الكوثر - ايران
طينها، ترابها، وتكوينها، كلّها عناصر انصهرت مع الإنسان ليخلق منها تحفًا فنية تنبض بالحياة.
هو ليس مجرد طين يحترق في أفران الجمر، بل هو لغة تتكلمها الأيدي، وتترجمها الأشكال التي تتخذها الآنية، الأوعية، والأوعية المزخرفة، لتكون شاهدة على إبداع مَن جعلوا من طين الأرض وعاءً لخيالهم.
في عالم الفخار، لا تسقط الكتلة الخام في يد الفنان كقطعةٍ جامدة، بل هي طينٌ حيّ يتنفس بين أصابعه، يكتسب الشكل بأوامر من روحه قبل يديه. وكل قطعة فخار تحمل في طياتها حكاية: قد تكون قصة بلدة قديمة على ضفاف النهر، أو أسطورة متوارثة عبر الأجيال، أو حتى صورة من صور الحياة اليومية التي أراد الفنان أن يخلّدها.
إقرأ أيضاً
في كل شقّ، وكل نقشة، يكمن جزء من هوية المكان، وتاريخ الإنسان، وفكرته عن الجمال.وما يجعل الفخار أكثر من مجرد صناعته هو الصلة الوجدانية التي تجمع بين الفنان وعمله. فهو لا يُشكل الطين فقط، بل يُصنع من روحه. في عالم الفخار، يتآلف الحرفي مع الخامة التي بين يديه، كما يتآلف شاعر مع قلمه، فتتحول قطع الطين إلى قصائد صامتة تروي تفاصيل الحياة بلمسةٍ فنية غنية.
إن فخر الفخار يكمن في قدرته على أن يتجاوز الزمان والمكان، ليظل شاهداً حيًّا على حُسن الحرف وجمال الإبداع. ففي كل قطعة فخار، تجد نفسك أمام مرآة تأخذك إلى أعماق الماضي، تستشعر كيف كانت الأيدي تُشكل المستقبل منذ العصور القديمة، وكيف أن الفن كان، ولا يزال، أداة للخلود والتعبير عن إنسانية الأرض والروح.
الفخار ليس فقط مهنة، بل هو رسائل مشتعلة تُرسلها اليد الماهرة إلى العالم، فتكتسب تلك القطع صفة الخلود بمرور الزمن، لتظل دوماً شاهدة على أن الفن، في جوهره، هو رحلة من الطين إلى الأبد.
مدينة لالجين تسمى عاصمة الفخار في ايران القريبة من مدينة همدان غربي ايران.