تطوفُ بيَ الأفكارُ حزناً فتُكتبُ *** وتسعى لحجِّ الصبرِ والحجُ زينبُ
هيَ العالمُ الأعلى وسدرةُ منتهى *** وجوهرُها التسبيحُ والسرُّ غيهبُ
أقامَ لها الإيمانُ عرشَ قداسةٍ *** إلى عرشِها كل الفضائلِ تُنسبُ
لها الغيمةُ البيضاءُ في كلِّ مريمٍ *** بأمطارِها أرضُ الإمامةِ تُعشبُ
لها أقدسُ الكفَّينِ. كفٌ ككعبةٍ *** وفي كفِّها الأخرى تحمحمُ يثربُ
فكلُّ جلالِ الأرضِ لونٌ لظلِّها *** وخطوتُها الأنهارُ والناسُ تنضبُ
على إسمها كلُّ الفجائعِ نقطةٌ *** تيتِّمُها الأحزانُ وهيَ لها أبُ
فأن جاءَ جرحُ الوقتِ يحكي عذابَها *** كأنْ ألفَ عيسى في الحكايةِ يُصلبُ
جراحُ جميعِ الخلقِ قشّة بحرِها *** ودمعتُها الإشراقُ والحزنُ مغربُ
تنامُ بعينيها مساءاتُ وحشةٍ *** فهل طاحَ بعضُ الدمعِ أم طاحَ كوكبُ
هي الوارثُ الشرعي للوجعِ الذي *** تلوذُ به الأشجارُ والوقتُ يحطبُ
فمنْ أينَ هذا الجرحُ يتلو مصابَها *** وقرآنُها بالانتظارِ يخضَّبُ؟
ومنْ أيِّ خطٍ للبدايةِ تبتدي *** قناديلُها الحمراءُ بالقتلِ تشخبُ؟
أمنْ أمِّها الزهراءِ أيقظَ ضلعُها *** جيوشَ الرزايا والسماواتُ تنحبُ؟
أمنْ كوثرِ المحرابِ تجري صلاتُه *** دماً هاشميَّ الروحِ والدينُ يندبُ؟
أمنْ مُجتبى الأملاكِ والسُّمُّ صورةٌ *** لسُفيانِها حيثُ الرذائلُ تصخبُ؟
وعفواً لعباساتِ جرحِكِ مالها *** مثيلٌ يحاكيْها ولا السيفُ ينجبُ
فكمْ من دماءٍ أودعتكِ شجونَها *** وكمْ غاضرياتٍ بقلبكِ تنشبُ
تخطينَ علياءَ الفداءِ بكربلا *** وأوراقُكِ الأبناءُ والسيفُ يَكتبُ
وحتى إذا لم يبقَ غيرُ مخيمٍ *** لمحرقةِ الأطفالِ والنارُ تلهبُ
تَباروا لسلبِ المكرماتِ. توهَّموا *** بأنَّ الصراطَ المستقيمَ يُسلّبُ
وكيفَ؟ وهلْ يسبونَ صوتاً قيامةً *** أزاحتْ ثمودَ الشامِ والموتُ مَهربُ؟
وقفتِ تدكِّينَ العروشَ بخطبةٍ *** كأنَّ سماءً بالصواعقِ تخطبُ
لكِ الفضلُ إذ لولاكِ لم تبقَ شرعةٌ *** ولا سارَ في دربِ الهدايةِ موكبُ
أعدتِ لقلبِ الدينِ نبضَ حياتِهِ *** فذكراكِ من كلِّ العباداتِ أثوبُ