صدر حديثاً عن منشورات أنوار الهدى بقم المقدسة كتاب جديد بعنوان “وظيفة المجتهد في ما لا نص فيه، دراسة تحليلية واستدلالية مقارنة” لمؤلفه الشيخ الدكتور جواد أحمد البهادلي * الطبعة الأولى 1439 هـ – 2018م، ويقع الكتاب في 186 صفحة. ويتكون الكتاب من مقدمة و تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة بنتائج البحث، مروراً بالمصادر والمراجع.
وفي تمهيده للدخول في البحث الذي قسمه الى فرعين، يقول الشيخ البهادلي في الفرع الأول منه أن البحث ينطلق من تساؤل يواجهه المسلمون وبخاصة فقهاؤنا في العصر الراهن مفاده: إلى أي مدى تتحرك عملية الاجتهاد اليوم؟ سواء في باب العبادات، أو المعاملات، أو الأحكام الحكومتية، في المسار المتناسب مع عقلائية العصر، بناء على العلاقة الجدلية، والتأثير والتأثر، بين النظريات والأفكار من جهة، والواقعيات والحقائق من جهة أخرى.؟(1)
سؤال يثير أبحاثاً جادةً وبنّاءةً وعصريةً جداً، فهو (يتجاوز من جهة، أسس وأساليب استدلال الفقهاء، أي الأبحاث الأصلية لعلم أصول الفقه، أو يُظهر على الأقل تعارض بعض النظريات الجديدة والألسنيات، والهرمنوتيك، مع النظريات التقليدية التي يُسَلّمُ ويعمل بها).(2)
ثم نتساءل: ما هي العلاقة بين فتاوى الفقهاء المعاصرين – في الأبواب المختلفة – وبين المصالح الشرعية والعقلائية لمجتمعات المسلمين خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار واقعياتهم المختلفة: الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتحولات الأساسية التي طرأت عليها: نتيجة التجدّد، والتنمية، والتطورات الحاصلة في أسلوب حياتهم؟
اليست ثمة نظريات وفتاوى فقهية كثيرة من التي لم تكن في الماضي معارضةً صريحةً مع المصالح الشرعية والعقلائية للمسلمين تُلاحِظُ اليوم تعارضها – بوضوح – مع تلك المصالح، اثر التحولات الأساسية.. وتطالبنا بالتفكير، وتقديم الحلول(3)؟
والذي لا بد من أخذه بنظر الاعتبار هنا: مسالة تأثير الزمان والمكان على فتاوى العصر، مضافاً لوجود موضوعات مستجدة لم تكن زمن التشريع، وكذا المفاسد الناشئة من وجود معاملات غيرها.
وهذه قضية لم تكن غائبة تماماً عن عملية الاجتهاد الفقهي لدى فقهاء الإمامية وغيرهم من المذاهب الأخرى، وإن لم تكن حدودها كمقولة ينالها التنظير الفقهي بشكل كامل. إلا أن هذا الكلام ليس على إطلاقه؛ فالموقف من إدراك الملاكات لم يكن موحداً، بل اختلف بين العبادات التي يذهب بعض الفقهاء إلى عدم إمكانية الوصول إلى ملاكاتها. وأما ما ذكر بإشارات فلسفية لعلل فيها، إنما هي حكمة مستفادة لا يدور الحكم مدارها نفياً وإثباتاً. كما قُرّر في علم الأصول(4) .
وأما المعاملات؛ فليست من صنع الشارع، وإنما هي طرق اخترعها الناس؛ لتبادل المنافع فيما بينهم وأمضاها او عدلها الشارع شرطاً أو ركناً، وهي بذاتها تكون عرضة للتغيير والتطور تبعاً لحاجات الناس ومنافعهم المتجددة، وبالتبع أحكامها تتجدد، والوصول الی ملاكاتها أمر ممكن؛ إذ الفقهاء ( يفتشون عن الملاك، ويوسعون دائرة الحكم، ويضيقونها على ضوء الملاك، ولا يقفون عند النص بشكل حرفي)(5)؛ ولذا أمكنهم تطبيق أي مسألة مستجدة بناء على ذلك.
