ويشير التقرير، إلى أن المواقف الغربية المتشددة جاءت بعد أسبوع من الهجوم الكيماوي على بلدة خان شيخون، الذي قتل فيه العشرات من المدنيين بينهم أطفال، الأمر الذي دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوجيه ضربة عسكرية للقاعدة العسكرية التي انطلقت منها الطائرات المحملة بالسلاح الكيماوي، حيث أطلقت بارجة حربية أمريكية يوم الخميس 59 صاروخا، ضربت قاعدة الشعيرات الجوية قرب حمص.
ويلفت شولوف إلى أن روسيا ردت على الهجمات الأمريكية بتأكيد الدعم لنظام الأسد، وهددت هي وإيران بالرد على أي هجوم جديد، بالإضافة إلى أن موسكو تعهدت بتعزيز الدفاعات الجوية السورية، وأرسلت بوارج حربية إلى شرق البحر المتوسط.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "موسكو لن تتخلى بسهولة عن رأسمال من النفوذ الذي بنته خلال السنوات الخمس الماضية في سوريا، والكثير من صفقات الأسلحة، التي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات، ودور روسي بارز في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنه ليس من السهل على بوتين التخلي عن هذا كله".
ويفيد التقرير بأن هذه القضايا ستواجه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي سيزور موسكو غدا، في محاولة منه لإبعاد بوتين عن الأسد بعد هجوم غاز الأعصاب على بلدة خان شيخون.
ويقول الكاتب إن الآمال ارتفعت قبل عقد أول قمة أمريكية روسية منذ انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، وبأن الجريمة التي ارتكبت قد تكون محفزا للتغيير في بلد دمرته الحرب، وفشل المجتمع الدولي في وقفها.
وتستدرك الصحيفة بأنه "من المؤكد أن تتبدد هذه الآمال، فمنذ بداية الحرب، خاصة بعدما ضاعفت روسيا دعمها للنظام السوري في أيلول/ سبتمبر 2005، فإنها تبنت استراتيجية الانتصار وبأي ثمن هناك، وهي استراتيجية تحدت الحرب التقليدية الحديثة، ودفعت الأسد نحو الانتصار في ساحات المعارك، فمنذ الهجوم الكيماوي قدمت روسيا غطاء للنظام السوري، مع أن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والمعارضة السورية حملت دمشق مسؤوليته".
وينوه التقرير إلى أن الجانبين نسقا ردا واحدا، وحملا تنظيم القاعدة مسؤولية الغاز السام المخزن في مخزن للأسلحة، رغم عدم وجود أدلة على وجود مخزن للأسلحة في بلدة خان شيخون.
ويبين شولوف أنه "بدلا من تعديل موسكو لموقفها، فإنها غرزت أقدامها، وحشدت دبلوماسييها، الذين اتهموا واشنطن بأنها تقف على الخط ذاته مع الإرهابيين، وعبأت مؤسساتها الإعلامية لتشكل الخطاب بالحماس ذاته الذي شوهد أثناء حملات الانتخابات للرئاسة الأمريكية العام الماضي".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "موسكو ليست لديها نية لتتخلى عن مواقع في سوريا لصالح الولايات المتحدة، ولن يدفع تيلرسون في هذا الاتجاه بقوة، حيث اتهم وزير الخارجية روسيا بأنها (فشلت في الوفاء بتعهداتها تجاه المجتمع الدولي)، وتعتقد الولايات المتحدة أن روسيا كانت متراخية في مراقبتها للترسانة الكيماوية التي كان النظام السوري يملكها، التي من المتوقع أن تكون موضوعا للنقاش يوم الأربعاء".
ويؤكد التقرير أنه "بعيدا عن المعلومات الأمنية التي ربما اختار تيلرسون تقديمها للمسؤولين الروس بعيدا عن الإعلام، فإنه لا يوجد لدى الولايات المتحدة ذلك النفوذ الكبير، فالهجوم الكيماوي، وقرار ترامب السريع ضرب القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرة، كانا على ما يبدو من الأخبار الجيدة للرئيس الأمريكي الذي يواجه مشكلات في داخل الولايات المتحدة، ما سمح له بأن يضع مسافة بينه وبين الزعيم الروسي في وقت يتعرض فيه لتحقيقات حول الدور الروسي في الانتخابات، الذي لعب لصالحه ضد منافسته هيلاري كلينتون".
وينوه الكاتب إلى أن "الهجوم سمح لإدارة ترامب بإعادة تأكيد دور الولايات المتحدة بصفتها حامية للقيم الدولية، مع أن الرئيس حاول قدر الإمكان تجنب أي دور له علاقة بالتزامات دولية لأمريكا، وأكد شعار (أمريكا أولا)".
وتذكر الصحيفة أن حديثا عن مفاجأة قام بها ترامب لبوتين يدور في المنطقة، حيث كشف له أنه شخص لا يمكن لأحد التكهن بأفعاله، وأن سوريا هي لحظة مهمة للرجل القوي، وفرصة لقادم جديد لتولي القيادة.
ويذهب التقرير إلى أنه "لا توجد أدلة تدعو لتوقع تصعيد في قمة الأربعاء، بل هناك ما يدعو للتفكير بأن الموقف المتحدي قد يتراجع لصالح عقد الصفقات، ولا أحد يدري عمق العلاقات بين ترامب وبوتين وتأثيرها المحتمل على المشكلات الدولية، لكن هناك عدة عوامل تدفع باتجاه عدم شن هجوم عسكري آخر، أو محاولة الولايات المتحدة رعاية حل سياسي في سوريا".
ويجد شولوف أنه "في غياب الدور الأمريكي، والجهود التي قام بها سلف ترامب لإبعاد الولايات المتحدة عن التورط في سوريا، فإن بوتين قام بتعميق دوره هناك، وفي هذه الحالة يبدو الأسد ممتنا له وللجهود الحربية التي جلبها معه إلى ساحة المعركة، حيث أدى دخول الروس إلى جلب تركيا في النهاية إلى ساحتهم، ومن هنا فليست لدى ترامب المساحة التي يريدها للتحرك".
وترى الصحيفة أنه "في الوقت الذي لا يتحكم فيه بوتين بالوضع في سوريا، إلا أن الأسد يظل ورقة مهمة ليتخلى عنها الآن، ولو حاول تيلرسون دعوة الكرملين للعودة إلى حسه الأخلاقي، فإن ذلك لن يجدي لرجل استثمر الكثير من المال والدم هناك".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إن "الكثير من السوريين يعتقدون أن التعويل على ترامب أو بوتين بصفتهما حماة للإنسانية هو رهان خاسر".
المصدر: الغارديان