النوّاب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى

السبت 12 نوفمبر 2016 - 09:28 بتوقيت غرينتش

النيابة الخاصّة: تعتبر النيابة الخاصّة عن الإمام عليه السّلام من المناصب الخطيرة التي تستلزم فيمن يتصدّى لها أن يكون في مستوى رفيع من التقوى والورع والمؤهّلات الأخرى التي يتطلّبها هذا المنصب المهمّ.

النوّاب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى


النيابة الخاصّة: تعتبر النيابة الخاصّة عن الإمام عليه السّلام من المناصب الخطيرة التي تستلزم فيمن يتصدّى لها أن يكون في مستوى رفيع من التقوى والورع والمؤهّلات الأخرى التي يتطلّبها هذا المنصب المهمّ.
 

النائب الأول: أبو عمرو، عثمان بن سعيد العَمري
لُقّب بالسمّان والزيّات، لاتّجاره بالسَّمن والزيت، تغطيةً على نشاطاته. وقد ذكرنا أنه كان يحمل ما يرسله الشيعة إلى الإمام عليه السّلام في ظروف السمن (1)، كما ذكرنا أنّ الإمام الهادي عليه السّلام قد وثّقه وامتدحه وأوصى باتّباع قوله، وأنّه قال عنه: «العَمري ثقتي... فاسمَع له وأطِع، فانّه الثقة المأمون» (2)، وأن الإمام العسكري عليه السّلام قد وثّقه أيضاً وأوصى باتّباع قوله وإطاعة أمره (3).
تُوفّي العَمري ودُفن في منطقة الرُّصافة ببغداد، وكان الإمام المهدي عليه السّلام قد أمره أن ينصّب ولده محمّد بن عثمان من بعده، ليتولّى الأمور بعد أبيه.
 

النائب الثاني: أبو جعفر، محمّد بن عثمان بن سعيد العَمري
تولّى محمّد بن عثمان منصب النيابة بعد وفاة أبيه، وتلقّى من الإمام المهدي عليه السّلام رسالة يؤبّن بها أباه الفقيد ويترحّم عليه (4)، حيث أجمع المؤرّخون على وثاقته وعدالته كما أجمعوا على وثاقة وعدالة أبيه قبله. وكان الإمام العسكري عليه السّلام قد أوصى بعثمان بن سعيد العمري وابنه، فقال: «العَمري وابنه ثقتان، فما أديّا إليك فعنّي يؤدّيان، وما قالا لك فعنّي يقولان، فاسمَعْ لهما وأطِعهما، فإنّهما الثقتان المأمونان» (5).
ألّف محمد بن عثمان مجموعة من الكتب في الفقه والحديث، التي سمعها من الإمامين الحسن العسكري والمنتظر عليهما السّلام (6).
تُوفّي محمّد بن عثمان سنة 305 هـ، بعد أن أخبر الشيعة بأنّ النائب من بعده هو الحسين بن رُوح النُّوبَختي (7).
 

