تبذل الولايات المتحدة ومعها ربيبها الكيان الصهيوني جهودا محمومة من أجل إيجاد موطئ قدم لهما في القارة الأفريقية، وقد وجدتا في جنوب السودان ضالتهما المنشودة حيث بادرتا إلى الإعتراف به في اليوم الثاني من إعلان الأخير إستقلاله عن السودان.
وبدأت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني منذ اللحظة الأولى التي أعلن جنوب السودان استقلاله بتزويد هذا البلد بالأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة رغم الحظر الدولي المفروض عليه كما تم تعیین سفيرین لهما هناك واعتمدتا سفيرا لجنوب السودان في القدس وواشنطن وبالتالي تمكنتا من الاقتراب أكثر إلى شريان الحياة في القارة الافريقية وهو نهر النيل.
وبهذا الخصوص يكشف الرئيس السابق للإستخبارات الحربية "الإسرائيلية " “عاموس يادلين” عن دور “إسرائيل” في جنوب السودان ويعلن أن الكيان قام بإنجاز عظيم للغاية في السودان ونظّم خط إيصال السلاح للقوى الإنفصالية في جنوبه ودرب العديد منها، وقام أكثر من مرة بأعمال لوجستية لمساعدتهم، وشكل لهم جهازًا أمنيًّا إستخباراتيًّا.
أما الولايات المتحدة فقد تعهدت بدعم السلام والتنمية في جنوب السودان، وكانت نتيجة هذه التعهدات التي جاءت في الإحتفالات بالذكرى الأولى للتأسيس، في يوليو 2012م، المزيد من الحروب والإنقسامات العرقية، يقودها رأسا السلطة هناك، الرئيس سيلفا كير ونائبه رياك مشار.
أما الغزل السياسي بين نظام “سلفا كير” والكيان الصهيوني فقد بلغ ذروته في هذا المجال حتى أن كير أشاد أكثر من مرة بدور الكيان في قيام دولة جنوب السودان وقال في إحدى تصريحاته: “لولا دولة أرض الميعاد ما قامت لنا قائمة”.
وكان سلفا كير قد قال خلال زيارة له “لإسرائيل” إن بلاده تعتبر “إسرائيل” نموذجا يحتذى به ومثلا للنجاح، مؤكدا أنه سيتعاون مع “إسرائيل” وسيعمل معها يدا بيد من أجل توثيق العلاقات.
ولطالما شكّل إنفصال جنوب السودان مصلحة أمريكية إسرائيلية عموما خاصة وأن البلدين تحينتا دوما الفرص لإلحاق الأذى بالسودان وزعزعة أمنه واستقراره وبالتالي فقد وجدتا في إستقلال جنوب السودان فرصة ذهبية في تحقيق هذا الهدف وكذلك في الدخول إلى المنطقة وتعزيز مصالحهما الأمنية والإقتصادية فيها على أمل أن يتحول الجنوب يوما إلى قاعدة عسكرية لهما في المنطقة.
لكن أطماع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تتجاوز الحدود الجغرافية للمنطقة لتستهدف جميع الدول العربية، فمن خلال النفوذ إلى القارة السمراء عبر جنوب السودان تسعى الولايات المتحدة وربيبها الكيان الصهيوني إلى تطويق الدول العربية عموما وحرمانها من نفوذها داخل القارة وعدم السماح لأي قوة في المنطقة بأن تتحول إلى دولة إقليمية قوية قد تصبح في المستقبل قوة مضافة إلى المحور المناهض للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
ويصف المراقبون محاولات دول لم يسمونها خلال العقود الماضية لضمان استقلال جنوب السودان، بأنها كانت “الحلقة الأولى في سلسلة إعادة الفك والتركيب لانتاج ما يسمى الشرق الأوسط الجديد والذي يمثل جوهر مفهومه في التخلص من الحدود الحالية لدولة، وإعادة تقسيم تلك الدول على أسس مختلفة، منها ما هو ديني وما هو مذهبي وما هو عرقي وغيرها.
المصدر: وكالة أنباء آسيا
104