قطر.. الضحية الأولى للعرس الترامبي في الرياض

الإثنين 5 يونيو 2017 - 17:43 بتوقيت غرينتش
قطر.. الضحية الأولى للعرس الترامبي في الرياض

خاص الكوثر - الخيانة والغدر جزء من الثقافة الاعربية، فلم نشاهد انقلاباً أبيض يطيح فيه الابن بالأب والأخ بأخيه الاّ في المحميات البريطانية بالخليج الفارسي.. لذلك اعتقد بان استقرار هذه الانظمة والأسر يحتم عليها الخروج من الوصاية الأميركية الى الصداقة والاعتماد على قوة خارج منظومة قيمها القبلية.. وأنا ارشح لها إيران التي لا تبيع أصدقائها!

وبغض النظر عما قيل عن امتناع قطر دفع حصتها من "الجزية" التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حلفائه الخليجيين والتي يبلغ مجموعها 1500 مليار دولار، فقد كانت للزيارة الترامبية "الخالدة" الى الرياض ثمن، على جميع الاطراف الحاضرة دفعه!

 

السعودية بالغت بالدفع مادياً ومعنوياً.. أكثر من 480 مليار دولار، اضافة الى تجاوز كل البروتوكولات والقيم "الظاهرية" للدولة السعودية و"خادم حرميها" وفرض التطبيع مع الصهاينة.. فكان طبيعياً ان تحصل على الدعم الأميركي في مواجهة إيران عدوة أميركا والكيان الصهيوني اللدودة، وعلى الدعم في مواجهة منافسيها داخل البيت الخليجي وعربياً واسلامياً.. وهو الثمن الذي سيدفعه كل من صفق لزواج سلمان ـ ترامب حتى من داخل الاسرة السعودية!

 

السعودية تريد ان تهيمن على القرار الخليجي وعلى القرار العربي والاسلامي (مشكلة نفسية وعقدة نقص عند آل سعود استغلتها القوى الاستعمارية بشكل جيد) وسبيلها الى ذلك هوالمال وتحريك الارهاب الوهابي والاستعانة بالاسياد من خلال فتح كنوز البترودولار.

والقرار الخليجي مهم جداً للسعودية، لانها تعتقد ان هذه البلدان الخليجية هي جزء من جغرافيتها وانتمائها القبلي، حتى اكثر من الحجاز وشمال غرب اليمن الذي سرقته من اهله.. وقد أرهقها السلوك القطري وتغريدات الدوحة خارج السرب السعودي والذي لم تستطع تحمله حتى في المشهد السوري الذي وقف الطرفان فيه ضد سوريا ومع الارهاب.. لذلك ستكون قطر الميدان الخليجي والعربي الأول الذي تختبر فيه السعودية نتيجة تحالفها مع ترامب.

 

بواضح العبارة، السعودية تريد حاكماً جديداً للدوحة يكون ذيلاً لسياساتها على غرار حمد بن عيسى آل خليفة في المنامة.. وعلى هذا يعتبر الاجراء السعودي، الاماراتي، البحريني، المصري بداية عمل عسكري أو أمني ضد الدوحة التي خسرت بسياساتها الرعناء السابقة عمقها العربي والاسلامي (باستثناء تيار الاخوان الذي بدى اليوم محاصراً هو الاخر بعد ان باع نفسه للشيطان ولم يحصل على شيء)، حيث كان بالامكان ان تشكل سوريا والعراق واليمن، اضافة الى إيران وتركيا سنداً قوياً في الدفاع عنها بوجه الأطماع السعودية والنفعية الترامبية.

 

المهم في الأمر ان هذه الخطوة السعودية ليست سوى باكورة أحلام ومشروع جديد لسعودة المنطقة الخليجية بعد الفشل في سعودة سوريا واليمن... أي انه لو نجح هذا المشروع الجديد في قطر فسوف يتحول الى ثلاث مواقع اخرى، هي: عمان والكويت وحتى الأمارات حليفة الملك سلمان الحالية... لذلك على الدول المعنية بالوضع الاقليمي واقصد بالتحديد إيران وتركيا الحيلولة دون وقوع هذا الأمر... وخاصة تركيا التي تربطها علاقات غير عدائية مع المحور المناهض لقطر باستثناء "مصر السيسي" وشيئاً ما الامارات، وفي نفس الوقت تربطها معاهدة تعاون استراتيجي مع قطر...

الحقيقة ان قطر لم تفقد اوراقها في اللعب الى الأن، بل لديها الكثير مما يمكنها اللعب به وان كان بعضه صعباً ويستدعي مراجعة لسياساتها العدائية تجاه بعض البلدان على مدى السنوات الست الاخيرة، واقصد بوضوح سوريا، التي تعتبر مفتاح علاقاتها مع إيران والعراق وروسيا والصين.. علماً ان بأمكانها تحريك الملف الافغاني (طالبان) بوجه السعودية وحتى الولايات المتحدة، وايضاً الملف اليمني وحزب الاصلاح (الاخواني) الذي اذا ما تحول الى جانب القوى الوطنية اليمنية المناهضة للعدوان السعودي سيقلب المعادلة الداخلية تماماً بوجه السعودية والامارات. 

ولاننسى ان الحرب او الصراع بين السعودية وقطر، ليس صراعاً ايديولوجياً ولاقيمياً أو سياسياً، انما هو صراع على من يفوز بقلب "الاسياد" ويحمي كرسي عرشه، لذلك فقطر لاتزال ضمن الاطار العام للتوجه الغربي الأميركي في المنطقة، رغم بعض التهديدات التي جاءتها من أميركا والتي قلنا انها ثمن زيارة ترامب الى السعودية... لذلك يمكن للدوحة ان تسوّي خلافاتها مع "السيد الأميركي"، الذي لايمكن الاطمينان اليه بكل الاحوال..!

 

ان بقاء قطر خارج الهيمنة السعودية، أمر مهم لمحور المقاومة، ولعل تحولها الى الخندق المقابل للسعودية يعني تسجيل اختراق تاريخي في المنظومة الخليجية التي صاغها الاستعمار البريطاني... ويعني نهاية الحقبة الخليجية الى الأبد، وهذا ما تخافه السعودية وحتى قطر نفسها، لذلك هي (اي قطر) تلوح دائماً بالتقارب مع إيران لردع الاخطار الخليجية عن نفسها...

 

وعلى اساس ماتقدم، اعتقد ان الأمور ستسير الى حافة الهاوية، قبل ان يجري التفاهم بشأن بعض الأمور واعادة المياه الى مجاريها.. وان تمادى الجنون السعودي فعلى دول محور المقاومة الدفاع عن قطر وعن تركيا التي قد تكون على موعد مع انقلاب تكميلي يخلط الأوراق الاقليمية لصالح الكيان الصهيوني ـ السعودي الجديد.

واذا ما كانت هذه الزوبعة السعوديةـ القطرية للتغطية على مشروع آخر يجري تنضيجه في العراق أو سوريا أو اليمن... فلابد من تسخين جميع الجبهات بوجه السعودي من إدلب والرقّة حتى أرتيريا وجيبوتي... فلاهدوء الّا مع اخماد انفاس آل سعود.

 

بقلم: علاء الرضائي