لهذه الأسباب....إنتصر الحسين(ع) (القسم الأول)

الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 - 12:34 بتوقيت غرينتش
لهذه الأسباب....إنتصر الحسين(ع) (القسم الأول)

النهضة الحسينية - الكوثر.. لقد حققت الثورة الحسينية نصراً كبيراً ظل خالداً و سيبقى إلى الأبد ، لذا فإن من يتهم هذه الثورة العظيمة بعدم تحقيق أهدافها ، و عدم انتصارها فإنه مخطئ قطعاً ، و لا يفهم حقيقة النصر .

الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

لقد حققت الثورة الحسينية نصراً كبيراً ظل خالداً و سيبقى إلى الأبد ، لذا فإن من يتهم هذه الثورة العظيمة بعدم تحقيق أهدافها ، و عدم انتصارها فإنه مخطئ قطعاً ، و لا يفهم حقيقة النصر . فليس النصر يقاس بالمقاييس العسكرية المادية فقط ، فهنالك النصر المعنوي الذي هو أكبر أنواع النصر الذي يبقى ما بقيت الدنيا . أما بخصوص عوامل النصر في الثورة الحسينية فنقول: إن من عوامل النصر الذي حققته الثورة الحسينية أمور كثيرة تحققت فيها ، وبعدها تعكس انتصارها الحقيقي ، لا المادي (العسكري)، و من أهم ما يؤيد ذلك :
1
ـ كتاب الإمام الحسين ( ع ) إلى بني هاشم بما سيحققه من فتح :
فقد كتب ( ع ) كتاباً إلى بني هاشم في المدينة قال فيه " بسم الله الرحمن الرحيم . من الحسين بن علي إلى محمد بن علي و من قبله من بني هاشم . أما بعد فإن من لحق بي استشهد ، و من لم يلحق بي لم يدرك الفتح " .فما المراد من الفتح ؟ و ما هذا الفتح ؟
لعل المراد بالفتح هو الفتح للدين و للدعوة الإسلامية التي أراد بني أمية ذبحها و إنهاء وجودها ، لكن الإمام الحسين ( ع ) فتح الدين و نشره من جديد كما فعل جده المصطفى ( ص ) . فهو ( ع ) يقول في دعائه يوم عاشوراء : " اللهم إن كنت حبست عنا النصر ، فاجعل ذلك لما هو خير في العاقبة ، و انتقم لنا من القوم الظالمين " .
يقول الشيخ محمد عبده  : " لولا الأمام الحسين لما بقي لهذا الدين من أثر " .
كما و تقول الكاتبة الإنكليزية ( فريا ستارك ) : " إن كان الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية ، فأنني لا أدرك لماذا أصطحب معه النساء و الصبية ؟" إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام  .
قال المستشرق الفرنسي ( لويس ماسينيون ) في الأمام الحسين ( ع ) : أخذ الحسين على عاتقه مصير الروح الإسلامية ، و قُتل في سبيل العدل بكربلاء."
و لعل المراد بالفتح شيء آخر أسمى و أنبل من ذلك لا يمكننا إدراكه ، و ليس في دار الدنيا بل في الآخرة من علو المنزلة و عظمة الشأن .و لعله النصر الآجل ، بانتصار المبادئ التي قاتل من أجلها ، و ليس القياس قياساً عسكرياً .
يقول الكاتب و المفكر و المستشرق الإنكليزي  توماس كارلايل  : " أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين و أنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله ، و قد أثبتوا فعلاً بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له وقت المواجهة بين الحق و الباطل ، و الذي أثار دهشتي هو انتصار الحسين رغم قلة الفئة التي كانت معه " .
كما و قال المؤرخ الأمريكي ( واشنطن أيروينغ ) في الإمام الحسين ( ع ) :
"كان بميسور الإمام الحسين النجاة بنفسه عبر الإستسلام لإرادة يزيد ، إلا أن رسالة القائد الذي كان سبباً لانبثاق الثورات في الإسلام لم تكن تسمح له الاعتراف بيزيد خليفة ، بل وّطن نفسه لتحمل كل الضغوط و المآسي لأجل إنقاذ الإسلام من مخالب بني أمية ، و بقيت روح الحسين خالدة ، بينما سقط جسمه على الرمضاء اللاهبة . أيها البطل ، و يا أسوة الشجاعة ، و يا أيها الفارس يا حسين " .
