الكوثر - فلسطين
في هذه الأثناء، كان رد فعل بعض الدول العربية المطلة على الخليج الفارسي جديرا بالاعتبار، حيث أدانت كل من عمان وقطر والكويت هذه الجريمة النكراء، لكن البحرين والإمارات العربية المتحدة، بصفتهما قادة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج الفارسي، لم تصدرا سوى بيانات عامة تحتوي على مصطلحات هامشية مثل "التعبير عن القلق" والمطالبة بـ "ضبط النفس"؛ ولم يذكروا السبب (الكيان الصهيوني) أو المكان (إيران) أو الهدف (إسماعيل هنية) لهذه الحادثة.
لكن موقف السعودية كان له قصة مختلفة! إن الحكومة السعودية، التي أدانت في بيان لها قبل بضعة أسابيع، بشدة حادث إطلاق النار على أذن دونالد ترامب، المرشح الرئاسي للولايات المتحدة، الا انها هذه المرة لم يصدر منها اي ردة فعل على اغتيال قادئين كبيرين من جبهة المقاومة "الشهيد اسماعيل هنية" و "الشهيد فؤاد شكر" .
هذا الصمت واللامبالاة الواضحين انكسر أخيرًا بمكالمة هاتفية اجراها قائم باعمال الخارجية الايرانية "علي باقري كني"، مع وزير الخارجية السعودي وبحسب البيان على موقع وزارة الخارجية الإيرانية، فقد أدان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اغتيال إسماعيل هنية في أراضي الجمهورية الإسلامية! وبالطبع، فإن تحقيقات وسائل الإعلام السعودية الرسمية تظهر أن هذا التردد و"القوة" في عدم إدانة الحادثة لا تزال مستمرة؛ ولعلهم في الدعوة المذكورة أدانوا "بالقوة" وبعبارة أخرى "بالقوة".
ويتجلى هذا التردد بوضوح في انعكاس خبر المكالمة الهاتفية في وكالة الأنباء الحكومية السعودية وكذلك الموقع الإلكتروني لوزارة خارجية هذا البلد؛ لأنهم لم يكتفوا إلا بهذه العبارة القصيرة التي مفادها من جهته اكتفت وكالة الأنباء السعودية الرسمية بنشر تقرير ورد فيه: "تلقى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، اتصالاً هاتفياً، من معالي وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية المكلف علي باقري كني.. وتناول الاتصال العلاقات الثنائية، وآخر التطورات في المنطقة"، وبالتوازي مع هذا الصمت والعجز الرسمي، فإن الجيش السيبراني السعودي (المعروف بـ "الذبابة الإلكترونية") كان ولا يزال نشطاً للغاية؛ وفي الواقع، فإن موجة الهجوم والتدمير نفسها التي أطلقتها المنصات الافتراضية إلى جانب المنابر الدينية السعودية منذ بداية حرب غزة، دخلت مرحلة جديدة مع الحادث الإرهابي قبل بضعة أيام.
اتهام إيران بالتورط في عملية الاغتيال، وإلقاء اللوم على نطاق واسع على المقاومة الفلسطينية لطلب المساعدة من إيران، والسخرية والتدمير، أو حتى التعبير عن الفرح والرضا عن اغتيال رئيس مكتب حماس، وما إلى ذلك، كانت من بين محاور هذا الهجوم من قبل السعوديين، وفي الواقع يمكن القول إن السعوديين مسرورين بسبب هذه الجريمة النكراء، لكنهم خوفاً من رد فعل الرأي العام العربي والإسلامي، لا يجرؤون على التعبير عنه علناً ورسمياً.