من توجيهات السيد القائد في أسبوع الوحدة

السبت 2 ديسمبر 2017 - 06:53 بتوقيت غرينتش
من توجيهات السيد القائد في أسبوع الوحدة

يتطلب من أبناء أمتنا عزما لا يلين و إيمانا لا يتزعزع و وحدة شاملة لا يعتريها و هن و لا ضعف...

"نعيش هذه الأيام أسبوع الوحدة،الأسبوع الذي‌ يـبدأ بولادة خاتم الرسل و الأنبياء حسب رواية أهل السنة و ينتهي بهذه الذكري الكريمة‌ بـرواية الشيعة.لقد اتخذنا‌ مـن‌ ذكـرى ولادة نبي الإسلام مناسبة لتوطيد دعائم الوحدة لأنه-عليه أفضل الصلاة و السلام-رمز الوحدة و داعيتها و حقا ما قيل،بني الإسلام على دعامتين كلمة التوحيد و توحيد الكلمة.

والفئة المستضعفة التي آمنت‌ بما أنـزل اللّه على نبيه و توحدت صفوفها تحت قيادة رسول اللّه(ص)تحولت إلى قوة هائلة دكت حصون القوى الكبرى الشرقية و الغربية القائمة آنذاك.و أمتنا اليوم تتحمل مسؤولية العودة الصادقة إلى كلمة‌ التوحيد‌،إلى الإيمان الكامل بما جاء بـه مـحمد بن عبد اللّه عليه أفضل الصلاة و السلام من ربه لتحقق بذلك الوحدة الإسلامية الكبرى إن شاء اللّه. و هذه الكلمة جزء لا يتجزأ من‌ الإسلام‌،و ما آمن بالإسلام من لم يؤمن بضرورة وحدة الأمة الإسلامية و الوقـوف بـوجه الاستكبار العالمي أي بوجه القوى السياسية و العسكرية و الاقتصادية الكافرة المهيمنة على عالمنا الإسلامي .

يتطلب من أبناء أمتنا عزما لا يلين و إيمانا لا يتزعزع و وحدة شاملة لا يعتريها و هن و لا ضعف.

حديث الوحـدة هـذا نوجهه طبعا إلى المؤمنين بضرورة خوض المعركة الفاصلة مع‌ الاستكبار‌ العالمي‌ و ليس لنا مثل هذا الحديث‌ مع‌ تلك‌ الزمرة الموتورة التي تبذل جهودها لإقامة الوحدة مع جبهة الكفر بدلا مـن الوحـدة مـع المسلمين؛بل وتقف بوجه كـل حـكم إسـلامي‌ و نداء‌ إسلامي‌ يتعارض مع أهوائها.

بعد أن حققت الثورة الإسلامية‌ في‌ إيران نصرها المبين بعون اللّه و قوته راحت قوى الاستكبار العالمي و على رأسـها النـظام الأمـريكيي الفاجر الظالم تحيك شتى المخططات‌ للوقوف‌ بوجه‌ اتـساع الصـحوة الإسلامية في المنطقة . تهدف تلك المخططات إلى إيجاد‌ وحدة اصطناعية بين البلدان الرجعية لتكوين جبهة معادية للدولة الإسلامية الوليدة في إيـران.إن جـبين كـل مسلم غيور‌ ليندى‌ إذ‌ يرى أن هذه الدولة المسماة بالإسلامية لا تجرب الوحدة إلا عـندما‌ يراد‌ لها أن تكون جبهة لضرب نظام منبثق عن الإسلام و الثورة الإسلامية.

أبناء الأمة في إيران لا‌ يخشون‌ طبعا‌ تـجمع هـذه الأصـفار،فهذه الأمة أسلمت وجهها للّه و تردد أمام هذه التجمعات‌ المشبوهة‌ ما‌ ردده الرهـط الكـريم في صدر الإسلام كما يخبرنا عن ذلك القرآن الكريم حيث يقول‌:

{و لما‌ رأى‌ المؤمنون الأحزاب قالوا هـذا مـا وعـدنا اللّه و رسوله و صدق اللّه و رسوله و ما زادهم إلا‌ إيمانا‌ و تسليما}(1)،الإسلام جعل من الشعب الإيـراني أمـة مـثل تلك الأمة التي يقول عنها‌ القرآن‌:

{الذين‌ قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكـمفـاخشوهم فـزادهم إيمانا و قالوا حسبنا اللّه‌ و نعم‌ الوكيل،فانقلبوا بنعمة من اللّه و فضل لم يمسسهم سوء،و اتبعوا رضـوان اللّه و اللّه ذو‌ فضل‌ عظيم،إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين(2).