النائب الثالث: أبو القاسم، الحسين بن رُوح النّوبَختي
الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي , ثالث السفراء الاربعة في الغيبة الصغرى لإمام  العصر الحجة بن الحسن (عج ), ممن تعرض لإشد المضايقات و الامتحان في عقيدته ، فثبت لاتزعزعه العواطف ، وهو الذي قيل في حقه (إنه لو كان الحجة عليه السلام تحت ثوبه وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه ). مزاره في بغداد ، ضمن مسجد حديث في منطقة الشورجة التجارية المشهورة ، وعلى الضريح قبة شامخة مكسوة بالقاشاني الملون . ويزدحم على المرقد الزائرون والمتعبدون ، ويعد المرقد من المراكز الشيعة المهمة في العاصمة بغداد ، ويسمى بمسجد الحسين بن روح ... كان الشيخ من اوثق الناس واعظمهم واصدقهم واعرفهم بالامور ، محترم ومبجل عند الخاصة والعامة ، وكانت العامة تعظمه لصدقه ومعروفه وصلاحه ولين جانبه وحسن استعماله لمواطن التقية لابعاد الانظار والشبهات عن علاقته بالامام المعصوم الثاني عشر صاحب العصر والزمان (عج). تصدى للسفارة بعد وفاة الشيخ الخلاني سنة 305 هجرية إلى يوم وفاته في شهر شعبان سنة 326 هجريه اي إن مدة سفارته دامت (21) سنة ...  وكان الشيخ أبو جعفر الخلاني يلقي إليه بإسراره وكان خصيصاً به ، ولما إشتد المرض بأبي جعفر قال : (إن حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي فقد أٌمرت أن أجعله في موضعي وعولوا في اموركم عليه) . لذا فقد أضطلع الشيخ النوبختي بمهام السفارة والنيابة وقام بها خير قيام وتولى خلالها الحملة ضد ظاهرة الانحراف عن الخط الرسالي ، وإدعاؤدء الرسالة زوراً ، وشجبه لهذه الظاهرة والوقوف بوجهها بكل بساله وصلابة عود ، وللدلالة على رفضه لمبدأ التعصب يُذكر أن بواباً كان له على الباب الأول الخارجي قد شتم معاوية ولعنه ، فأمر بطرده من وظيفته التي كان عليها ، ولم يرده الى خدمته بالرغم من الحاح البواب إرجاعه وإعادته الى وظيفته ..  لقد كان الشيخ الحسين بن روح همزة الوصل بين الإمام المنتظر (عج) وبين شيعته واتباعه ومحبيه ، يوصل اليه تواقيعه واجاباته على خطاباهم واستفساراتهم ومسائلهم الشرعية وغيرها .وقد أظهرت مناظراته مع المعاندين قدراتِه العلميّة، حيث كان يقيم البراهين الحاسمة في لغة جزلة ، وكان يؤكّد على أنّ ما يقوله ليس من عند نفسه ، بل هو مسموع من الحجّة صلوات الله وسلامه عليه. وكان الحسين بن روح يُؤْثر التقيّة ويلتزم بالكتمان الشديد (8)، حتّى توفّي سنة 326 هـ فدُفن في بغداد ( سوق الشورجة حاليّاً).
 

النائب الرابع: أبو الحسن عليّ بن محمّد السَّمَري
وهو آخر نوّاب الإمام المهدي عليه السّلام، وكان الإمام المهدي عليه السّلام قد أمر الحسين بن روح أن يُقيم عليَّ بن محمّد السَّمَري مقامه، وكانت شخصيّته وجلالته أشهر من أن تُذكر. وقد صدر توقيع من الإمام المهدي عليه السّلام إلى السَّمَري قبل وفاته يخبره فيها أن وفاته قد حانت، ويأمره أن لا يُوصي إلى أحدٍ من بعده، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلاّ بإذن الله تعالى ذِكره (9). وكانت وفاة السَّمري ( المقارنة لبداية الغيبة الكبرى ) سنة 339 هـ (10).

 

الهوامش:

1ـ الغيبة، للطوسي 214. بحار الأنوار، للمجلسي 344:51.
2ـ الغيبة، للطوسي 219. تنقيح المقال 245:2.
3ـ الغيبة، للطوسي 219. تنقيح المقال 245:2.
4ـ الغيبة، للطوسي 219 ـ 220. بحار الأنوار 349:51.
5ـ الغيبة، للطوسي 219. بحار الأنوار 348:51.
6ـ الغيبة، للطوسي 221. بحار الأنوار 350:51.
7ـ الغيبة، للطوسي 227. بحار الأنوار 352:51 ـ 354.
8ـ الغيبة، للطوسي 236 ـ 237. بحار الأنوار 357:51.
9ـ الغيبة، للطوسي 242 ـ 243. بحار الأنوار 361:51.
10ـ الغيبة، للطوسي 242. بحار الأنوار 360:51.