(..فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا) (سورة مريم، آية 26).

السبت 9 إبريل 2022 - 05:46 بتوقيت غرينتش
(..فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا) (سورة مريم، آية  26).

قال الله في محكم كتابه المجيد من سورة مريم: (فَكُلِي وَٱشۡرَبِي وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا)  (آية  26)

 

بالنسبة لِصوم مريم عليها السلام، فلقد كان صيامًا يُترجم بامتناعها عن الكلام مع الناس. والعبرة منه نجدها من خلال آيات الله البيّنات في سورة مريم:

قال الله في محكم كتابه المجيد من سورة مريم: (فَكُلِى وَٱشۡرَبِى وَقَرِّى عَيۡنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِىٓ إِنِّى نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَـٰنِ صَوۡمًا فَلَنۡ أُڪَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيًّا (٢٦) فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُ ۥ‌ۖ قَالُواْ يَـٰمَرۡيَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَيۡـًٔا فَرِيًّا (٢٧) يَـٰٓأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٍ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِ‌ۖ قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلۡمَهۡدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّى عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَٮٰنِىَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا  (٣٠) وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا ڪُنتُ وَأَوۡصَـٰنِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّڪَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيًّا (٣١) وَبَرَّۢا بِوَالِدَتِى وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِى جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىَّ يَوۡمَ وُلِدتُّ وَيَوۡمَ أَمُوتُ وَيَوۡمَ أُبۡعَثُ حَيًّا (٣٣).

في تلك الآيات البيّنات أراد الله تعالى أن يُعطي مريم (عليها السلام) الثِّقة والقوة أمام قومها، لأنه تعالى أراد أن يُرسِلها إلى قومها مُباشرةً بعد ولادتها لِعيسى (عليه السلام)، لأنَّ قومها لم يكونوا على علم بِحملها ووِلادتها من دون أب. فالله تعالى علِمَ أنَّ قومها لن يُصدِّقوها وسوف يُوجهون لها الإتهامات بالسوء والبغاء وسوف يؤذونها، ولذلكَ أراد الله تعالى أن يُخفف عنها آلامها النفسية ويُذهِبْ عنها أذى قومها وخوفها منهم ويُبَرِّأها أمامهم بواسطة إبنها عيسى (ع) من خلال صومها أي امتناعها عن الكلام مع قومها أو حتّى عن إجابتهم، ومن خلال مُعجزة كلام وجواب عيسى (ع) لقومه وهو في المهد بدلاً عن أمه مريم (ع) لِكَيْ يُصدِّقوا أنَّ عيسى هو كلمة الله، ولذلك خلقه الله تعالى يُكلِّم الناس في المهد وكهلاً.

ولذلك فعندما أتت مريم (ع) قومها بِعيسى (ع) تحمِلُهُ، "قَالُواْ يَـٰمَرۡيَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَيۡـًٔا فَرِيًّا، يَـٰٓأُخۡتَ هَـٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٍ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيًّا"، فماذا فعلت مريم (ع)؟ الجواب هو، لقد صامت عن الكلام أو الجواب. كيف؟ "فَأَشَارَتۡ إِلَيۡهِ‌ۖ"، أي طلبت منهم أن يُكلِّموا عيسى (ع) لكَي لا تُجيبهم هي بنفسها. فبماذا أجابها قومها؟ "قَالُواْ كَيۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلۡمَهۡدِ صَبِيًّا". فأجابهم عيسى (ع) وهو في المهد تبرأةً لِأمِّهِ وآيةً لِقومِهِ بقولِهِ لهم: "إِنِّى عَبۡدُ ٱللَّهِ ءَاتَٮٰنِىَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا ڪُنتُ وَأَوۡصَـٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّڪَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيًّا، وَبَرَّۢا بِوَالِدَتِي وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَيَّ يَوۡمَ وُلِدتُّ وَيَوۡمَ أَمُوتُ وَيَوۡمَ أُبۡعَثُ حَيًّا".

هذا هو السبب الحقيقي الّذي من أجلِهِ صامت مريم (ع) عن الكلام والحديث مع قومها. إذًا فصيام مريم (ع) عن الكلام كان امتناعًا مؤقتًّا عن الكلام يهدُف إلى تبرأة مريم وإلى التصديق بعيسى (ع) من خلال كلامه مع قومه وهو في المهد.

إقرأ أيضا: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ...﴾ سورة البقرة، آية: 185

تصنيف :