وجاء ترشيح الحزب للرئيس السوداني البالغ من العمر 74 عاماً والقابض على زمام الحكم في البلاد منذ 29 عاماً، رغم أن الدستور السوداني لا يسمح له بأكثر من ولايتين رئاسيتين.
ووفقاً لوكالة الأنباء السودانية الرسمية فإن الحزب الحاكم عدل من نظامه الأساسي بما يسمح للبشير بالبقاء رئيساً للحزب، وأشارت الوكالة إلى أن مجلس الشورى لحزب المؤتمر الوطني وفي ختام إجتماعات إستمرت يومين أجاز الجمعة الماضية تعديلات في النظام الأساسي له بحيث إستثنى المنصب من بند الفترتين.
الخطوة لاقت معارضة من قبل الأحزاب السياسية المعارضة ورأت فيها تكريساً لحكم الفرد وحجر عثرة في سبيل تبادل السلطة بل إنها لاقت معارضة من داخل الحزب الحاكم نفسه حيث أبدى أمين حسن عمر أحد قياداته البارزة إعتراضه عليها، مؤكداً أن دستور السودان لايسمح بها.
فيما كشفت مصادر سودانية أن دولاً غربية طلبت من قوى المعارضة توحيد صفوفها والتنسيق لخوض الإنتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة لمنافسة الرئيس عمر البشير من أجل إحداث توازن سياسي.
والمعارضة شكّكت في إمكان إجراء إنتخابات حرة ونزيهة لجهة سيطرة الحزب الحاكم على الإعلام وإستئثاره بالسلطة وإستخدامها في محاصرة منافسيه.
ووعد البشير خلال كلمته في مؤتمر شورى حزبه بحلّ ناجع وسريع لمشاكل البلاد الإقتصادية، الأمر الذي إذا تحقق فإنه سيشكّل صمام أمان له ولحزبه أمام الحراك الشعبي المتصاعد في الآونة الأخيرة وسيضمن له ولاية ثلاثة في إنتخابات 2020.
كما تفاخر البشير بإنتمائه للحركة الإسلامية وقال : "إن السودان كان أمامه عروض مغرية لفك الضائقة الإقتصادية لكن تكلفتها عالية من رصيد الكرامة الوطنية، لذلك رُفضت هذه العروض".
ولعله أراد إيصال رسالة إلى السعودية والإمارات يؤكد خلالها رجوعه إلى نقطة البداية بعد أن خابت آماله ولم يجنِ من مشاركته لهم في عدوانهم على اليمن والتي كانت ولاتزال موضع إعتراض شعبي كبير وقد تعالت الأصوات في الآونة الأخيرة حتى داخل أروقة البرلمان السوداني، مطالبةً بسحب القوات السودانية التي تقاتل في اليمن، الأمر الذي يصعب على البشير تجاهله لاسيما أنه شعر بإحباط بعد تنكر الرياض وأبوظبي له وتجاهلهما لأزمات بلاده الإقتصادية التي كان آخرها أزمة الوقود الأخيرة التي أشعلت الشارع وكادت أن تخرج عن السيطرة، ما أثار حفيظة الخرطوم فإمتلأت الصحف المحسوبة على الحكومة بعناوين أظهرت إمتعاض قادة البلاد من سياسة التجاهل السعودية الإمارتية لأزمات البلاد وعدم وقوفهم إلى جانب السودان الذي زجّ بأبنائه وفلذات أكباده في حرب لا ناقة له فيها ولاجمل ولم يكن لهذه الصحف أن تطلق لسانها وتنتقد لولا تلقيها الإشارة الخضراء من قبل القائمين على الأمر.
ورأى مراقبون أن البشير وبعد زيارته لروسيا في تشرين الأول/ نوفمبر 2017 والتي وُصفت بـ "إنقلابه الثاني" وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان والتي تمخضت عن توقيع إتفاقية مع الأتراك لإعادة تأهيل ميناء "سواكن" الأثري وإدارته مما أثار حفيظة أبوظبي ورأت فيه تجاوزاً للخطوط الحمراء ، جاءت هذه الرسالة للإعلان عن مرحلة جديدة عنوانها تصحيح المواقف والرجوع إلى المربع الأول فالوعود السعودية الإمارتية برفع إسم السودان من قائمة العقوبات الأمريكية وحلّ أزمة المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق البشير لم تفلح في حلّ مشاكل البلاد وأزماتها الإقتصادية وبات واضحاً لصناع القرار في الخرطوم أن واشنطن لاتُعير إهتماماً لمن لايدفع وليس لدى الخرطوم ما يثير أطماع رجل البيت الأبيض وبالمقابل لم يعد لدى الرياض وأبوظبي الغارقتين في مستنقع اليمن ما يكفي لإسترضاء ترامب.
* اسامة الشيخ