الأخبار
سرّ رئيس الجمهورية في التأليف يُقيم في صهره
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “يغالي الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر مما ينبغي ــ وبالتأكيد أكثر بكثير مما يصدّقه اللبنانيون ـــــ في القول إنه هو الذي يؤلف الحكومة. الدستور يمنحه ورئيس الجمهورية هذا الاختصاص، ما داما يتساويان في توقيع المرسوم. لكن الطبيعة اللبنانية تحرمه إياه.
تقليدان اثنان لم يتغيّرا البتة منذ اتفاق الدوحة عام 2008. أولهما، أن الرئيس المكلَّف تأليف الحكومة ليس هو بالممارسة ـــــ لا في النص ـــــ مَن يؤلف الحكومة التي سيرأَس. ثانيهما، أن الدور الذي يضطلع به الوزير جبران باسيل في تأليف الحكومة الجديدة هو نفسه الدور الذي أداره الرئيس ميشال عون مذذاك حتى انتخابه رئيساً للجمهورية.
ليس أدلّ مثال على ذلك، شريط تأليف الحكومات المتعاقبة منذ الرئيس فؤاد السنيورة عام 2008 إلى الرئيس تمّام سلام عام 2014. لا تخرج حتماً على هذه القاعدة حكومة تصريف الأعمال مع الرئيس سعد الحريري عام 2016، وإن لم يطبعها هذان التقليدان على نحو نافر في مطلع العهد. هذه المرة، أصبح عون على رأس الجمهورية، وانتقل باسيل من مكانة «الوزير المدلل» لدى عمّه في حكومات 2008 ـــــ 2014 إلى دور المفاوض الرئيسي للرئيس المكلف بصفتين متلازمتين: أنه المكلَّف من الرئيس، ويحظى بثقة غير مشروطة في كل ما يدلي به أو يقترحه أو يشترطه، كأن الرئيس هو الذي يفعل، وأنه يرأس الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان.
ليست مفارقة أنها المرة الأولى منذ اتفاق الطائف، يتزعم المسيحيون الكتلة النيابية الأكبر، شأن ما كانوا ـــــ مع حلفائهم ـــــ في ظل الكتلة الدستورية للرئيس بشارة الخوري في عقد الأربعينيات ومع «الحلف الثلاثي» في منتصف عقد الستينيات حتى نهايته.
على مرّ سني 2008 ــــ 2014 حظي الرئيس المكلف بغالبية مرجّحة، لكنه لبث في تكليفه أشهراً طويلة بسبب الشروط التي كان يفرضها عليه عون حينذاك، رئيس التيار الوطني الحر، كي يوافق على مشاركته في الحكومة. أولها عام 2008 بإصراره على حقيبة الاتصالات، وآخرها عام 2014 بإصراره على حقيبة سيادية هي الخارجية. رجله الدائم هو باسيل الذي تسبّب طوال 135 يوماً ـــــ مع سواه ـــــ في تأخير تأليف الحريري حكومته. شرطا الجنرال: توزير باسيل رغم خسارته انتخابات ذلك العام، وتمسكه بحقيبة الاتصالات، وإلا فحقيبة الطاقة إلى أن نال الأخيرة.
لا حاجة إلى جهد استثنائي في مراجعة تأليف حكومات ما بعد اتفاق الدوحة، إذا كان لا بد من استثناء تلك التي سبقتها في ظل سوريا في لبنان فلم تكن أحسن حالاً. أفصحت الحكومات تلك عن أن التكليف في وادٍ، والتأليف في وادٍ. في الأول يُسقط من يد رئيس الجمهورية موقفه كونه ملزماً نتائج الاستشارات النيابية الملزمة التي تفرض ـــــ بما يشبه الانتخاب لكن في قصر بعبدا ـــــ تسمية الرئيس المكلف. في الثاني شأن مختلف تماماً. ما إن تُكلّف الشخصية السنّية الحائزة غالبية نيابية تأليف الحكومة حتى يخرج الاستحقاق من متن الدستور كي يهبط بين أيدي الأفرقاء السياسيين الذين باتوا يمثلون ــــ متفرّقين ــــ موازين القوى في الشارع، بعدما نجح السوريون في حصرها بهم ما بين عامي 1990 و2004 على أنهم هم الناطقون باسم حلفائهم.
على نحو كهذا، رسم الأفرقاء اللبنانيون وارثو الدور السوري ـــــ وقد انضم إليهم فريقان لم يكونا في عداد الحقبة المنصرمة هما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ـــــ تقاليد تأليف حكومات ما بعد اتفاق الدوحة. واجهتها المزعومة الرئيس المكلف، وصانعوها الفعليون هم الكتل الكبيرة:
أولها، التنازع على الحقائب السيادية الأربع، مع أن هذه أُدرِجت للمرة الأولى في حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1990 ولم تنقطع مذذاك. لم تكن في أيٍّ من الحكومات المتعاقبة مشكلة. بيد أنها منذ اتفاق الدوحة أضحت شرطاً لازماً ليس لتأليف الحكومة فحسب، بل للتناحر عليها بين الطوائف الأربع الرئيسية الموارنة والسنّة والشيعة والأرثوذكس، الذاهبة أكثر فأكثر إلى تكريس حقائب بعضها لطائفة دون أخرى.
ثانيها، تحوّل حقائب إلى ما يشبه «دويلات» لأحزاب تتشبّث بها بعناد غير مسبوق، فلا تبصر الحكومة النور من دونها: حقيبة الداخلية بعد حقيبة الاتصالات «دويلة» تيار المستقبل، مثلما حقيبة الطاقة أمست «دويلة» التيار الوطني الحر والتحقت بها منذ عام 2014 حقيبة الخارجية والمغتربين، فيما بدأت حقيبة المال منذ حكومة سلام تتحول «دويلة» الثنائي الشيعي، وإن لأسباب يُعزى بعضها إلى اتفاق الطائف، والبعض الآخر إلى جلوس المثالثة على طاولة الليرة اللبنانية.