و لعل الفتح هو بخلق جيل جديد صالح ، يميز الحق من الباطل ، و يتربى التربية الإسلامية الحسينية .
يقول الكاتب و المفكر الغربي ( هربرت سبنسر ) في الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
" إن أرقى ما يأمل الوصول إليه الرجال الصالحون هو المشاركة في صناعة الإنسان الآدمي ، أي الإشتراك في خلق جيل صالح ، بينما مدرسة الحسين ليست فقط مدرسة تنبذ المذنبين ، و لا يمكن لها أن تكون من صانعيهم ، بل إنها لا تكتفي بكونها تسعى لخلق جيل صالح ، إنها مدرسة لتخريج المصلحين ."
أو غيره ، لكن الأمام ( ع ) أخبر بالفتح و الحقيقة إن كل ما تحقق بعد الثورة الحسينية المباركة هو فتح ، و هو انتصار ، فالمكاسب التي تحققت عظيمة جداً و خلاف التوقعات البشرية المحدودة .
2
ـ ما أخبر به الأمام السجاد ( ع ) من إنتصار أبيه الإمام الحسين ( ع ) :
فقد قال إبراهيم بن طلحة للإمام السجاد ( ع ) : " يا علي بن الحسين من غلب ؟ ."
فقال له زين العابدين ( ع ) : " إذا أردت أن تعلم من غلب و دخل وقت الصلاة فأذن ثم أقم."
يقول علي شلق : " بقي الحسين بن علي ( ع ) يذكر حياً ، نضراً ، فواحاً ، كلما ذكر محمد و آل محمد و رسالة محمد ( ص ) ، في كل صلاة ، و في كل تسليم " .
فقد حافظت الثورة الحسينية على الدين و على الصلاة التي هي عمود الدين ، و التي أرادت طغمة بني أمية محوها ، و يكفيك ما قاله أبو سفيان : " تلاقفوها يا بني أمية فإنه الملك و لا جنة و لا نار " ، و بالتالي لا دين و لا صلاة .
و ما قاله معاوية بن أبي سفيان لما سمع المؤذن يقول أشهد أن محمداً رسول الله : " إلا دفناً دفنا  . " أي أنه سوف يسعى لدفن هذا الدين بدفن الأذان و دفن الصلاة ، و دفن ذكر محمد ( ص ) ، بل دفنه بدفن آل بيته ( ع ) . و كذلك ما فعله من سبه و لعنه للإمام علي ( ع ) على المنابر علناً ، و هو بذلك و كما يقول الدكتور سعيد عاشور المصري : ( و كلنا نعلم ماذا كان يقول زياد ابن أبيه و غير زياد من سباب هو في حقيقة الأمر ليس موجهاً إلى علي بقدر ما هو موجه إلى المسلمين كافة و إلى نبي المسلمين ، إلى رسول الله ( ص ).

فهو بسب علي ( ع ) يسب النبي ( ص ) و يسب دين الإسلام ، و الأحاديث واضحة جلية تشير بما لا يقبل الشك إن من يسب علي فهو يسب الرسول ، و من يسب الرسول فهو يسب الله تعالى . فهل تحقق لبني أمية مبتغاهم ، و هل نجحوا في سعيهم و أمانيهم و خططهم ؟
الجواب يأتي بالنفي ؛ و ذلك لأنهم حاربوا الله تعالى بحربهم للنبي ( ص ) و آل بيته ( ع ) ومن يحارب الله خائب خاسر جزاؤه الخزي في الدنيا ، و العذاب الأليم في الآخرة .
3ـ زلزلة عرش بني أمية و عدم استقرار ملكهم
فحين أقدم بنو أمية على قتل نجل السلالة المحمدية ، و حامل شعلة الرسالة ، و وريث التعاليم المحمدية الأصيلة ، و صاحب المكانة الدينية العليا في عصره ، و انتهاك حرمته و هذه هي الجريمة الكبرى و المصيبة العظمى التي حلت بالإسلام و المسلمين ، و التي أدت إلى زلزلة عرش بني أمية و كل الطغاة ، و أبقت شعلة الإسلام وقادة و أزلية .
