الحكيم ملاصدرا الشيرازي.. عملاق الفلسفة الاسلامية

الأحد 22 مايو 2022 - 12:02 بتوقيت غرينتش
الحكيم ملاصدرا الشيرازي.. عملاق الفلسفة الاسلامية

ايران-الكوثر: في مثل هذا اليوم في الثاني والعشرين من شهر آذار سنة 1050 هـ توفى (ملا صدرا محمد بن إبراهيم القوامي الشيرازي) الملقب بـ"صدر المتألهین" في البصرة اثناء طريقه للحج.

يعد ملا صدرا الشيرازي الملقب بـ"صدر المتألهین" واحداً من أشهر الوجوه الفلسفية في اسلام، إذ سبق العديد من الفلاسفة البارزين، و أسس مدرسة الفلسفة المؤثرة المعروفة باسم الحكمة المتعالية التي هي ثالث مدرسة فلسفية رئيسية في الإسلام.

ولد صدر الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي في مدينة شيراز جنوب غرب إيران عام 980 هـ، وهو  أهم فيلسوف الإسلام بعد أبي علي سينا.

اشتهر باسم "ملا صدرا"، وحصل لاحقًا على لقب صدر المتألهین لنهجه في الفلسفة، الذي كان مهتمًا بالإلهیات وركز على الشواهد الباطنية العرفانیة. كان من تلاميذ مير داماد وبهاء الدين العاملي. وتلميذه الشهير هو الفیض الكاشاني.

كان من عائلة ثرية معروفة بعائلة (قوامي)، حيثُ كان والده وزيراً وكان هو الوريث الوحيد له مما خوّله أن يستفيد من هذه الثروة ليصرفها على طلب العلم.

انتقل إلى أصفهان عاصمة الدولة آنذاك، فحضر عند فقيه عصره الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف بالشيخ البهائي ودرس العلوم النقلية ونال على أثرها درجة الاجتهاد، وكان سنده في العلوم العقلية، وحضر بعد ذلك مجالس السيد محمد باقر الحسيني الملقّب بـميرداماد وبقي عنده أعواماً عديدة، كما استفاد أيضاً من أبي القاسم الفندرسكي وهو من علماء الميتافيزيقيا والقياسات بأصفهان. وتُقارن حياة صدر الدين الشيرازي حكومة شاه عباس الصفوي ( 1571 -  1629 م) .

ينسب إليه نهج الجمع بين الفلسفة والعرفان والذي يسمى بالحكمة المتعالية. وكان طرح صدر الدين الشيرازي متطوراً جداً مما صعُب على معاصريه أن يقبلوه، فتلقى منهم صنوف المضايقات بسبب ذلك، فما كان منه إلا أن هجر القوم إلى القرى النائية منقطعاً إلى الرياضة الروحية حتى تجلّت له العلوم الباطنية، وبعد إقامته في قرية كهك من توابع قم عاد إلى شيراز بأمر من الشاه عباس الصفوي.

وكان ملا صدرا شابا ذكيا جدا، جادا، نشطا، مجتهد وفضولي. في وقت قصير تعلم جميع التعاليم المتعلقة بالأدب الفارسي والعربي وفن الخط الی جانب  التخصصات الأخرى کالفقه والشريعة الإسلامية والمنطق والفلسفة واكتسب بعضًا من هذه المجالات المعرفية ولكنه أثبت أنه أكثر ميلًا إلى الفلسفة وبالأخص التصوف.

آثاره

صدر المتألهين هو من بين الفلاسفة الذين تحدثوا بشكل مختلف في عصر الفكر الفلسفي في العالم الإسلامي وطرحوا أسئلة جديدة. تعتبر أعماله أكثر من خمسين، وعلى أساس تيار فكري مستمد من كل منها، يمكن تصنيفها إلى مجموعتين رئيسيتين، واحدة من العلوم السردية، والأخرى من العلوم الفكرية.

ومن بين هؤلاء نذكر ما يلي:

الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، مفاتح الغيب، أسرار الآيات، شرح أصول الكافي (شرح لعمل الكليني أصول الكافي)، المشاعر (في علم الوجود)، عقاد النعيمين (في المعرفة النظرية والحقيقية وعلم التوحيد)، رسالة في الوريدات القلبية (سرد موجز للمشكلات الفلسفية المهمة، نوع من قائمة الإلهام الإلهي الذي كان له في حياته)، رسالة في الحشر (حول نظرية قيامة الحيوانات والأشياء في الآخرة) و...

ميزات وخصوصيات الفلسفة الصدرائية

لصدر المتألهين آراء فلسفية سلسة وجميلة، ولديه اختصاصات فذة لا نظير لها، اي لا يوجد نظير للخصائص الفلسفية للملا صدرا  بين الفلاسفة الإلهيين، وهي خصائص لم تجتمع في أي فلسفة أخرى.

 ان ملاصدرا جمع في فلسفته بين أشياء لا تجمع سوية ، فهو قد جمع بين الفلسفة العقلية والذوقية والشرعية. المبدأ الأساسي لفلسفته هو أصالة الوجود. أدت نظريته عن كيفية المعاد الجسماني إلى الجدل. كتب ملا صدرا بعض الأعمال المتعلقة بتفسير القرآن وتفسير المبادئ الكافية بالإضافة إلى الأعمال الفلسفية.

وكان مؤسس مدرسة الفلسفة المؤثرة المعروفة باسم الحكمة المتعالية التي هي ثالث مدرسة فلسفية رئيسية في الإسلام. عرّف نظامه الفلسفي في كتاب “الحكمة المتعالیة في الأسفار العقليّة الأربعة” المعروف بالأسفار. هذا العمل هو أهم أعماله وأکثرها تأثيرًا.

تأثر كبار الفلاسفة بفلسفة صدر المتألهين

تأثر السنة الفكرية للمسلمين الشيعة بتعاليم ملا صدرا. شرح العديد من الفلاسفة الشيعة اللاحقين فلسفته مثل ملا هادي السبزواري والعلامة الطباطبائي.

ولو نظر المرء الى تاريخ مسار الفلسفة منذ عهد الملاصدرا الى يومنا هذا، واطّلع على شؤون أكابر الفلاسفة في العصر الوسيط وأدرك حالاتهم وقرأكتبهم، لرأى أنهم ساروا بأجمعهم على طريقة الملاصدرا، اذ كانت فلسفة صدر المتألهين والحكمة المتعالية هي الخط الأساسي لهم جميعاً.

تتلمذ على يده كثيرون، من أبرزهم: الشيخ محمد محسن، المعروف بـالفيض الكاشاني والشيخ عبد الرزاق اللاهيجي والشيخ حسين بن إبراهيم التنكابني.