ثالثها، أن الكتل الرئيسية ـــــ الشريك الفعلي غير الملحوظ في الدستور ـــــ بات كل منها يملك «فيتو» حقيقياً لتعطيل التأليف، ما لم تُلبَّ شروطه، أو يجاري تسوية الدقائق الأخيرة. أضحى هؤلاء هم الذين يؤلفون الحكومة، لا الموقّعان الوحيدان في مرسومها. الواضح أن هذا القياس لا يأخذ بالضرورة تساوي الأحجام. لا حكومة ما لم يرضَ النائب السابق سليمان فرنجية بالحقيبة الممنوحة لوزيره، من دون أن يرأس كتلة في حجم كتل الرئيس نبيه برّي والحريري وحزب الله والتيار الوطني الحر والنائب السابق وليد جنبلاط والقوات اللبنانية. في حكومة تصريف الأعمال ــــ وكان نوابه ثلاثة منذ انتخابات 2009 ـــــ تشبّث بحقيبة الاشغال العامة والنقل إلى أن حصل عليها. بذلك، فإن توازن القوى ــــ لا الأحجام المنتفخة ـــــ هو الذي يصنع الحكومات.
قد يكون أنموذج النائب طلال أرسلان، بعدما ضُم إليه ثلاثة نواب موارنة بالإعارة من التيار الوطني الحر، خير دليل على قوة «الفيتوات» المتبادلة. اليوم يتقن حزب القوات اللبنانية للمرة الأولى منذ دخوله الحكومات عام 2005 لعبة «الفيتوات» التي حُرم إياها. أحجم عن المشاركة في حكومتي الرئيسين نجيب ميقاتي وسلام بسبب شروط رئيسه سمير جعجع، لكنهما تألفتا رغماً عنه، ولم يكن قد عثر وقتذاك على «الفيتو» كالآن. الواضح أن حزب الكتائب يكاد يكون الوحيد اليوم بلا «فيتو» بسبب وجوده في أرض بور، ينبت فيها الخصوم لا الحلفاء.
رابعها، أن الأفرقاء إياهم لا يكتفون بتحديد أحجامهم في الحكومة إلى حد فرضها على رئيسي الجمهورية والحكومة، بل يتشبّثون بحقائب لا يتزحزحون عن المطالبة بها ــــ وأبرزها تلك المدرارة ــــ وهم، لا الرئيسان، يسمّون الوزراء. الواقع أن تحديد الأحجام وتوزيع الحقائب وإنزال الأسماء فيها في صلب الصلاحية المنوطة نصاً بالرئيس المكلف على أنه هو الذي يؤلف الحكومة، فيما الدائر حتى الآن لا صلة نسب له بالرئيس المكلف العالق في موقف محيّر: ينتظر أن يزوره باسيل الذي بدوره لا يستعجل مقابلة الحريري، ويقلب قاعدة التأليف، إذ يطلب منه هو التنازل. فإذا الرجل أقرب ما يكون إلى المفتاح الفعلي للحل. المعلن في موقفه أنه هو الذي يقول ماذا تكون حصة جنبلاط وجعجع، وهو الذي يشيل من يد ويضع في أخرى كي يوزّر أرسلان، وهو ـــــ لا الرئيس المكلف ـــــ يضع معايير التوزير كي يقول إنه صاحب حصة الأسد.
ألم يكن ذلك ـــــ وإن جزئياً مرتبطاً بالحصة المسيحية حصراً ــــ دور عون قبل انتخابه رئيساً؟ لا يضيره اليوم ـــــ وهو رئيس للدولة ـــــ أن يستمر هذا الدور فضفاضاً في التيار الوطني الحر بعدما أصبح جبران باسيل رئيسه.
الأكيد أن سرّ الرئيس في التأليف يُقيم في صهره.
الجمهورية
البنك الدولي يستغرب إهمال قروض ميسّرة.. والحكومة ما زالت متعسّرة
وتناولت صحيفة الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “لا يختلف اثنان في هذا البلد على انّ الوضع الاقتصادي متأزم الى حدّ انه يتأرجح على حافة هاوية خطيرة. ولا يختلف اثنان ايضاً على انّ الممسكين بزمام السلطة، متهمون، الى أن يثبت العكس، بأنهم متواطئون، في إيصال البلد الى الدرك الاسفل. فيما هم يعرفون انّ هذا الوضع المتأزم صار في أمَسّ الحاجة الى جرعة منشطات تنفخ فيه بعض الحياة، او حتى الى قشّة يتشبّت بها لكي لا يغرق أكثر.
الخزينة شبه خاوية، وهذا لسان حال أهل السياسة كلهم، قبل الخبراء في المال والاقتصاد، ومن الطبيعي امام هذا الوضع ان تتصاعد شكاوى الناس، وأن يجاهروا بخوفهم من المجهول الذي يكمن لهم اذا ما استمر هذا المسار الانحداري من دون ان تبادر يد إنقاذية وتلتقطه قبل فوات الأوان، ولكن ما هو غير طبيعي أن تتصاعد شكوى العالم من العقلية التي تحكم لبنان، وترفض، ان تتلقّف اليد التي تمتد لتقديم المساعدة ورفد الخزينة بما يغذيها وينعش الاقتصاد ببعض الهواء.
هو وضع شاذ، محيّر للخارج قبل الداخل، وفيه تتزاحم الاسئلة عن سرّ هذا الرفض، وموجباته، والغاية منه، هل هو مقصود؟ هل هو ناجم عن جهل؟ او عن عجز؟ او عن قصور؟ أو عن تقصير؟ او عن كيد؟ او عن مزايدة؟ او عن رغبة في سمسرة وعمولات؟ أو عن اشتراط تحديد حصة مسبقة لهذا وذاك من النافذين وأصحاب الأمر؟
مناسبة هذا الكلام، زيارة وفد البنك الدولي الى بيروت في الساعات الماضية، والتي بَدت انها تذكيرية بأنّ لبنان مقصّر في حق نفسه، لا بل ظالم، خصوصاً عندما تتبدّى حقيقة عبّر عنها مطّلعون على اجواء زيارة الوفد مفادها «يبدو انّ قلب الخارج على لبنان، وقلب المسؤولين فيه على الحجر»!
ملياران ينتظران
فزيارة وفد البنك الدولي الى بيروت، كانت لافتة للانتباه في توقيتها كما في مضمون الرسائل التي حملها الوفد الى المسؤولين. وخلاصتها «آن الأوان لتنقذوا بلدكم».