قال المستشرق الانكليزي المعروف  نيكلسون  في الإمام الحسين ( ع ) : "كان بنو أمية طغاة مستبدين ، تجاهلوا أحكام الإسلام ، و استهانوا بالمسلمين ، و لو درسنا التاريخ لوجدنا أن الدين قام ضد الطغيان والتسلط ، و أن الدولة الدينية قد واجهت النظم الإمبراطورية ، و على هذا فالتاريخ يقضي بالإنصاف في أن دم الحسين في رقبة بني أمية " .
و بذلك ترسخ للناس حقيقة أن طاعة بني أمية ليست من الدين بشيء ، بل على العكس من ذلك ، فإن الدين الحقيقي يدعو إلى البراءة منهم ، و الوقوف بوجههم ، و محاربتهم ، و الإطاحة بهم .
يقول الكاتب المصري  عباس محمود العقاد  : " ثورة الحسين واحدة من الثورات الفريدة في التاريخ لم يظهر نظير لها حتى ألان في مجال الدعوات الدينية أو الثورات السياسية ، فلم تدم الدولة الأموية بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبيعي ، و لم يمض من تاريخ ثورة الحسين حتى سقوطها أكثر من ستين سنة و نيف " .
4ـ التعريف بالدين ، و العودة للإسلام الحقيقي
لقد كان للثورة الحسينية الأثر البالغ في التعريف بالدين على حقيقته ، و إيضاح معالمه ، و رفع الشك و الارتياب و الحيرة عنه ، و الشاهد على ذلك الزيارات الخاصة بالإمام الحسين ( ع ) و ما بها من توضيح لما قام به الأمام ( ع ) من أجل رفعة الدين الإسلامي و بقائه .
فنقرأ في زيارته ( ع ) : " ... فأعذر في الدعاء ، و ابذل مهجته فيك ، ليستنقذ عبادك من الضلالة و الجهالة و العمى و الشك و الارتياب إلى باب الهدى من الردى ."و الكثير من الزيارات لمن أراد الإطلاع عليها و الواردة عن المعصوم .
يقول العالم الأمريكي الأنثروبويولوجي كارلتون كون  في الإمام الحسين ( ع  : ( "دلت صفوف الزوار التي تدخل إلى مشهد الحسين في كربلاء و العواطف التي ما تزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره ، كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن الموت ينفع القديسين أكثر من أيام حياتهم مجتمعة .." .
5ـ فاجعة الطف صرخة الحق بوجه الباطل .
ما حققته فاجعة الطف من كونها الصرخة المدوية التي هزت كيان الأمة ، و أخرجتها من سباتها العميق ، و نبهتها من غفلتها ، فزعزعت أسس الظالمين ، و دكت عروشهم ، و أفشلت مخططاتهم القديمة و المستقبلية ، و أكبر دليل على ذلك الثورات التي تلت الفاجعة و التي لم تقف إلا بإسقاط ملك بني أمية إلى الأبد .
يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء : " نهض الحسين ( ع ) تلك النهضة الباهرة ، فقشع سحب الأوهام ، و إنتزع النور من الظلام ، و أصحر بالهدى لطالبه ، و بالحق الضائع لناشده ... و يتفرع من هذه المزية مزايا تفوق حد العد ، و يحصر عنها لسان الحصر " .
بل إن الثورة الحسينية أصبحت شعاراً للثوار و المظلومين و المضطهدين في كل دول العالم ، باختلاف لغاتهم ، و ألوانهم ، و دياناتهم ، فحتى غير المسلم يستلهم العزم من الثورة الحسينية فهذا ( غاندي ) يقول : " تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر " .
و هذا الزعيم الأفريقي ( نيلسون مانديلا ) يقول : " تعلمت الثبات و الصمود و الصبر من الحسين و عائلته و أصحابه " .
كما و قال القائد و المناضل الصيني ( ماو تسي تونغ ) في الإمام الحسين ( ع ) حينما زاره وفد من منظمة التحرير الفلسطينية برآسة ياسر عرفات ، و ذلك بعد نكسة ـ خيانة ـ حزيران 1967 ، من أجل الحصول على الدعم ، و التعرف على أساليب النضال و سبل الكفاح الثوري في التجربة الصينية ،  ماوتسي تونغ  لياسر عرفات : " عد إلى وطنك فعندكم أيها العرب الثورة الحسينية فتعلم منها كما تعلمنا منها !!!؟ " .
