محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عيسى أنه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يوماً: "تحُسن أن تصلي يا حمّاد؟"
فقلت: يا سيدي! أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة. فقال: لا عليك، قم صلِّ.
فقمتُ بين يديه متوجهاً إلى القبلة، فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت.
فقال: "يا حمّاد لا تحسن أن تصلي، ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة".
يقول حمّاد؛ فأصابني في نفسي الذل، فقلت: جُعِلت فداك فعلّمني الصلاة.
فقام أبو عبد الله عليه السلام، مستقبل القبلة منتصباً، فأرسل يديه جميعاً على فخذيه قد ضم أصابعه، وقرّب بين قدميه حتى كان بينهما قدر ثلاثة أصابع مفرّجات، واستقبل بأصابع رجليه جميعاً لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة، وقال: "الله اكبر" ثم قرء الحمد بترتيل، وقل هو الله أحد، ثم صبر هنيئة بقدر ما يتنفس وهو قائم، ثم قال: "الله اكبر" وهو قائم.
ثم ركع وملأ كفّيه من ركبتيه منفرجات، وردّ ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره؛ حتى لو صُبَّ عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره، ومدّ عنقه وغمَّض عينيه، ثم سبّح ثلاثاً بترتيل فقال:
"سبحان ربي العظيم وبحمده".
ثم استوى قائماً، فلما استمكن من القيام، قال: "سمع الله لمن حمده" ثم كبَّر وهو قائم، ورفع يديه حيال وجهه.
ثم سجد، ووضع كفيه مضمومة الأصابع بين ركبتيه حيال وجهه، فقال: "سبحان ربي الأعلى وبحمده" ثلاث مرات، ولم يضع شيئاً من بدنه على شيء، وسجد على ثمانية أعظم: الجبهة والكفين وعيني الركبتين وأنامل إبهامي الرجلين، فهذه السبعة فرض، ووضع الأنف على الأرض سُنّة وهو الإرغام.
ثم رفع رأسه من السجود، فلما استوى جالساً، قال: "الله اكبر" ثم قعد على جانبه الأيسر، قد وضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، وقال: "استغفر الله وأتوب إليه" ثم كبر وهو جالس، وسجد السجدة الثانية وقال كما قال في الأولى، ولم يستعن بشيء من جسده على شيء في ركوع ولا سجود، كان مجنّحاً ولم يضع ذراعيه على الأرض.
فصلى ركعتين على هذا ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التشهد، فلما فرغ من التشهد سلّم.
فقال: يا حمّاد! هكذا صلِّ ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك، ولا تبزق عن يمينك ولا عن يسارك ولا بين يديك.
المصدر: وسائل الشيعة، الجزء الخامس، الصفحة 459