وتأتي الزيارة بعد تحركات قام بها ممثلو البنك الدولي في لبنان في الفترة الاخيرة، لإقناع السلطات اللبنانية بضرورة الاسراع في استخدام الاموال المخصصة من قبل البنك للبنان، والتي تقدّر بحوالى ملياري دولار.
وقد ترأس الوفد، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج، المعروف عنه أنه يعرف لبنان جيداً. إذ سبق له ان عايَش الأزمة نفسها عندما كان يشغل منصبه في بيروت، وكان يشكو من إهمال الوزارات المختصة تنفيذ مشاريع مؤمن تمويلها من البنك الدولي. وهو يعود اليوم الى لبنان، إنطلاقاً من منصبه الجديد، لمتابعة الملف نفسه والمتعلّق بتقاعس السلطات اللبنانية في استخدام اموال مخصصة لمشاريع إنمائية وبنى تحتية، ويمكن ان يخسرها لبنان اذا لم يستخدمها في الفترة المحددة لذلك.
وقد التقى بلحاج في زيارته امس، كلّاً من رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل.
وفي معرض ردّه على الاسئلة، أشار بلحاج بوضوح الى انّ الوضع الاقتصادي في لبنان دقيق، لكنه طمأن الى انه «ليس هناك خوف» من الانهيار.
بعبدا
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ وفد البنك الدولي لفت نظر كبار المسؤولين الى مصير القروض الممنوحة الى لبنان من ضمن المحفظة المالية المخصّصة له. وانّ رئيس الوفد لفتَ رئيس الجمهورية، خلال لقائه في قصر بعبدا، الى انّ محفظة المليارين من الدولارات المخصصة للبنان ما زالت محفوظة له. ولكنه أشار الى انّ سلة من هذه القروض التي تقّدر بحدود مليار و200 مليون دولار من اصل المليارين ما زالت تنتظر إقرارها في مجلس النواب، بعدما أقرت في المؤسسات المختصة.
وبحسب المصادر، فإنّ رئيس وفد البنك الدولي أبلغ رئيس الجمهورية انّ لبنان يستطيع ان يغيّر وجهة استخدام هذه القروض الميسرة وتخصيصها لأيّ هدف آخر غير الوجهة المحددة سلفاً. كأن تنقل مثلاً من قطاع الى آخر وفق أولويات لبنان وحاجاته التي تقدرها السلطات المعنية في هذه المرحلة.
وعما اذا كان الوفد قد حدد مهلة معينة للبت بسلة القروض هذه، قالت المصادر «انه لم يحدد اي مهلة معينة». ولكنه لفت الى الإسراع بها لتكون في خدمة لبنان، وخصوصاً إذا كانت ستتغير وجهة استخدامها في قطاعات إنتاجية، كما أشار رئيس الجمهورية عندما أبلغه انّ لبنان يتجه بعد الإنتخابات النيابية الى تنفيذ «إصلاحات اقتصادية تساعد على تحقيق النهوض الاقتصادي المنشود وتفعيل قطاعات الانتاج».
وانتهى الوفد الدولي الى توجيه دعوة صريحة الى ملاقاة لبنان للمجتمع الدولي بخطوات تعهّد بها ليحظى بالدعم المقرر في المؤتمرات الدولية، ومنعاً من ان تتبخّر بعض الوعود التي تمّ ربطها ببعض الإصلاحات مهما كانت قاسية ولا سيما تلك التي تتصل بمكافحة الفساد والحد من تنامي الدين العام وكلفته الباهظة تغزيزاً للثقة التي يحتاجها لبنان.
عين التينة
وعلمت «الجمهورية» انّ عرضاً مستفيضاً أجراه الوفد مع رئيس مجلس النواب، الذي استغرب عدم المبادرة من الاستفادة من هذه الفرصة السانحة لإنعاش الاقتصاد. وهو الأمر الذي انطلق منه بري ليشدّد مجدداً على تشكيل الحكومة في اقرب وقت ممكن، وان كل تأخير يحمل المزيد من الأذية للبلد واقتصاده.
ولم يرَ بري أمام زواره، مبرّراً لهذا التأخّر المستغرب في الاستفادة من هذه الفرصة، فعدم تأليف الحكومة أحد العوامل الاساسية لهذا التاخير. لدى البنك الدولي محفظة للبنان بما يزيد عن ملياري دولار، الجزء الاساس من هذين المليارين مخصّص لقطاع الكهرباء. وصار اكثر من مُلحّ ان يُعمل على إنقاذه، ومن هنا نحن قلنا في السابق انّ موضوع بواخر الكهرباء هو عبء على البلد وعلى الخزينة وليست الحل ابداً، في الماضي كنّا ضد البواخر، وصوّتنا ضدها، والآن نحن ضد البواخر، وسنبقى ضدها».
نصائح
واللافت في اللقاء هو النصيحة التي أسداها الوفد بوجوب ان يستجيب لبنان لهذا الدعم ويقوم بما عليه للافادة منه في القطاعات التي يحتاجها، ولعل الخطوة الاولى هي تشكيل حكومة تقوم بما عليها حول هذا الامر، وهي نصيحة، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انها تتقاطع مع سلسلة نصائح يتلقّاها لبنان من جهات خارجية، وغربية على وجه الخصوص للإسراع في تشكيل الحكومة، وهذا ما لمسناه من وفد البنك الدولي الذي يربط كل ما هو مقرّر للبنان بتشكيل حكومة تعمل، وتقوم بالمطلوب منها لإنعاش اقتصاد بلدها، خصوصاً انّ كل تأخير يُراكم اضراراً كبرى قد يصل من خلالها لبنان الى وضع لا يعود في مقدوره تحمّلها او حتى الحد منها وإيجاد العلاج لها. وخلاصة الامر، تقول المصادر الوزارية، انّ الوضع غير مطمئن إذا استمر على هذا النحو.
الحكومة
حكومياً، نثر التأرجح المستمر بين التفاؤل حيناً والتشاؤم حيناً آخر، المزيد من الغبار على خط التأليف، بحيث صارت الرؤية منعدمة لِما ستؤول اليه الامور، خصوصاً مع انقطاع حبل التواصل بين القوى السياسية، ومع تأخّر اللقاء بين الرئيس المكلف ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. الذي جرى الترويج له بعد لقاء الرئيسين عون والحريري منتصف الاسبوع الماضي.
