ورد أنه بعد عودته من كل درس كان يمر على منزل والدته الصالحة ليلقي عليها السلام والتحية .. يجلس عندها ويتحدث لها عن التاريخ الإسلامي والدين .. ويلاطفها بالقصص الفكاهية ذات المعاني الهادفة. حتى يدخل السرور على قلب أمه التي عانت في حياتها كثيرا.
ذات يوم خاطبها مازحا وهو يذكرها أيام زمان: هل تذكرين يا أماه يوم كنت أدرس المقدمات (العلوم الابتدائية الدينية) كنت ترسليني لشراء حاجيات للطبخ وأنا أؤجل ذلك إلى انتهائي من دروسي وأنتِ تغضبين علي وتقولين: أنا بلا خلف (يعني بلا ولد يعينها) فهل لا تزالين بلا خلف يا أماه؟ فترد عليه أمه العجوز وهي مازحة أيضا: أجل .. اليوم كذلك, أنا بلا معين! لأنك في تلك الأيام كنت تحضر حاجيات البيت, واليوم صرت شيئا في هذه الدنيا, تحتاط في إعطائنا من بيت مال المسلمين, فلا زلت تجعلنا في ضيق!
وهذه الأم تحملت طول عمرها صعوبات الفقر.. ذات مرة فتحت لسان عتابها على ولدها المرجع الكبير قائلة: كم هي الأموال التي تبعثها إليك الشيعة من أطراف البلاد الإسلامية؟ فلماذا لا تساعد بها أخاك منصور.. إنه محتاج ولا يكفيه ما بيده, اعطه قدر حاجته!
فنهض الشيخ مرتضى الأنصاري وقدم إليها مفتاح الغرفة التي كان يحفظ فيها أموال المسلمين.. وهو يقول لها: أي مقدار تريدين خذيه لأبنك, ولكنك مسؤولة أمام الله يوم القيامة!
كان الشيخ يعرف كيف يعالج عاطفة أمه المؤمنة التي كانت تتألم من الفقر وتفكر عاطفيا لولدها منصور, ولقد استفاد الشيخ من شعورها الديني من دون أن يجرح قلبها الحنون.. لذلك حصل الشيخ على الموقف الذي كان يتوقعه من أمه التقية النقية والتي قالت له: أبدا لن أرمي بنفسي في مهالك يوم القيامة من أجل رفاه أيام لولدي, هيهات ذلك.
من كتاب: قصص وخواطر من أخلاقيات علماء الدين