من هنا، يخشى أكثر من طرف أن يتم إبعاده عن الحكومة، أو تحجيم وُجوده فيها، الأمر الذي يُفسّر التوتّر السياسي الحاصل. فما هي المعلومات الأوّليّة المتوفّرة حتى تاريخه عن الحُكومة المُقبلة؟.
أوّلاً: إنّ الإستشارات النيابيّة المُلزمة ستكون شكليّة ولن تُقدّم أو تؤخّر في عمليّة التأليف، باعتبار أنّ الكلمة الأخيرة في هذا الصدد هي عمليًا-وفي ما خصّ الشق الداخلي وليس الخارجي، بيد ثلاثة أفرقاء رئيسيّين هم كلاً من: رئيس الجُمهورية العماد ميشال عون بالتنسيق مع رئيس "التيّار الوطني الحُرّ" وزير الخارجيّة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتكافل والتضامن مع "حزب الله"، ورئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري.
ثانيًا: الإتجاه الغالب هو لصالح تشكيل حكومة مُوسعة جدًا، لن تقل عن 30 وزيرًا ويُمكن أن تصل إلى 32 وزيرًا، في حال جرى التوافق على تمثيل الأقليّتين العلوية والإنجيليّة. والإتجاه أيضًا هو لصالح عرض وزارات غير أساسيّة ومنها وزارات دولة على الأحزاب الصغيرة، لتكون مُمثّلة على طاولة الحكومة التي يحرص "طبّاخوها" على وصفها بحكومة "وحدة وطنيّة".
ثالثاً: الحصّة الأكبر داخل الحكومة ستكون للتيار الوطني الحُرّ، وهي ستبلغ "الثلث الضامن أو المعطّل" عند جمعها مع حصّة رئيس الجُمهوريّة، بينما سيكون "المستقبل" بحاجة إلى دعم كل من "القوات" و"الإشتراكي" للإبقاء على قُدرته الإعتراضيّة على طاولة مجلس الوزراء. وسيحظى "الثنائي الشيعي" مع الوزراء الحلفاء المُباشرين له، بأقلّ من الثلث بقليل.
رابعًا: إنّ تلبية مطالب كل من "القوّات" و"الإشتراكي" منوط بحجم الدفاع الذي سيعتمده رئيس الحكومة المُكلّف عنهما، إنطلاقًا من التموضع السياسي الذي يجمعه بهما على المُستوى الإستراتيجي العريض، لكنّ ما يُقلق كلّ من هذين الفريقين يكمن في أنّ علاقات "المُستقبل" معهما ليست بأفضل أحوالها، في ظلّ خشية "القوات" و"الإشتراكي" أن يتعرّض الحريري لضُغوط داخليّة كبيرة، بعد أن قلّصت نتائج الإنتخابات نُفوذه السياسي، بفعل تقلّص كتلته النيابية بشكل كبير، ولوّ أنّه بقي الفريق الأقوى على الساحة السنّية.
خامسًا: يبدو أنّ مطلب "الحزب التقدمي الإشتراكي" بحُصول "اللقاء الديمقراطي" على ثلاثة وزراء دُروز في أي حُكومة ثلاثيّنية مرفوض من جانب أكثر من جهة داخل فريق إعداد الحُكومة-إذا جاز التعبير، حيث سيتمّ الإكتفاء بمنح "الإشتراكي" وزيرين درزيّين لصالح توزير النائب طلال أرسلان في الحُكومة المُقبلة. وعمليّة "شد الحبال" ستتركّز بالتالي على مسألة تعويض "الإشتراكي" بوزير ثالث من خارج الطائفة الدُرزيّة، من عدمه.
سادسا: مطلب منح "القوات" حجمًا حُكوميًا مُوازيًا لحجم "التيّار الوطني الحُرّ"-من دون إحتساب حصّة رئيس الجمهوريّة الوزاريّة طبعًا، مرفوض بدوره من جانب أكثر من جهة داخل فريق إعداد الحُكومة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى منح "القوات" حقيبة مُصنّفة "سياديّة"، مع تصاعد الحديث عن نيّة شبه أكيدة بسحب منصب نائب رئيس الحُكومة منها، وتجييره إلى حصّة رئيس الجُمهوريّة. وعمليّة "شد الحبال" ستتركّز بالتالي على نوع الحقائب الثلاثة فقط التي سيتم تخصيصها للقوّات، وعلى طبيعة الحقيبة الخدماتية التي ستنالها.
سابعًا: يبدو أنّ الأمور مُسهّلة على مُستوى تشكيل الحُكومة، بالنسبة إلى توزيع الحقائب المُصنّفة "سياديّة" بين كل من رئيس الجُمهورية و"التيّار"، و"الثنائي الشيعي"، و"المُستقبل"، علمًا أنّ حقيبة وزارة المال ستبقى بيد الطائفة الشيعيّة، مع أرجحيّة لبقاء باقي الوزارات "السياديّة" في أيدي شاغليها أنفسهم بحسب التوزيع القائم في حكومة تصريف الأعمال.
ثامنًا: مبدأ المُداورة لن يُطبّق إلا على مُستوى الوزارات الخدماتية التي يتمسّك "حزب الله" بأن ينال إحداها هذه المرة، إلى جانب وزارات أخرى، إنطلاقًا من رغبته في تعزيز تواصله مع البيئة الشعبيّة الحاضنة له وتفعيل الخدمات التي يُقدّمها لها. كما سيتم خلط توزيع الحقائب الوزاريّة غير المُصنّفة أساسيّة من جديد، وتوزيع وزارات الدولة مناصفة بين الأفرقاء الأساسيّين الذين يتفاوضون على تشكيل الحُكومة.
تاسعًا: مسألة الضُغوط الخارجيّة على لبنان، لن تشكّل عقبة أمام تشكيل الحُكومة المقبلة، حيث جرى التفاهم مبدئيًا على إستبعاد أي أسماء يُمكن أن تكون إستفزازيّة لأي جهة خارجيّة.
عاشرًا: تطبيق مبدأ "فصل النيابية عن الوزارة" سيُطبّق بشكل أساسي وكامل من جانب "القوات" و"المُستقبل"، لكنّه لن يُطبّق من جانب "التيّار الوطني الحُر" الذي سيعود ما لا يقلّ عن ثلاثة من وزرائه الحاليّين إلى الحُكومة المُقبلة.
22