وتعود عاشوراء...

الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 - 09:24 بتوقيت غرينتش
وتعود عاشوراء...

النهضة الحسينية – الكوثر:

 

وتعود عاشوراء.. عابقةً بأنفاس الحريَّة والإباء.. تعود مزيّنةً بألوان الفجر، رافعةً راية الحسين.. والحسين ما كان يوماً شخصاً؛ إنّه الرّمز لكلّ ما هو جميل وبهيّ، إنّه العنوان لكلّ عزّة وكبرياء، والمنارة الّتي نهتدي بها لمواجهة كلّ طاغوت ومجرم ومسيء إلى إنسانيّتنا وحرّيّتنا وكرامتنا.

 

عاشوراء ليست قطعةً من الزّمن مرَّ وانتهى؛ إنّها الزَّمن الّذي يتجدَّد في كلِّ حين وكلّ آن، هي العدَّة والعتاد والمؤونة الّتي نحملها معنا أينما توجَّهنا، حتّى لا نتوه ولا نضيِّع بوصلتنا يوماً.. حتّى لا نهون ولا نسمح بالاستهانة بنا.. حتّى نحمل إيماننا شعلةً لا تنطفئ.. حتّى نبقى أقوياء شجعاناً لا نهاب الموت في سبيل قضايانا وحرّيّتنا.. حتّى لا نمكّن أيّ معتدٍ على حقِّنا ووجودنا من الانتصار علينا...

 

عاشوراء على فجيعتها وضخامة حدثها هي نعمة؛ لأنّها مخزن الثَّورة، تمدّنا بالعزيمة والقوَّة والإرادة الصَّلبة الّتي لا تلين، تزوِّدنا بالشَّجاعة لمواجهة أعتى الظّروف وأقساها، لنبقى منتصرين مرفوعي الرّؤوس، لنواجه الموت، إن فرض علينا، مبتسمين لا خائفين.

 

إنَّ ثورةً تحت شعار "هيهات منَّا الذّلّة" لهي ثورة مجيدة، لأنّها تعلِّمنا أن لا نخضع لذلٍّ ولا هوان، أن لا نستكين لظلم ظالم، ولا نستهتر بعَبرة مظلوم، أن لا نسكت على ضيم، ولا نبرِّر فحشاء ولا منكراً...

 

في الأيَّام القادمة، سنسمع صوت الحسين هدّاراً يزلزل عرش كلِّ جبروت، وسنرى زينب تحمل الرَّاية وترفعها عالياً وتواجه الطّاغوت وتكمل المسيرة بثبات، وسنرافق العبّاس في شجاعته وإيثاره وتضحيته الغالية الّتي لا تعرف الحدود، وسنعيش أيّاماً محمَّلة بالعزّ والفخار مع كلِّ الآل والأصحاب...

 

غداً سنبكي الحسين؛ بكاء العاشقين للحريَّة، بكاء الأباة المؤمنين بأنَّ الحياة وقفة عزّ، وإلّا فلا قيمة لها ولا معنى، غداً سنرفع جباهنا ورؤوسنا عالياً، نحدِّق بالرّؤوس المرفوعة على الرّماح، ومن خلفها بالشَّمس، كما عوَّدنا صاحب القضيَّة الشَّهيد، غداً نحمل الرّاية ونعاهد البطل على إكمال المسيرة، فإمَّا العيش بعزّ، وإمَّا سلوك طريق الشَّهادة، وفي الحالين، يكون الانتصار...

سوسن غبريس