هذا الجمود السلبي، لا جواب واضحاً حول اسبابه، لدى ايّ من المعنيين بهذا الملف، وهو الامر الذي أحدث نقاشاً على خط التأليف، البارز فيه انّ التركيز لم يعد فقط على محاولة البحث عما اذا كان مصدر التعطيل داخلياً، بل صار البحث جدياً عمّا اذا كان العامل الخارجي شريكاً في هذا التعطيل.
بري: خلص الكلام
ويبرز هنا ما قاله بري امام زواره امس، حيث اكد ان لا جديد على الاطلاق في موضوع الحكومة، الأمور على حالها ولا يوجد اي تقدم.
وسئل بري: اين هي العقد؟
اجاب: وأين لا توجد عقد، وهل هي عقدة واحدة؟
وسئل بري عمّا اذا كان تعطيل الحكومة جرّاء عامل خارجي، فأجاب ممازحا: حتى الآن انا أصارع نفسي لكي لا اصدّق انّ هناك عاملاً خارجياً.
سئل: ما العمل إذا؟ وهل يمكن الاستمرار على هذا النحو؟
فأجاب ممازحاً: «مش عارف»، لم يعد هناك كلام يقال، حتى الكلام «خلص»، والصدق «خلص»، وحتى الكذب «خلص»، شو بعد في ما بعرف»؟
جواب سلبي
وفيما تحدثت مصادر عين التينة عن تواصل يحصل باستمرار بين الرئيس بري مع الرئيس المكلف عبر الوزير علي حسن خليل، عكست مصادر مواكبة لنتائج لقاء الرئيسين عون والحريري، أجواء تشاؤمية، وقالت لـ»الجمهورية»: منذ ان أشاع الرئيس المكلف جو التفاؤل خلال الاسبوع الماضي، لم يبرز اي معطى لا في بيت الوسط ومن جانب رئيس الجمهورية او باسيل يترجم هذا التفاؤل بولادة حكومية قريبة.
وقالت المصادر انّ الحريري انتظر جواباً من باسيل، والجمود السلبي الحالي قد يكون مردّه الى انّ الحريري تلقى جواباً سلبياً بصورة مباشرة وغير مباشرة، من باسيل، علماً انّ الحريري وبحسب الاجواء التي شاعَت بعد لقائه عون منتصف الاسبوع، اتفق مع رئيس الجمهورية على بعض المسائل المتصلة بالحقائب والحصص، على ان يُصار الى بحثها مع باسيل.
التيار: باسيل لا يتدخل
الى ذلك، جددت مصادر تكتل «لبنان القوي» دعوتها الرئيس المكلف الى اعتماد معيار واحد للتأليف، ولاحظت «انّ هذا المطلب لم يعد مقتصراً على «التكتل» بل انسحب على تكتلات أخرى باتت تطالب بوحدة المعايير».
واكدت المصادر لـ»الجمهورية» انّ باسيل لا يتدخل في عملية التأليف، وانه ابلغ الرئيس المكلف خلال الاجتماعات التي عقدها معه بما يطمح اليه «التكتل» من دون ان يتمّ البحث في مطالب التكتلات الاخرى.
وسألت المصادر لماذا تفسير عدم حصول لقاء الحريري – باسيل، لأن لا جديد في عملية التشكيل، وكأنه انقلاب على الأجواء الإيجابية التي سرّبت، مُستغربة انطلاق البعض من عدم حصول هذا اللقاء للتصويب على «التكتل» ورئيسه واتهامهما بعرقلة التأليف، وهو أمر مجاف للحقيقة. علماً انّ التواصل بين المستقبل والتيار قائم ومستمر.
بكركي: «مثل شباط»
الى ذلك، قالت مصادر بكركي لـ»الجمهورية»: «يبدو أنّ مسألة تشكيل الحكومة مثل حال الطقس في شهر شباط، فتارة نسمع أن التشكيلة باتت قريبة، ومرّة أخرى نسمع أنها تأخّرت وتعرقلت، فيما البلد يرزح تحت وطأة الأزمات».
واوضحت المصادر أنّ «النبرة العالية للبطريرك الراعي في انتقاد الطبقة السياسية نابعة من معاناة الناس ووجعهم وحجم المشاكل الكبرى التي تصادفهم، فيما السياسيون لا يبالون ولا يتحرّكون لتأليف الحكومة وإجراء الإصلاح المطلوب».
وأضافت: «انّ بكركي ترفع الصوت عالياً في وجه كل المعرقلين ولا تصوّب على أحد او تستثني أحداً، فالوطن والمواطن في خطر ولا ينفع الدلع وتأخير الولادة الحكومية، وإلّا يصبح الإنهيار محتماً».
اللواء
البنك الدولي على خط تدارك المخاطر: محفظة ملياري دولار للبنان
برّي يتحدث عن عُقَد التأليف .. وقلق فرنسي من تأخير الحكومة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “دخل البنك الدولي على خط تأليف الحكومة الجديدة، وإن من الباب الاقتصادي الذي وصفه نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج «بالدقيق» معرباً عن قلقه على الوضع الاقتصادي، مجدداً الثقة بعد لقاء الرؤساء الثلاثة ووزير المال علي حسن خليل، بأن تشكيل الحكومة سيحل في أقرب وقت.
وفي الشق الاقتصادي والمالي، حسب المعلومات، جرى البحث في الإصلاحات التي التزم بها لبنان في مؤتمر سيدر، فضلاً عن المساعدات التي يمكن ان يقدمها البنك للبنان، في إشارة إلى «وجود محفظة بقيمة ملياري دولار خصصها البنك الدولي يفترض الاستفادة منها وفقاً للأولويات التي تحددها الدولة اللبنانية».
حكومياً، لم يطرأ على التأليف الحكومي أي جديد، وعندما سئل الرئيس نبيه برّي عن العقدة العالقة التي تمنع التقدُّم، قال: عقدة! لا يوجد عقد.
