصدى لابن زياد حينما قال ذلك لأنه يعلم بأن بني أمية كانوا يروجون وينشرون بين الناس ثقافة الجبر والتكميم لأفواه الناقمين والناقدين، وأن لا مدخلية للإنسان ولا إرادة في كل ما يجري وإنما الفاعل والمريد هو الله تعالى وحده ولا يكون إلا ما يريده الله (عز وجل) ،فتصدى له (عليه السلام) لبيان فساد قوله وإثبات الاختيار للإنسان كما قال تعالى (( وَهَدَينَاهُ النَّجدَينِ )) (البلد:10) و (( إِنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً )) (الإنسان:3)، فذكر الإمام (عليه السلام) شاهداً واضحاً وصريحاً من القرآن الكريم ينسب توفي الأنفس لله تعالى بعد أن تموت دون أن ينسب الإماتة للذات المقدسة (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوتِهَا )) (الزمر:42)، مع أنه تعالى هو المحيي والمميت حقيقة ولكن بحسب الاستعمال لا تنسب الإماتة إلى الله تعالى دائماً وإنما يعرف المراد منها بحسب القرائن ومناسبات الاستعمال وفرّق الإمامُ (عليه السلام) بين التوفي وبين الإماتة هنا لبيان عدم التلازم بينهما وعدم إتحادهما.
وأما القتل فلا ينسب إلى الله تعالى إلا على نحو الاستحقاق أو الانتقام أو نصر المؤمنين وأما قتل الأنبياء أو الأولياء والصالحين والمؤمنين فلا يمكن نسبته إلى الله تعالى على الخصوص لئلا يتوهم أحد نفي الغرض حيث أن الله تعالى لم يستعمل في القرآن الكريم لفظة القتل إلا بالفاعل الحقيقي ولا يمكن أن يقتل الله أوليائه، فلم ينسبه إليه إلاّ مع استحقاق المقتول للقتل، وأمّا نسبة القتل للمباشر والفاعل القريب فكثير في القرآن وهو الأكثر استعمالاً وإرادة
حيث أن الله تعالى رسخ هذا المفهوم بكثرة، فحينما يأتي إبن زياد ومرجانة لعنه الله ويدعي أن الله تعالى هو من قتل الحسين وجيشه فإنه يدعي بأن هؤلاء مستحقون للقتل فقتلهم الله، تعالى الله عن قول ابن زياد علواً كبيراً ولذلك وجب على الإمام (عليه السلام) التصدي له رغم ظرفه الصعب والخطورة البالغة في هذا الموقف كما اتضّح ذلك جليّاً من ردّ فعل ابن زياد.
المصدر:وكالة أنباء الحوزة