وبناء على بعض النظريات والمناهج بقدرة غير المعصوم عليه السلام على كشف الملاكات في مجالي المعاملات والسياسات، يمكن تأمين حركية الفقه وتطوره إذ بواسطتها ينظم الأمور الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الإسلامي في عصره، وما بعده بالتبع دون مشاكل بنيوية أساسية.(6) ونتيجة لها: يمكن أن نرصد كثيراً من المؤتمرات، والأبحاث والمقالات، حول موضوع الاجتهاد ومدى قابلية النص لقراءات متعددة في فهم مغاير مع المحافظة على الثوابت – رفضاً وقبولاً – من مختلف الميادين القانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، فضلاً عن الثقافية، بل أصبحت موضوعاً يفرض نفسه، مما دفع إلى إيجاد دراسات جادة حولها.
ولكن تبقى عدة تساؤلات مطروحة: ما الأساس الشرعي في ذلك ؟ وما حدوده ؟ وهل يعدّ مقبولاً أو مرفوضاً؟ ومع التسليم بدليله، هل يصلح الدليل لحكم خاص ؟ أو يمكن تعميمه ؟ وهل يختص بعناوين محددة، أو يمكن شموله لعناوين أخرى ؟ وهل للفقيه إدراك ملاك الحكم؛ لتطبيقه حيث وجد ملاكه؟ وهل يكون منحصراً في مجال المعاملات أو السياسات أو هو أعم من ذلك؟
ورغبة بتحصيل إجابات وافية سوف يعالج البحث تلكم ساؤلات بشكل مناسب قدر المستطاع.
ويقول في الفرع الثاني و هو الموسوم بمنطلق الإشكالية في البحث أن بعض المعاصرين صور ما يصلح أن يكون منطلقاً لإشكالية التغير في الأحكام، والذي من خلاله يمكن إدراك الحاجة التغيير من جهة -كما صوروها – ومدى الاعتماد على الثوابت من جهة أخرى، وهي رغم اختلاف العبارات قد تصب في مؤدى واحد في الجملة. وسأشير لهم اجمالاً وفق النقاط الآتية:
١- ما ذكره الشيخ السبحاني: من أن مقتضى كون الإسلام ديناً خاتماً، هو ثبات قوانينه وتشريعاته، ولو كانت الحياة الاجتماعية على وتيرة واحدة لصح أن يديرها تشريع خالد ودائم. وأما إذا كانت متغيرة تسودها التحولات والتغييرات الطارئة، فكيف يمكن للقانون الثابت معالجة متطلبات المجتمع المتغير، فإن من لوازم التغير والتطور تغيير ما تسوده من قوانين وتشريعاً(7) ولو وجد موضوع مستجد فكيف للنص السابق معالجته مع فرض تبدل بعض او كل الحيثيات.
۲- ما ذكره الأستاذ على المؤمن: وهو: إن من أبرز دواعي التجديد في الفكر الإسلامي هو التطور السريع والشامل لجميع جوانبه الحياة، وظهور التيارات التي تنسب نفسها إلى الإسلام، وتعالج قضايا الفكر الإسلامي والتطور بالإفراط، فضلاً عن التفاعل والاحتكاك الثقافي بالحضارات الأخرى بما لا يمكن لواقع المسلمين أن يكون بمنأى عنها، وبخلاف ذلك فإن عجلة التطور المرعبة، وقسوة الاحتكاك، ستجعلان الفكر الإسلامي في ازمة حقيقية، وستتجاوزان الوجود الإسلامي وتحجرانه في زاوية العجز والعزلة، وهو أمر يتقاطع مع قوة الشريعة ومرونتها(8).