وفي السياق، تخوف مصدر وزاري من ان تطول أزمة التأليف في ضوء توقف الاتصالات واضطرار الرئيس المكلف السفر إلى الخارج في إجازة عائلية بعد الأوّل من آب عيد الجيش. وقالت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» ان السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، خلال زيارته على الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية أبلغهم قلق وانزعاج الحكومة الفرنسية من تأخير تأليف الحكومة اللبنانية، مُعرباً عن تخوفه من انعكاسات سلبية على تنفيذ مقررات سيدر.
لا جديد
ومع دخول الشهر الثالث لتكليف الرئيس الحريري تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، لا تبدو الأجواء تُشير إلى قرب التأليف في ظل استمرار العقد والعراقيل على حالها، ولم تحمل الساعات الماضية أي جديد، علماً ان الأجواء كانت تُشير منتصف الأسبوع الماضي إلى إمكانية إزالة بعض العراقيل من طريق الرئيس المكلف، وان بداية الحلحلة باتت مرتقبة، لكن الأمور استمرت على حالها، ولم تسجل أي تطورات إيجابية على هذا الصعيد، ولم يتم إحراز اي تقدّم ملموس، بل بالعكس، فإن التفاؤل تلاشى، ولم يعقد أي لقاء مباشر بين الرئيس الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في ظل استمراره إطلاق المواقف التصعيدية، تارة بأنه ينتظر ما يمكن ان يطرحه الرئيس المكلف، وتارة بالتلويح بحكومة أكثرية، لا تعني سوى إلغاء تمثيل طرف بعينه، فيما يبدو ان العقد الأساسية ما تزال في الذروة، سواء على الصعيد المسيحي أو الدرزي أو حتى السني، وان اللقاء المنتظر بين الحريري وباسيل، من غير المأمول انعقاده ما دامت المواقف على حالها، من التشدّد والتصعيد.
واستغربت مصادر سياسية متابعة لعملية التأليف، عبر «اللواء» استمرار وضع العراقيل، عكس ما كان متوقعاً، متسائلة عن المستفيد من استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه؟ وما هو الهدف من المماطلة؟ خصوصاً وأن الرئيس الحريري منفتح على التعاطي والتواصل بكل إيجابية مع جميع الفرقاء من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة لإنجاح ولادة الحكومة، في أسرع وقت ممكن، ولكن مع الأسف، لا يظهر في الافق ما يدل على حصول تقدّم سريع أو قريب للموضوع الحكومي، بما يؤشر إلى ان عملية التأليف قد تأخذ معها كل فصل الصيف.
وأكدت المصادر على ان كل المؤشرات الراهنة تُشير إلى انه لم يعد هناك من وقت لاضاعته، لا سيما على الصعيد الاقتصادي الذي يشهد تعثراً وصعوبة يوماً بعد آخر، في ظل تفاقم الازمات وتعطيل مصالح المواطنين من جرّاء تأخير تشكيل الحكومة.
ولفت الانتباه على هذا الصعيد أمس، الجولة التي قام بها وفد البنك الدولي برئاسة نائب رئيس المجموعة فؤاد بلحاج إلى الرؤساء الثلاثة ووزير المال، حيث كان تأكيد من قبل الوفد الدولي على أهمية الإسراع في تشكيل الحكومة، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الصعيد الاقتصادي، وعلى ضرورة قيام لبنان بالاصلاحات المطلوبة والضرورية منه، خصوصاً وأن الأوضاع الاقتصادية دقيقة لا سيما وان هناك مشاريع أساسية حيوية وذات منفعة قصوى مدرجة على أجندة البنك الدولي، وهو في صدد تنفيذها، لكنها تحتاج إلى بعض الإجراءات التي لا بدّ من اتخاذها، وبالتالي اقرارها من قبل مجلسي الوزراء والنواب.
ولفت بلحاج إلى وجود محفظة بقيمة ملياري دولار خصصها البنك الدولي للبنان يفترض الاستفادة منها وفق الأولويات التي تحددها الدولة اللبنانية، مرحباً بالاصلاحات التي يحققها لبنان سياسياً واقتصادياً والتي من شأنها تعزيز الثقة الدولية بلبنان.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان رقعة التباينات بين الأطراف مرشحة لمزيد من التوسع في الأيام المقبلة، قد تجعل ولادة الحكومة من المستحيلات إذا لم يتم تداركها سريعاً، بتدخل صريح من الرئيس ميشال عون، بدل إعلان كل فريق ان الطابة ليست في ملعبه، وغسل يديه من العرقلة، ورميها على الأطراف الأخرى، وإلا ما المعنى من مطالبة الرئيس المكلف بوضع «معايير» محددة للتأليف، طالما ان هذه المعايير لا أسس دستورية لها، أو الإصرار مثلاً على الاحتفاظ بحقائب معينة، أو التلويح بحكومة أكثرية سبق ان رفضها الرئيس الحريري، ومعه معظم القوى السياسية، باستثناء «التيار الوطني الحر».
ونقل عن مصادر متابعة تأكيدها بأن حكومة الأكثرية هي خيار العهد القوي في حال استمرار المراوحة، وقالت ان الرئيس عون يؤيد حكومة أكثرية لتفعيل المحاسبة والحياة البرلمانية، ولن يوقع مراسيم حكومة لا تراعي الاحجام الفعلية للكتل النيابية، وخلصت إلى ان هناك تفاؤلاً رئاسياً بولادة الحكومة الأسبوع المقبل، فيما نسبت محطة NBN الناطقة بلسان حركة «أمل» إلى مصادر مواكبة قولها ان الاتصالات لتأليف الحكومة لم تتوقف، وهناك توجه لوضع معيار واحد للتمثيل في الحكومة يتم على أساسه توزيع الحصص، وسيناقش الرئيسان عون والحريري في ضوئه تشكيلة جديدة وفق هذا المعيار خلال الساعات المقبلة.
وبحسب المعلومات، فإن هذه الاتصالات يقوم بها الوزير غطاس خوري مع الوزير السابق إلياس بو صعب، اللذين التقيا أكثر من مرّة من دون التوصّل إلى تفاهم حول العقدتين المسيحية والدرزية، على اعتبار ان بو صعب ما زال يعتقد ان العقدة الدرزية هي العقدة الأساسية، وعندما تُحل تحل سائر العقد، فيما ذهب عضو «تكتل لبنان القوي» النائب آلان عون أبعد من ذلك، عندما رأى ان من واجب الرئيس المكلف ان يطرح تشكيلة حكومية ويفاوض الأفرقاء ويأخذ الالتزامات منهم، مشدداً على ان الموضوع ليس عن أي عقدة يجب فكها قبل الأخرى.
