مسلسل "العهد... قصة موسى" بين القراءة الفنية والتحريف السياسي لإسرائيل المعاصرة| العشرات

الإثنين 27 أكتوبر 2025 - 07:23 بتوقيت غرينتش

بالتزامن مع بدء العدوان على غزة عام 2023، تم عرض مسلسل العهد: قصة موسى. لمَ نذكر هذه المعلومة؟ تابعوا الحلقة حتى النهاية لتعرفوا العلاقة.

خاص الكوثر - العشرات

 مؤخرًا، قدمت نتفليكس عملًا  دراميا من إخراج وكتابة البريطاني بنجامين روس، ويتألف من ثلاث حلقات، يشارك فيها باحثون من ديانات مختلفة، ويتم سرد الأحداث بصوت تشارلز دانس، بينما يجسد دور النبي موسى الممثل الإسرائيلي آفي أزولاي ويجسد دور شقيقته مريم الممثلة الإسرائيلية ريموند أم سالم. أما دور فرعون فقام به الممثل الألماني من أصول تركية محمد كورتولوش.

الوثائقي يستعرض حياة النبي موسى بدءًا من المهد حتى وصول اليهود إلى الأرض الموعودة، ولكن بحسب الفيلم، بمباركة من موسى رغم تخلفه عن الالتحاق بهم. يعتمد العمل على آراء علماء الدين والباحثين وعلماء الآثار من مختلف الثقافات، لكن المتحدثين غالبًا ما يقدمون قراءات معاصرة لقصة النبي موسى، تضمنت إسقاطات إسرائيلية على الرواية اليهودية ومغالطات تاريخية.

اقرأ ايضاً

من بين هذه المغالطات اختيار رمسيس الثاني باعتباره فرعون موسى، وهو أمر غير دقيق، وادعاء أن شقيقة الفرعون هي التي تبنت موسى على النهر، على خلاف الرواية الإسلامية التي تقول إن زوجة فرعون، السيدة آسية، هي من وجدته وأخذته إلى القصر، كما أن النبي موسى في العمل لا يظهر كما تدين به النصوص الدينية، بل يُصوّر كقائد حاد الطباع، قصير النفس، وغاضب بلا سبب، أقرب إلى القائد المنفعل منه إلى النبي المربي. كذلك يظهر شقيقه هارون بصورة صدامية معه، خلافًا لدوره التقليدي كسند لموسى.

يشمل العمل أيضًا مشاهد القتل والانتقام العنيف في القصر، مع تعليقات أحد المتحدثين التي تشير إلى أن هذه الأفعال طبيعية وأن القادة الكبار يخطئون أيضًا، ما يعكس إسقاطات على واقع اليهود الحالي.

أما أبرز خمس إسقاطات سياسية في الفيلم المرتبطة بإسرائيل اليوم، فهي:

القتل والعنف كضرورة وجودية: مشهد موسى وهو يقتل شخصًا مصريًا يستخدم كإشارة إلى أن أفعال إسرائيل الإجرامية اليوم يمكن تبريرها تحت ذريعة الحرب الوجودية.

الغاية تبرر الوسيلة: موسى يُعفى من خطيئة القتل لأنه قائد بني إسرائيل نحو الحرية، ما يعكس خطابًا لتبرير السياسات القاسية لضمان بقاء الشعب.

سردية الخلاص القومي: تحميل قصة الخروج لبني حدثية محددة، بما يتماشى مع خطاب دولة يعيد تعريف الذاكرة والنجاة.

اختزال الجغرافيا: مسار موسى من العبودية إلى الأرض الموعودة يُستعار اليوم لامتلاك الأرض.

دور النساء: المبالغة في دور زوجة موسى وصورة المرأة الاستراتيجية، بما يعكس خطابًا حديثًا عن دور "سارا" زوجة نتنياهو.

في النتيجة، يشير هذا المسلسل، مثل كثير من الأعمال المنتجة بخلفية تلمودية، إلى أنه ليس مجرد إعادة سرد لقصة دينية، بل إعادة إنتاج بصيغة معاصرة تفتح بابًا واسعًا للجدل بين من يراه قراءة فنية مختلفة، ومن يراه تحريفًا يخدم سرديات سياسية مرتبطة بإسرائيل اليوم.

يبقى السؤال لمشاهدينا: هل تعتبرون هذه الأعمال وجهة نظر تعيد إحياء القصص الدينية بقراءة عصرية، أم أنها أداة ناعمة لتطبيع روايات سياسية معاصرة تحت غطاء التاريخ والدين؟