إن الاتـحاد القـائم عـلى‌ أساس‌ الأغراض و المطامع الشخصية،الاتحاد الذي لا يعير أهمية لمصالح الشعوب و عواطفها و مشاعرها‌ و لا‌ يهدف‌ رضا اللّه سـبحانه و تـعالي هو مثل ذلك المجتمع الذي تحدث عنه القرآن الكريم إذ قال‌:{أم‌ يقولون‌ نحن جميع مـنتصر،سـيهزم الجـمع و يولون الدبر}(3). إن زعماء الأنظمة الرجعية في المنطقة‌ يتشبثون‌ بالمتناقضات لمواجهة المد الإسلامي،فهم يبذلون الجـهود لإقـامة وحدة اصطناعية و في الوقت نفسه يسعون في بث‌ ألوان‌ الفرقة و التناحر بـين أبـناء بـلدانهم و أبناء الأمة الإسلامية الكبرى. إن ساحة العالم الإسلامي‌ تشهد‌ اليوم مؤامرات مدروسة لإثارة الخلافات بين السـنة‌ و الشـيعة‌ و لديـنا‌ معلومات دقيقة عن خيوطها و جيوبها.و كذلك تشهد‌ تنفيذ‌ مخططات للفصل بين عـلماء الديـن و الفئة المثقفة و الجامعية و لفصل المثقفين و الجامعيين عن جماهير‌ الأمة‌ و لإيجاد روح التنافر بين جيل‌ الشباب‌ و جيل الآبـاء‌ و الكـهول‌ و كلها‌ مؤامرات دنيئة خطط لها المستكبرون الطامعون‌ و يعمل‌ على تنفيذها الزعماء الخـاضعون للسـيطرة الأميركية في منطقتنا.

فإثارة النعرات العنصرية و القـومية‌ و الوطـنية‌ هـي واحدة من تلك المؤامرات الرامية‌ إلى محاربة الإسـلام و تـمزيق‌ الشعوب‌ الإسلامية.إن مشاعر حب القوم و الوطن‌ بمقدورها‌ أن تتجه نحو توثيق عري المحبة و التـعاون و نـحو تفجير الطاقات الخلاقة و لكن المـتآمرين‌ مـسخوا‌ هذه المـشاعر و صـيروا مـنها حربة‌ لتفريق‌ الشعوب المـسلمة عـن بعضها‌.لقد‌ تصاعدت محاولات المستعمرين بعد انتصار الثورة الإسلامية لإثارة نعرة القـومية العـربية في محاولة لاستفزاز‌ عواطف‌ الأمة فـي إيران و دفعها نحو القـومية‌ الإيـرانية‌ لكن هذه‌ المحاولة‌ فشلت‌ فـشلا ذريـعا أمام تصاعد‌ الروح الإسلامية في إيران،فلم تثربين أبناء شعبنا أية حساسية تجاه سـائر الشـعوب المسلمة الأخرى‌ و لم‌ تعد اللغـة تـشكل أي حـاجز نفسي‌ بين‌ شـعبنا‌ المـسلم‌ و سائر‌ الأخوة المسلمين.

و عـليكم‌ أنـتم‌ يا أبناء أمتنا الإسلامية الكبري عامة الناطقين بالضاد خاصة أن تواجهوا هذه المؤامرة بحزم و وعـي و تـفضحوا‌ كل‌ الشعارات‌ التي تحاول أن توهن عـرى الوحـدة بين‌ المـسلمين‌،جـميع‌ أبـناء‌ الأمة‌ شبابهم‌ و كهولهم، مـشقفيهم و علماء دينهم،شيعيهم و سنيهم،متعلمهم و أميهم يتحملون اليوم مسؤولية الالتفاف حول محور الإسلام لمواجهة الخـطر المـتفاقم الذي يهدد وجود أمتنا الإسلامية أكثر مـن أي وقـت‌ مـضى،هـذا الخـطر المتمثل بسيطرة القـوى الكـبري و علي رأسها أمريكا على جميع مقدرات الأمة.هذا النداء موجه إلى الحكومات في عالمنا الإسلامي أيضا،هـذه الحـكومات تـتحمل مسؤولية التقارب مع بعضها‌ إضافة‌ إلى مسؤولية اقـترابها مـع شـعوبها لتـنهض بـالدفاع عـن بلدانها إزاء الخطر الأمريكي و السوفياتي.عالمنا الإسلامي بما يمتلكه من طاقات معنوية و بشرية و مادية يستطيع أن ينهض على الساحة العالمية بدور‌ حاسم‌. ترى أي تحول سيحدث في العالم لو استعادت أمـتنا الإسلامية دور الشاهد الوسط في الحركة التاريخية؟هذا التحول أدرك المستعمرون أبعاده و من هنا فهم يبذلون‌ كل‌ ما وسعهم من جهد للوقوف‌ بوجه‌ تحققه،فتحققه سوف لا ينهي السيطرة الاستكبارية على العالم الإسلامي فحسب بـل عـلى جميع بقاع العالم.يا أبناء أمتنا رجالا و نساء في كل مكان‌ و يا‌ من حللتم ضيوفا على‌ الجمهورية‌ الإسلامية في أسبوع الوحدة الإسلامية ثمة مسألتان ينبغي التأكيد عليهما بشدة فـي هـذا الصدد:

الأولى:إن الاستكبار العالمي يستهدف أن ينفذ - مهما كلف الثمن - مخطط النزاع الطائفي بين السنة و الشيعة‌ و علينا‌ أن نحشد كل طاقاتنا للوقوف بوجه هذه المخططات،إنـها مـخططات كبيرة و تحاول أن توصف الثورة فـي إيـران على أنها ثورة طائفية،ثورتنا ثورة كل المسلمين بما فيهم السنة و الشيعة،لا‌ تفسحوا‌ المجال للاستكبار‌ الأمريكي أن ينفذ من ثغرة التفرقة بين السنة و الشيعة لتـنفيذ هـدفه في فصل الأمة عـن ثـورتها المنطلقة‌ من إيران.لقد أنهينا داخل بلدنا مسألة الخلافات الطائفية،فالأخوة من‌ أهل‌ السنة‌ اليوم ملتفون حول الثورة الإسلامية قدر التفاف الأخوة الشيعة حولها.إن كل مخططات القوى المضادة للثورة الرامـية للاسـتغلال‌، باءت بالفشل الذريع و الحمد للّه، و على المسلمين جميعا أن يسلكوا هذا النهج‌.

المسألة‌ الثانية‌:إن النظام العميل الحاكم في العراق،أساء أيما إساءة إلى وحدة الأمة الإسلامية في هجومه‌ العدواني على الجـمهورية الإسـلامية.

هذه النـظام زج القوات العراقية في حرب ظالمة على‌ الكيان الإسلامي بينما كان‌ من‌ المفروض أن تتجه القوات العراقية و الإيرانية مـعا لمواجهة عدوهما المشترك عدو الإسلام،هذا الهجوم الظالم المعادي للإسلام و الصـحوة الإسـلامية و المـسنود من أمريكا و الدول العميلة في المنطقة ترافقه هذه الأيام خطة لئيمة‌ تتمثل في الدعوة إلى الصلح،هذه الدعوة الزائفـة ‌ ‌الخـادعة تستهدف صرف أنظار الرأي العام العالمي عن المسألة الحقيقية في هذه الحـرب و هـي تـحديد المعتدي و معاقبته.إن‌ الشعب‌ المسلم الإيراني تحمّل في هذه الحرب خسائر مادية و معنوية جسيمة لكـن الخسارة سوف تكون أكبر بكثير لو تنازل هذا الشعب المظلوم عن حقوقه العادلة لأن هـذا التنازل يصادر القيم التـي‌ نـهض‌ من أجل تحقيقها و يشجع العدوان و المتعدين و يدفع إلى ظهور صدام جديد كل يوم في المنطقة.

أيها الإخوة و الأخوات و يا ضيوف أسبوع الوحدة الأعزاء،اعلموا:أن ثورتنا سائرة على طريق‌ رفض‌ التبعية للشرق و للغـرب دون هوادة في كل الميادين السياسية و العسكرية و الاقتصادية و لن يستطيع العملاء بكل أعمالهم الاستفزازية أن يشغلونا عن النضال ضد الشيطان الأكبر(أمريكا)إذ أننا سائرون على‌ خط‌ رسالة‌ خاتم الأنبياء محمد(ص)إن شاء‌ اللّه‌ حتى‌ تـحقيق أهـداف هذه الرسالة الكبرى،أسأل اللّه سبحانه و تعالى أن يمن على أمتنا بالسير على هدي صاحب هذه الذكرى المباركة و ينصرها‌ على‌ أعدائها‌ إنه تعالى مجيب.بسم اللّه الرحمن الرحيم: {إذا‌ جاء‌ نصر اللّه و الفتح و رأيت النـاس يـدخلون في دين اللّه أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره إنه كان توابا(4)..

الهوامش:

(1)الأحزاب‌/22‌.

(2)آل‌ عمران/173،174،175.

(3)القمر/44،45.

(4) مقتطفات من الخطبة‌ العربيةالتي ألقاها سماحة آية اللّه السيد علي خامنئي قائد الثورة الإسلامية وولي أمـر المـسلمين في صلاة الجمعة‌ بطهران‌ بتاريخ‌ 12 ربيع الثاني 1403 هـ.

المصدر:المجلة الثقافية