وقال: «ما يعنينا في لقائنا مع الحريري ان يطبق معياراً واحداً معنا كما مع غيرنا، لافتاً إلى ان تياره يفضل حكومة الوحدة الوطنية، ولكن بين لا حكومة وأخرى أكثرية نختار حكومة اكثرية».
الى ذلك، افادت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الساعات الثماني والاربعين المقبلة قد تحمل معها تطورات على صعيد ملف الحكومة بما يراعي الاعتبار لرغبة الرئيسين عون والحريري في انهاء الملف.
واوضحت ان اطلاق تشكيل الحكومة سيتم وفق التفاهم بينهما حول المعايير النهائية التي يتم وضعها من اجل تشكيل الحكومة. ورأت ان الانطباع الذي ساد بان الامور توقفت غير صحيح لأنها تعثرت ولم تتوقف. واكدت ان هناك عملا يجري اما سبب التعثر فمرده الى مطالب الكتل والشروط معتبرة ان الامور تأخد منحى افضل والاتصالات ستعود في الساعات المقبلة.
واعربت المصادر عن اعتقادها ان الصيغ والبدائل التي تمت الاشارة اليها ستخضع للبحث الان ورات ان العدد لا يزال ثلاثينيا وان المشكلة تكمن في الاعداد للكتل الممثلة وان وضع المعيار الواحد للكتل سواء كان حليفا او خصما هو المطلوب. ويجب ان يكون هناك معيار واحد للكتل منتفخة ام لا.
واشارت الى ان هناك تحريكا للملف بشكل اكثر فعالية وان الرئيس عون يساعد الرئيس المكلف. واذ لم تستبعد ان يعقد لقاء بين الحريري والوزير باسيل فانها اوضحت ان ذلك قد يعني ان الحريري يزور بعبدا قريبا حاملا معه صيغة نهائية. وكررت المصادر القول ان الصورة ليست سوداوية.
وفي المقابل، كشفت مصادر ان الحريري عرض على الرئيس عون في اجتماع بعبدا الأخير توزيع الحصص الوزارية داخل الحكومة وفق 3×10 على الشكل الآتي: حصة الرئيس والتيار الوطني 10 مقاعد(7 تيار+3 الرئيس) حصة الحريري والقوات 10 مقاعد (6 الحريري+4 القوات) حصة الثنائي الشيعي والاشتراكي والمرده 10 مقاعد (3 لحركة امل+3 لحزب الله+3 لجنبلاط+1 للمردة)… ولفتت المصادر الى ان الحريري قدم هذا التوزيع الذي لا يعطي اي فريق ثلثا معطلا في الحكومة، ولمّح الى امكانية توسّطه لحل العقدة الدرزية عبر اختيار احد الوزراء الدروز مع النائب السابق وليد جنبلاط بما يحول دون استحصال المكون «الاشتراكي» على قدرة سحب الغطاء الميثاقي عن الحكومة مستقبلا، الا انه فوجئ برفض الفريق الآخر مناقشة هذه الصيغة، بدليل عدم حصول اللقاء الذي كان منتظرا بينه والوزير باسيل.
واذ تشير الى ان هذا التعثر قد يدفع الحريري الى طرح حكومة من 24 او حكومة تكنوقراط، توضح ان الاخير لن يرضخ للضغوط وهو سيواصل مساعيه للتأليف ضمن 3 ثوابت: لا معيار الا الدستور، لا اثلاث معطلة، ولا حكومة أكثرية بل وحدة وطنية.
اللجان النيابية
على صعيد اخر، وجه الرئيس نبيه برّي أمس دعوة للجان النيابية المشتركة لعقد جلسة في العاشرة والنصف من قبل ظهر الخميس المقبل، لاستكمال درس مشاريع واقتراحات قوانين أبرزها اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني واقتراح قانون يرمي إلى مكافحة الفساد في عقود النفط والغاز.
ويتوقع ان تشهد الجلسة نقاشات حادّة على غرار ما حصل في الجلسة السابقة حول ملف النفايات، أدّت إلى انسحاب نواب حزب الكتائب والنائب بولا يعقوبيان، خاصة في ما يتعلق باقتراح الصندوق السيادي، أو مكافحة الفساد في عقود النفط والغاز، حيث سيكون لنواب «تكتل لبنان القوي» مداخلات في هذا المجال، على اعتبار ان هذا الملف يعنيهم قبل غيرهم، في ظل مطالبتهم بابقاء حقيبة وزارة الطاقة في يدهم.
ومن جهة ثانية، أكدت مصادر الرئيس بري لقناة الـ«MTV» ان «كل ما يقال عن دعوة بري لجلسة تشريعية غير دقيق ولكن من حقه الدعوة لهذه الجلسة لأن التشريع حق في ظل حكومة لتصريف الاعمال وحق يؤكد عليه الدستور». ولفتت إلى أن «بري لن يستخدم ورقة التشريع في الوقت الحالي ولكن لا تنفي حقه في الدعوة لجلسة تشريعية».
ملف النازحين
وعلى خط موازٍ، وبرغم الانشغال الداخلي بالموضوع الحكومي، فلا زال الاتفاق الروسي- الاميركي حول اعادة النازحين السوريين بشكل كامل الى قراهم وبلداتهم – وعددهم نحو سبعة ملايين سوري – يرخي بظلاله على التحرك الرسمي اللبناني من باب المتابعة للاتصالات الروسية الجارية بهذا الخصوص، وعلى اي تحرك سياسي يتعلق بالازمة السورية، حيث اثير في هذا اجتماعات آستانة الجارية في العاصمة الكازاخية من ضمن البحث عن الحل السياسي الشامل للأزمة السورية.