٣- ما ذكره بعض المعاصرين من فقهاء النجف الأشرف:
وملخصه: إن العلاقات الاجتماعية، والثقافات البشرية، ونمط الروابط الاقتصادية والسياسية، كلها متغيرة، وتستبطن عنصر الصيرورة والتحول في حركة التكامل البشري، وذلك يستدعي نظاماً منسجماً مع هذه التغيرات، إذ لا يعقل أن يكون نظام المجتمع البدائي ذو ثقافة البداوة صالحاً لمجتمع مبتن على أسس فلسفية، و مبان ثقافية، متباينة مع مجتمع البداوة، مع أن التشريعات الإسلامية في مجال ( المعاملات، والحدود، والقضاء، والحكومة)؛ الغالب فيها أنها أحكام إمضائية تنسجم مع ذلك المجتمع.(9)
٤- ما صرح به الشهرستاني(10)، وغيره(11): وكان ذلك في عدة إشكاليات وكالآتي:
أ- النصوص ثابتة والوقائع لا متناهية ومعناه: إن المجتمع يتطور، فهل يكفي النص الثابت للوقائع اللامتناهية ؟.
ب- هل تكون الضرورات موضوعاً للإفتاء؟ ولو كانت كذلك لزم تغيّر الحكم.
ج- ما نسبه الأستاذ حب الله إلى أبي زيد(12) في مفهوم النص: من أن القرآن الكريم نزل على أسباب نزول كانت موجودة في زمن الرسول ﷺ، فهل تخضع هذه الضروريات للاجتهاد والتقليد، أو لا؟
د- ازمات الاختناق بين الواقع الفعلي والتفكير الفقهي، بمعنى عدم القدرة على التطبيق، أو أنه متضائل.
ه- عدم وجود معايير مضبوطة لبعض القضايا الشرعية، كطلاق الغاضب الذي بموجبه للقاضي الحكم بعدم الوقوع من عدمه، والكلام في حد الغاضب ودرجته التي لا يقع فيها.
وهكذا درجة الطرب الذي هو سبب الحرمة في الغناء………. الخ. و عدم احتضان الفقه فكرة التخطيط لمتغيرات المستقبل، ووقوف الفقهاء عند أصل توقيفية العبادات، ودوران المعاملات في المصالح والمفاسد والتي تسمى بالملاك.
ولنقف مع كل واحد من هذه التصورات، ثم لنخرج بما نمیل لکونه مستجمعاً للفكرة بأبعادها فأقول:
أما ما ذكره الشيخ السبحاني: من وجود الملازمة بين التطور وتغير القوانين فهو مصادره على المطلوب، ودعوی بلا دليل، إذ لا منافاة بين كون الشريعة خالدة بكبرياتها وإن فيها متغيرات من الصغريات تختلف في الانضواء تحت هذه الكبرى أو تلك، ولا تكون خارجة عما أصله الشارع المقدس.
ويجري الكلام نفسه على ما ذكره الأستاذ المؤمن؛ إذ مرونة الشريعة في قابليتها على استيعاب الجزئيات بعد العلم بأن فيها أحكام ثانوية، ووظائف عملية، ورخص، ومواطن أخرى، والتي تكون قادرة على احتواء جميع مفردات الصغريات وضمها إلى الكبرى المناسبة لها كل بظرفه ومداخلاته وما تقتضيه صفته حينها.
وأما ما ذكره شيخنا الأستاذ الفیاض دام ظله: من أن التشريعات الإسلامية أحكام إمضائية تنسجم مع ذلك المجتمع المتخلف البدائي.
نتسائل عنها: هل أمضاها الشارع بما هي كمفردة وموضوع خارجي، فهذا مع كونه مستبعدا؛ لكون الأحكام تؤخذ بنحو القضية الحقيقية،(13) والتي يكون موضوعها أعم من المتحقق وما سيتحقق، لا بنحو القضية الخارجية المأخوذ بمنظورها المتحقق بالواقع الخارجي فعلا.