و ما قاله المناضل  موريس دوكابري ريس  في الإمام الحسين ( ع ) :
"يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف و أعراض الناس ، و لحفظ حرمة الإسلام ، و لم يرضخ لتسلط و نزوات يزيد ، إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة لنتخلص من نير الاستعمار ، و أن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة " . و غيرهم .
يقول الكاتب المسيحي  أنطوان بارا  عن تأثير الثورة الحسينية في الحس الثوري العالمي : " المظلومون و المضطهدون و المقهورون و المروعون من كل المذاهب و البقاع يتجهون في كل رغباتهم إلى جوهر ثورة الحسين . ففي اتجاههم الفطري ورود إلى منبع الكرامة و الإنصاف و العدل و الأمان " .
و قد قال ونستون تشرشل وزير الحرب البريطاني في الكلمة التي ألقاها في مجلس اللوردات البريطاني ، حول ما لثورة الإمام الحسين من أهمية في الإبقاء على روح الإسلام الأصيلة : " ما دام للمسلمين قرآن يتلى ، و كعبة تقصد ، و حسين يذكر ، فإنه لا يمكن أن يُسيطر عليهم " .
و يقول القائد الألماني  أدولف هتلر  و هو يحث قواته على الصمود في القتال : " أثبتوا في القتال كما ثبت الحسين بن علي سبط محمد و أصحابه في كربلاء و هم نفر قليل بين ألوف تفوقهم عدداً فنالوا بذلك المجد الخالد " .
و لقد صرح  عمرو بن الحجاج  عن حقيقة أصحاب الحسين ( ع ) و شجاعتهم ، و عزمهم على الموت إذ يقول لأصحابه محرضاً : " أتدرون من تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان المصر ، و أهل البصائر ، و قوماً مستميتين لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه على قلتهم ... " .
و قيل لرجل شهد الطف مع إبن سعد : " ويحك أقتلتم ذرية الرسول ؟ ! فقال : عضضت بالجندل ، إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا ، ثارت علينا عصابة أيديهم على مقابض سيوفهم كالأسود الضارية تحطم الفرسان يميناً و شمالاً تلقي نفسها على الموت لا تقبل الأمان و لا ترغب في المال و لا يحول حائل بينها و بين المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها فما كنا فاعلين لا أم لك " .
و قد أجاد السيد باقر الهندي ( رحمه الله ) بقوله :
لو لم تكن جمعت كل العلى فينا           لكان ما كان يوم الطف يكفينا
يوم نهضنا كأمثال الأســــود به            و أقبلت كالدبا زحفاً أعاديــنا
جاؤوا بسبعين ألفاً سل بقيتـهم          هل قابلونا و قد جئنا بسبعينا
و من أدلة النصر التي كانت للحق يوم كربلاء هو طلب عزرة بن قيس و هو على الخيل التي كانت في جند أبن سعد للمدد بعد أن رأى الوهن بادٍ في أصحابه ، فمده بالحصين بن نمير مع خمسمائة من الرماة .
و كذلك اعتراف شبث بن ربعي بأحقية الثورة الحسينية ، و ضلال من حاربه :" قاتلنا مع علي بن أبي طالب ، و مع إبنه من بعده ـ أي الإمام الحسن ( ع ) آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده و هو خير أهل الأرض ، نقاتله مع آل معاوية و إبن سمية الزانية ؟ ! ضلال يا لك من ضلال . و الله لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً ، و لا يسددهم لرشد " .
يقول إبراهيم بيضون : " ... فلقد وضع الحسين في استشهاده العظيم قانوناً للشعوب التي ترفض الإنصياع للظلم و تأبى إلا أن تكون لها الحرية و الكرامة و القضية . و ما زال دمه الثائر يطارد الطغاة و يدك عروش الظالمين في كل زمن ... و يزيد نفسه الذي هو بُعيد كربلاء إنما سقط في تلك اللحظة و من هذا المكان بالذات ، و ما تبقى منه لوقت قصير لم يثبت غير ذلك ، و إن تمادى في الترهيب و أستباحة المقدسات " .