وذكرت مصادر رسمية لبنانية متابعة للموضوع لـ«اللواء»، انه من المفترض ان يكون لبنان من الدول المتابعة للاجتماع المقرر بين الجانب الروسي وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والذي سيبحث في كل تفاصيل عملية اعادة النازحين، كون الاتفاق يحظى ايضا برعاية الامم المتحدة عبر المفوضية العليا الدولية، حيث يفترض ان تطلب مفوضية اللاجئين من الجانب الروسي اولاً ضمانات كافية لعودة آمنة للنازحين، موضحة ان الضمانات تتعلق بعدم توقيف اي عائد لأسباب سياسية او بسبب انتمائه السياسي، وعدم مصادرة اراضي العائدين، وعدم فرض الخدمة العسكرية عليهم.
واضافت المصادر: ان الجانب الاخر من البحث سيتناول موضوع تمويل العودة ماليا لأن جزءا اساسيا منها يتعلق بإعادة اعمار قرى وبلدات العائدين، وان الجميع ينتظر موافقة اميركا واوربا على المساهمة في التمويل وهو امر لم يتضح بعد من الجانبين الاميركي والاوروبي، علما ان الاميركي تعهد بذلك ووعد بأنه سيطلب – إن لم يكن قد طلب فعلا – من اوروبا المساهمة.
وأشارت المصادر الى ان عملية اعادة النازحين ليست بالامر اليسير فلها مستلزمات سياسية ودبلوماسية وتقنية ولوجستية ومالية، وتحتاج الى اتصالات مع العديد من دول العالم لتوفير الضمانات المطلوبة والدعم المالي للعودة ولذلك ستأخذ وقتها.
البناء
ترامب مستعد للقاء الإيرانيين… والجيش السوري يصل حدود الجولان… وإدلب تنتظر سوتشي
صفي الدين: سنسقط صفقة القرن بميزان القوة… وجنبلاط خائف من سورية الكبرى
التنازل عن الثلث المعطّل شرط للتأليف… والتيار الحرّ يلوّح بحكومة أغلبية
صحيفة البناء كتبت تقول “حال الترقب الدولية والإقليمية بعد قمة هلسنكي وفشل محاولات الربط بين مشاريع التسوية في سورية والحصار على إيران، والتردّد الإسرائيلي في قبول الصيغة الروسية القائمة على فك اشتباك مفتوح على الانسحاب من الجولان من دون انسحاب إيران وحزب الله من سورية، وما رافق كل ذلك من مخاطر أحاطت بقطاع النفط والغاز في ظل التصعيد في الممرات المائية الحيوية التي شهدها باب المندب ولوحت إيران بشمولها لمضيق هرمز. شدّد الأميركيون انتقاداتهم للأوروبيين على عدم تقيّدهم بالعقوبات على إيران. وأعلن الرئيس الأميركي بالتوازي انفتاحه على أي حوار مع إيران، بينما لم يتأثر الميدان السوري بما يجري في ساحات السياسة، سواء على جبهة العلاقات الدولية والإقليمية، أو على مستوى الجذب والشدّ حول الدور الإيراني في المنطقة، ومشروع صفقة القرن، خصوصاً ما يجري في سوتشي من تحضير للمباحثات حول آلية تطبيق ما تبقى من مسار أستانة، وترقّب ما سيفعله الأتراك بعدما بدا أن قوات سورية الديمقراطية قد خطت خطوة هامة باتجاه التقاط التحوّلات والسعي للتأقلم معها عبر الاستعداد لتسليم مناطق سيطرتها للجيش السوري، الذي بدأ استعداداته في محاور ريف حماة الشمالي والريف الشمالي للاذقية ضمن إطار معركة إدلب، التي تترقب نتائج أستانة، بينما وحدات الجيش نجحت بعزل حوض اليرموك، حيث تتمركز وحدات داعش، عن خط الحدود مع الجولان المحتل، الذي بات بكامله تحت سيطرة الجيش السوري.
في لبنان وبموازاة حال الترقب الدولية الإقليمية وخلط الأوراق الذي ينتظر البعض تردداته عبر ما سُمّي بصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية. قالت المقاومة كلمتها الفاصلة عبر ما ورد في كلمة لرئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، في حفل إطلاق كتاب «حزب الله فلسفة القوة»، حيث قال إن المقاومة ستُسقط صفقة القرن بموازين القوة، وإن استراتيجية القوة بمفهومها السياسي والأخلاقي والشعبي والعسكري هي التي حمت لبنان ودافعت عن سورية، وهي التي ستسقط صفقة القرن، معتبراً أن هذه القوة ملك للوطن كله وللأمة كلها، وليست قوة تصرف عائداتها في الداخل لمكاسب فئوية، داعياً ليكون البلد قوياً، قوياً بهويته وثقافته وإرادته ووحدته. فنحن في عالم تحكمه الذئاب، حيث لا تحمي الضعفاء إلا القوة.
بالتوازي في مقاربة هذه المتغيّرات والتجاذبات والرهانات، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في استقبال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، مستذكراً أيام العز الفرنسية في لبنان منذ الجنرال غورو إلى الصداقة الجنبلاطية الفرنسية، ورفعه العلم الفرنسي قبل أعوام، أنه يخشى زوال لبنان الكبير وظهور سورية الكبرى.
في قلب هذه المناخات المتشابكة بين الداخل والخارج، وكيفية التفاعل مع قراءة ما يدور حول لبنان في المنطقة والعالم، تبدو الحكومة الجديدة مؤجّلة. وقد قالت مصادر متابعة إن الصيغة الحكومية الأخيرة التي عرضها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، رغم تمثيلها الملتوي لكل من كتلتي الرابع عشر من آذار والثامن من آذار، بجعل تمثيلهما النيابي المتساوي مصدراً لنيل إحداهما ضعف حصة الأخرى الوزارية، كان يمكن أن تمر لولا تعمّد الحريري تخفيض مجموع حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بذريعة عدم تمكين أي فريق من الثلث المعطل للحكومة، فخفّض مجموع حصة رئيس الجمهورية والتيار من أحد عشر وزيراً إلى عشرة، بينما حافظ مجموع حصص أطراف الرابع عشر من آذار على ثلاثة عشر وزيراً، بخلفية لا يفسّرها الحجم النيابي لهذه القوى الذي يساوي حجم التمثيل النيابي لقوى الثامن من آذار التي مثلها الحريري بسبعة وزراء فقط. والخلفية الوحيدة هي الحفاظ على امتلاك الثلث المعطّل بوجه كل ما يتصل بالعلاقات اللبنانية السورية، وهو ما قصده جنبلاط بقلق يعرف أنه في غير مكانه، لكن الحديث الرمزي عنه يكشف الحكاية، وهي العلاقة اللبنانية السورية. وختمت المصادر، معادلة التنازل عن الثلث المعطل تكون على الجميع أو تُسحب من التداول لصالح تمثيل بمعيار واضح وواحد، وعن المعيار الواحد الذي ركزت عليه كل من كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القوي، بدأت أوساط التكتل تتحدّث عن حكومة أغلبية إذا تعثرت حكومة الوحدة الوطنية، أو الذهاب لحكومة تكتفي بالأقوياء في طوائفهم، فتُستبعَد القوات اللبنانية كما تستبعَد سائر الأطراف الموازية في الطوائف الأخرى وتحصر تمثيلها بالكتلة الأقوى فيها.