ولو سلم فخصوصية المورد لا تخصص الوارد -كما ثبت بمحله -، فيمكن أن نعمم الحكم فيها ونؤسس من خلالها كبريات الأحكام. مضافا إلى أن القرآن الكريم ليس بوحده مصدرا للتشريع، وإن كان هو أولها اعتباراً، فوجود السنة الشريفة بضميمة روايات آل البيت عليهم السلام خصوصاً بناء على مسلكنا في حجيتها كفيل ببيان ما لم يصرح به في القرآن العزيز، أو أن الشارع أمضى ما كان منها إيكالاً على العرف، وحينئذ يكون العرف محكماً في موارد معينة لما أعطاه القرآن المجيد من اعتبار، لا إنه بذاته دليل كما سيأتي في مبحث لاحق.
وللإفادة نأتي بمقدمة المؤلف على الكتاب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المتتبع لكلمات وأدلة الفقهاء بنظر التمحيص والدراية لا أخاله إلا ان يشخص اختلافا بين آرائهم. ومع غض الطرف عن سبب الاختلاف فيما فيه النص نتيجة لتعدد المباني المختلفة أو لأسباب مطروحة بمحلها لمن بحث في أسباب اختلاف الفقهاء – وهم وإن نشدوا من خلالها حب الحقيقة -؛ إلا أن ما يعنينا بحدود محل البحث أن بعضا من تلكم الأسباب يعود إلى المستند فيما لم نجد فيه نصا، ولكل من الإمامية والجمهور اتجاهه في معالجة دقائق القضية المطروحة في بابها عبادة أو معاملة مرتبطة بإرادتين أو إرادة منفردة بل وأحكاما كذلك.
وأكاد أجزم أن ما نطرحه ليس مما ننفرد به البتة، بل تم طرح بعض الطروحات فيه وفق هذا النسق في الجملة لا بالجملة، إلا أن قصورها هو و اقتصارها على مذهب دون أخر؛ ولذا اتجهت دراستنا للمقارنة بين المذاهب الإسلامية على قدم المساواة.
ومما هو معلوم أن المشهور بين الأعلام في طريقة طرح أي مستجد في موضوع فقهي ما هو محاولة إرجاعه إلى عنوان مشهور في المطالب الفقهية المشهورة، ومعالجة ودراسة مدى صلاحيته للانطباق على الموضوع الجديد كمفردة له، مثل: عقد التأمين في محاولة إرجاعه إلى الجعالة أو الصلح، أو عقد حق الامتياز، أو عقود الشركات التجارية، أو غيرها،(14) وقلما نجد فقيها يحرر المسألة بعنوانها المستقل موضوعا وحكما كمسألة مستجدة.
ولا يخفى أن تقديم أي المسلكين على الآخر ليس من الشان الذي نرتقي له في مرحلتنا هذه؛ لحاجتها إلى ذوق فقهي وحس اجتهادي ولست من المؤهلين فعلا لطرقه، إلا أنها بإطارها النظري هكذا تطرح ونشير إليها تلميحاً.
ونلمح هنا أن لا خلاف بين علماء المذاهب الإسلامية في أن باب الاجتهاد غير المطلق مفتوح لمن أراده، وإن وقع بينهم فيه اختلافاً فإنما هو في تسميتهم اجتهاداً و في ترتيب الأثر عليه ليس اختلاف. واختلافهم إنما هو في الاجتهاد المطلق أو غير المنتسب، وهو: ما كان اجتهاداً في مناهج الاستنباط ثم الاستنباط في ضوئها من غير تقيد بمنهج مجتهد آخر، أو قاعدة قعّدها، أو رأي أفتى به.
