بكر بن حيي التيمي..قلبٍ تاقَ إلى الشهادة

الأربعاء 27 سبتمبر 2017 - 13:41 بتوقيت غرينتش
بكر بن حيي التيمي..قلبٍ تاقَ إلى الشهادة

أنصار الحسين-الكوثر

قُبيل الاشتباك
قُبَيل ليلة عاشوراء الرهيبة.. جَمَع الإمامُ الحسين عليه السّلام أصحابَه، فقام خطيباً فيهم قائلاً:
أُثني على الله أحسَنَ الثناء، وأحْمَدُه على السرّاءِ والضرّاء. اللّهمَّ إنّي أحْمَدُك على أن أكْرَمْتَنا بالنبوّة، وعلَّمْتَنا القرآن، وفَقَّهتَنا في الدِّين، وجَعَلْتَ لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدةً، فاجْعَلْنا من الشاكرين.
أمّا بعد.. فإنّي لا أعلَمُ أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهلَ بيتٍ أبَرَّ ولا أوصلَ مِن أهل بيتي، فجزاكمُ اللهُ عنّي خيراً. ألاَ وإنّي لأظُنُّ يوماً لنا مِن هؤلاء، ألاَ وإنّي قد أذِنْتُ لكم، فانْطَلِقوا جميعاً في حِلٍّ ليس عليكم حَرَجٌ منّي ولا ذِمام، وهذا الليلُ قد غَشِيَكُم فآتَّخِذُوه جَمَلاً.. فإنّ القومَ إنّما يطلبوني، ولو قد أصابوني لَلَهَوا عن طلب غيري.
فقام له إخوتُه وابناؤه، وبنو أخيه، وأبناء عبدالله بن جعفر ( وهم أبناء العقيلة زينب الكبرى عليها السّلام ) فقالوا: لِمَ نَفعَلُ ذلك ؟! لنبقى بعدك ؟! لا أرنا الله ذلك أبدا.. وقال مسلم بن عَوسَجة: أنحن نُخلّي عنك ؟! وبماذا نَعتذرُ إلى الله في أداء حقّك ؟! وقال سعيد بن عبدالله الحنفيّ: واللهِ لا نخلّيك حتّى يعلمَ اللهُ أنّا قد حَفِظْنا غَيبةَ رسوله فيك.. وتكلّم الأصحاب بما يشبه بعضُه بعضاً، فجزّاهمُ الحسينُ خيراً (1).
وأمّا بكر بن حُيَيّ بن تَيْم الله التَّيْميّ.. فقد كان خرج مع عمر بن سعد إلى قتال الإمام الحسين عليه السّلام، حتّى إذا قامت المعركة على ساقٍ، ورأى اصطفافَ الأصحاب حول إمامهم سيّد شباب أهل الجنّة صلوات الله عليه يفدّونه بأرواحهم، مالَ قلبُه إلى أبي عبدالله الحسين عليه السّلام مرّةً واحدة على ابن سعد، مُنْضَمّاً إلى أبطال الحقّ وأنصار آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله، الذين يصفهم الشاعر ويقف على شهاداتهم قائلاً:

بأبي الواردونَ حَوضَ المنايا        يومَ ذِيدوا عنِ الفُراتِ المُباحِ

بأبي اللاّبسون حُمْـرَ ثيـابٍ          طَرّزَتْهُنّ سـافياتُ الرِّيـاحِ

أشرقَ الطفُّ منهمُ وزَهـاها         كلُّ وجهٍ يُضيءُ كالمصباحِ

نحو الآفاق
لم يُطِقْ بكرُ بن حُيَيّ التَّيميّ صبراً، حتّى دخل معركةَ الطفّ بقلبٍ تاقَ إلى الشهادة المكَفّرةِ عن الذنوب، فما أن انتَهَتِ الحملةُ الأولى التي بدأها عمر بن سعد بسهمه المَشْؤوم، وواصلَها شِمْرُ بن ذي الجوشن بهجومه الظَّلُوم، حتّى برَزَ بكرُ التَّيْميّ، فقُتِل شهيداً بين يَدَي سيّد الشهداء عليه السّلام (2).
فكان في زمرة الشهداء الأبرار الذين نزورهم بعد الإمام الحسين عليه السّلام فنقول لهم: السلامُ عليكم يا أنصارَ اللهِ وأنصارَ رسوله، وأنصارَ عليِّ بنِ أبي طالب وأنصارَ فاطمة، وأنصارَ الحسن والحسين، وأنصار الإسلام. أشهد لقد نصحتُم للهِ، وجاهدتُم في سبيله، فجزاكمُ اللهُ عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء، فُزْتُم واللهِ فَوْزاً عظيماً، يا ليتَني كنتُ معكم فأفوزَ فَوزاً عظيماً. أشهدُ أنّكمُ الشهداءُ والسعداء، وأنّكمُ الفائزون في درجات العُلى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (3).
أو الذين زارهم الإمامُ المهديّ المنتظر عجّل الله تعالى فَرَجه الشريف بقوله:
« السلام عليكم يا خيرَ أنصار، السلام عليكم بما صَبَرتُم فَنِعْم عُقْبى الدار، بَوّأَكُمُ اللهُ مُبَوَّأَ الأبرار.. » (4).