تراوح الملفات اللبنانية العالقة مكانها. لا خرق استراتيجي يُذكر. وبينما يخضع ملف النازحين لمعايير بطيئة بانتظار تفاهم سياسي يحظى بغطاء خارجي لا يزال غير متوفر، لا تزال الاتصالات الحكومية تدور في حلقة مفرغة لكون المفاوضات مرتبطة بحسابات داخلية على صلة بالتعقيدات الخارجية.
وتهمس أوساط سياسية أن شهر آب قد يمرّ من دون حكومة، إلا إذا نجحت الجهود لوضع معيار واحد للتمثيل في الحكومة يأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات لتوزيع الحصص على المكوّنات السياسية.
وفي السياق، فإن الترقب سيكون سيد الموقف لمآل الأمور، لا سيما مع تهديد التيار الوطني الحر بحكومة أكثرية. وتشدّد مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» على أن الحكومة لن تكون إلا حكومة وحدة وطنية، مشيرة إلى أن الحريري قدّم صيغتين، وحاول ابتداع مخارج متعددة من أجل تأليف الحكومة في أسرع وقت بعيدة عن مخاوف الثلث الضامن. فقدّم صيغة تقوم على أن يحصل رئيس الجمهورية على 3 وزراء والتيار الوطني الحر على 7 حصة، ويحصل الرئيس الحريري على 6 وزراء، والقوات على 4 وزراء، لتكون حصة الثنائي الشيعي 6 وزراء + 3 وزراء للحزب التقدمي الاشتراكي ووزير للمردة، غير أن هذه الصيغة لم تلقَ تأييد الوزير جبران باسيل.
وجزمت المصادر المستقبلية أن حكومة أكثرية وأقلية لن تبصر النور. فهناك مكوّنات سياسية على غرار الرئيس نبيه بري لن تسمح بأن تصل الأمور إلى هذا المنحى مع تأكيد المصادر أن الرئيس بري والرئيس الحريري متفقان على ضرورة تأليف حكومة وحدة وطنية.
ونقلت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية عن الرئيس نبيه بري قلقه على الوضع الاقتصادي. الأمر الذي يستوجب الإسراع في تأليف حكومة وطنية لمنع تفاقم الأوضاع، مشيرة الى ان الامور تزداد تعقيداً والاتصالات لم تُحدث أي خرق. وشددت المصادر لـ«البناء» على ان الحكومة لن تكون إلا حكومة وحدة وطنية. ولفتت المصادر من ناحية أخرى إلى أن المجلس النيابي يحق له التشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال بالاستناد الى المادة 69 من الدستور بيد أن الرئيس بري لم يتخذ القرار بعد.
وبينما تشدّد مصادر حزب القوات لـ «البناء» على أن الدكتور جعجع لن يتراجع عن مطلب 4 وزراء، بينهم حقيبة سيادية أو نائب رئيس مجلس الوزراء، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن مسؤولية تشكيل الحكومة ليست من صلاحية الوزير جبران باسيل إنما من مسؤولية الرئيس المكلف الذي تُفترض به المسارعة إلى اعتماد المعيار الواضح والدفع باتجاه تأليف الحكومة، بعيداً عن المعايير الاستنسابية التي تصب في صالح حزب القوات والنائب السابق وليد جنبلاط، علماً أن المصادر العونية نفسها تعتبر ان حل العقدة المسيحية سهل، على عكس العقدة الدرزية، نتيجة تشبث الحزب التقدمي الاشتراكي بموقفه. وتشدد المصادر على أن اية حكومة لا تحظى بموافقة الرئيس عون لن تبصر النور، طالماً انه صاحب التوقيع الأخير على مرسوم التأليف وفق الدستور.
وأمل النائب حسين الحاج حسن أن «تتشكل الحكومة سريعاً بعد أن يأخذ المعنيون بتشكيلها بمبدأ التناسب والنسبية وحسن التمثيل، تبعاً لنتائج الانتخابات النيابية وما أفرزته من أحجام للكتل النيابية والسياسية. وليقتنع الجميع أن احترام النسب في التمثيل هو مساعد أساسي في تذليل العقبات وتشكيل الحكومة».
إلى ذلك، من المرجّح أن يحضر ملف عودة النازحين السوريين في لقاءات أستانة بين الجانب الروسي وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تؤكد ضرورة إيجاد ضمانات كافية لعودة آمنة للنازحين. ولفتت مصادر معنية إلى أن البحث سيتناول تمويل العودة التي يجب أن تحظى بتأييد أميركي. إلى ذلك، حضرت المبادرة الروسية بشأن النازحين السوريين والتطورات في المنطقة في لقاء وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل والسفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه.
من ناحية أخرى حضرت الأوضاع الاقتصادية خلال جولة وفد من البنك الدولي برئاسة نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج، على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والمكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري والوزير علي حسن خليل.
وحذّر بلحاج من أن هذا الوضع الاقتصادي دقيق ويستوجب طوراً جديداً من الإصلاحات، مشيراً الى وجود محفظة بقيمة ملياريْ دولار خصصها البنك الدولي للبنان تُفترض الاستفادة منها وفق الأولويات التي تحددها الدولة اللبنانية.