فذهب بعض أهل الجمهور إلى سد باب الاجتهاد في أواخر القرن الرابع الهجري، وتقييد المفتين والقضاة بمناهج وأحكام الأئمة الأربعة.
وذهب بعض آخر منهم والإمامية بعامة، إلى فتح باب الاجتهاد وإبقائه مفتوحاً، ما دامت الأحكام الشرعية نافذة وغير قطعية، وما دام في المعمورة مكلفون.
والقائلون بفتح باب الاجتهاد يكتفون بالاستدلال بما دل على أصل مشروعيته، بل وقيام الإجماع على وجوبه الكفائي، خصوصاً وأن الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن تلاهم قد دأبوا على الاجتهاد في الأحكام الشرعية دون إنكار منكر وخلاف مخالف، حتی تعالت بعض الأصوات التي تنادي بغلق باب الاجتهاد وقفله في عصور متأخرة عن صدر الإسلام بكثير.
لهذا فالقائلون باستمرار فتحه يتمسكون بالأدلة نفسها التي أثبتت وجويه إثباتاً مطلقاً، دون تقييده بعصر دون عصره أو زمان دون غيره، أو أناس دون آخرين، ممن توفرت فيهم شروطه. وعلى القائلين بالمنع منه وسد بابه أن يأتوا بحجة تقيد هذا الإطلاق – الثابت بالإجماع بل بالضرورة – بزمان، أو مكان، أو جماعة معينة، أو قيد آخر غير هذه القيود.
ومما هو معلوم أن مجال الاجتهاد هو استنباط الأحكام الشرعية الفرعية غير القطعية، مما وقع فيها الخلاف، سواء أكانت أحكاماً تكليفية، أم أحكاماً وضعية.
فهذه الأحكام بقسميها موضع للاختلاف بين الفقهاء، وحينئذ تكون مهمة الاجتهاد النظر في أدلة المسألة ومبانيها ومداركها؛ لاستنباط ما يراه الفقيه صحيحاً من أحكامها.
وبناء عليه فإن إرادة كون الإسلام خالداً وفاعلاً ومؤثراً في كل زمان يلزم منه أن لا يمكن لعطائه الفكري وثرائه المعرفي التوقف عند حد معين مع ضميمة كون البشرية تعيش تجديداً وتجدداً فكرياً باتساع مداركها. وما دامت دلالات النص لا تتوقف عند مستوى واحد من الفهم، بل هي تتعدد و تتنوع باختلاف الأزمان، و الأشخاص ومستويات الفهم والإدراك فيلزم عليه أن يكون للنص الشرعي قابلية للانفتاح على قراءات مختلفة تتجدد بتجدد أفكار البشر واتساع مداركهم المعرفية.
ومن هذا وما سبقه وذاك: تعمقت رغبتي بتناول هذا الموضوع لأهميته والحاجة إليه مضافاً لدقته العلمية، وهو وإن وجد في ثنايا موضوعات وأبحاث متفرقة كما ألمحت إلا أن الجديد فيه – مضافاً للمقارنة وفق المذاهب المشهورة – هو العرض وفقاً للاستدلال والتحليل والمقارنة مع التطبيقات العصرية -، معتمداً على المنهج الاستقرائي والاستنباطي معاً؛ لاستخراج قواعد قابلة لتوظيفها لاحقاً في مداها التطبيقي، فضلاً عن النظري، متضحاً ذلك من خلال التباحث مع أساطين العلم ومتابعة أبحاثهم التحريرية، وبأسلوب يتسم بالتحليل والعمق بعيداً عن سطحية العرض، أو الاكتفاء بالمنهجية القاصرة، متبعاً أسلوب الاستقصاء في الأطر العامة للمذاهب الإسلامية عموماً، و الإمامية خصوصاً قدر المستطاع؛ لمعالجة كل قضية وإن دقت في بعدها العلمي أو إشكاليتها العلمية، بغية تجلية التداخلات في هذه المسألة.
هذا كله و لربما غيره حدا ببعض الجهود العلمية إلى بحث ضوابط الاجتهاد وآلياته وحدوده ومدى القدرة على توسعة أو تضييق مساحة الاجتهاد المعاصر ومنها محاولتي المتواضعة لدراسة موضوع: ( وظيفة المجتهد فيما لا نص فيه ) ورسمته وفق المسار الاتي:
مسار الكتاب
المقدمة
التمهيد : فرضية البحث ومنطلق الإشكالية في الدعوة إلى التجديد.
المبحث الأول: التشريع الإسلامي بين الملامح والمميزات وحركية الفقيه في الاستنباط.
المبحث الثاني: الاجتهاد بين المفهوم والأقسام والشروط والنطاق.
المبحث الثالث: الأدلة التبعية النقلية ومدخليتها في الأحكام. وستكون موزعة بين المتفق عليها والمختلف فيها.
خاتماً بنتائج البحث، مروراً بالمصادر والمراجع والتي اتبعت فيها أسلوب البدء باسم الشهرة لقباً كان أو اسماً صريحاً وفقاً لمقتضيات الحال، وصولاً لنهايته بالفهرست. أسأله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويسدد الخطي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهزين.
الهوامش
1- ظ: محمد مجتهد شبستري: المسار المعنوي والعقلائي لعلم الفقه: ص٣ + جواد البهادلي: الحقوق الفكرية دراسة بين الشريعة والقانون: ص٢٥.
2- يراد بالألسنيات: لسان الأدلة وما يظهر منها من خلال الدلالات اللغوية وأما الهرمنوتيك: مصطلح يوناني يعني؛ استنطاق النصوص وتفسيرها وفق المسبقات الفكرية: أو هو فن الاستماع وفهم العبارة والممارسة المكررة للنشاط الذهني للقائل او المؤلف لهذا النص. أنظر: محمد علي التسخیري: الحوار مع الأخر: ص١٦٧ + محمد مجتهد شبستری: مصدر سابق: ص٣.
3- المصدر السابق نفسه.
4- ظ: جواد البهادلي؛ مختصر المفتاح في اصول الفقه المقارن؛ ص١١١.
5- على سادات فخر: العوامل المؤثرة في تطور الفقه: مجلة الحياة: العدد١، ص٢١٢.
6- ظ: المصدر و الصفحة نفسيهما.
7- ظ: جعفر السبحاني: أضواء على عقائد الشيعة الإمامية: ص٥٦٥ + الاسلام و متطلبات العصر: ص١.
8- ظ: علي المؤمن : الثابت و المتغير غي الفكر الاسلامي في اطار دعوات التجدید: ص ۳۸۳.
9، ظ: محمد إسحق الفياض: منطقة الفراغ مساحة التشريعات الحداثه والمعاصرة: مجلة النور: العدد ۱۷۱، ص ٥٤.
10- ظ: الشهرستاني محمد بن عبد الكريم: الملل والنحل: ج١: ص ١٨٠.
11- ظ: سرمد الطائي: مقاربات في الاجتهاد ومقاصد الشريعة عند الشيخ محمد مهدي شمس الدين: ص٢٨٥.
12- باحث مصري: ولد عام ۱۹٤۳م صاحب كتاب مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن. – ظ: حيدر حب الله: الدرس القرآني وتجاذبات المناهج: مجلة الحياة الطيبة العدد ۱۳: ص۱۳۷.
13- وهي: القضية التي يكون الحكم فيها على الطبيعة فالحكم يكون أعم من كونه على الأفراد المتحققة الوجود أو المقدرة. أنظر: مرتضى المطهري: شرح منظومة السبزواري: ج ۲، ص ۲۶۱.
14- ظ: عزالدين بحر العلوم: بحوث فقهية + جعفر السبحاني: اصول الفقه المقارن، ص 313.
المصدر: الاجتهاد
22/103