ويمكن القول ان قول سماحته بأن "الاقتصاد القائم على المعرفة هو السبيل الوحيد لتحقيق التطور العادل وحل مشكلة الفقر" وتبيين هذه المسألة بالتفصيل كان من أهم محاور خطاب آية الله العظمى الخامنئي حيث أشار سماحته ان "الاقتصاد القائم على المعرفة" يعني اتباع النهج العلمي والتكنولوجي في جميع مجالات الانتاج ما يؤدي الى خفض تكاليف الانتاج وازدياد الضريب الانتاجي ورفع مستوى جودة المنتوجات وجعل هذه المنتوجات قادرة على التنافس في الاسواق الدولية وخفض تكلفة انتاجها.
أما الخطوات الرئيسية لتحقيق هذه الغاية والسياسات التي يجب اتباعها في هذا المجال أشار سماحته اليها ايضا ومنها ضرورة مضاعفة عدد الشركات القائمة على المعرفة في البلاد والتي يبلغ عددها الآن 6700 شركة مع مراعاة المواصفات الدقيقة في تأسيس هذه الشركات، وكذلك التركيز على تحقيق الأمن الغذائي في البلاد وضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي في انتاج المحاصيل الرئيسية مثل القمح والشعير والذرة والاعلاف والحبوب الزيتية نظرا لوسعة الاراضي الصالحة للزراعة في ايران لوضع حد للاعتماد على الخارج في هذا المجال بشكل حاسم وضروري.
"أهم الامكانيات وأكبر رأسمال في البلاد" والذي يمكن الاستفادة منه لزيادة عدد الشركات القائمة على المعرفة في البلاد هو "اليد العاملة المتعلمة" التي تتمتع ايران بها، وهذا ما أشار اليه ايضا سماحة قائد الثورة الاسلامية موضحا ان اليد العاملة المتخصصة والشابة هي أكبر ثروة في البلاد ويمكن الاستفادة منهم لمضاعفة ثروات البلاد.
ان "خلق فرص العمل وتوفيرها" هو رهن ايضا بزيادة عدد الشركات القائمة على المعرفة وهذا ما شدد عليه سماحته أيضا مع ضرورة تجنب الوقوع في الأخطاء في هذا المجال مثل تبديد الأموال وتبذيرها في منح القروض المصرفية لخلق فرص العمل دون وجود دراسة دقيقة وعلمية في هذا الحقل.
آية الله العظمى الخامنئي أعاد تذكير الجميع بالتحذير الذي كان قد وجهه في العام الماضي وهو "عدم ربط اقتصاد البلاد بالحظر الأميركي" قائلا " من حسن الحظ فان السياسات الجديدة التي يتم اتخاذها الان في البلاد تظهر وجود امكانية تحقيق التقدم رغم استمرار الحظر الاميركي، وازدهار التجارة الخارجية وابرام اتفاقيات اقليمية وتحقيق انجازات في قطاع النفط والقطاعات الأخرى.
"ادارة البلاد بطريقة تحفظ اقتصادها من الضرر البالغ وتلقي الضربات القوية جراء الحظر المفروض" هو المبدأ الأساس في السياسة التي يجب اتباعها في مجال مواجهة الحظر المفرروض، وهذا ما أكده سماحته موضحا ان ذلك لايعني عدم السعي لرفع الحظر نهائيا واستمرار العمل من أجل ذلك، كما أضاف قائد الثورة الاسلامية ان من الحلول الأساسية والصحيحة ايضا هو الاستفادة من ايرادات النفط لانشاء البنى التحتية في البلاد وتمتين الأسس الاقتصادية وتثبيت جذور الاقتصاد بدلا من تخصيص ايرادات النفط المرتفعة جراء ارتفاع الاسعار العالمية لاستيراد السلع الاستهلاكية وهذا يعني تبديد الرساميل الرئيسية للبلاد.
وبذلك يمكن القول ان قائد الثورة الاسلامية أوضح لكل المسؤولين في البلاد ضرورة وضع خطة اقتصادية شاملة وقائمة على المعرفة للنهوض باقتصاد البلاد مع رسم الخطوط الرئيسية التي يجب التحرك في اطارها بهذا الصدد مع صون السيادة الوطنية والاحتفاظ بالقرار الحر، ومن المؤكد ان توجه الحكومة الايرانية نحو تحقيق هذا الهدف سيصبح مطلبا شعبيا واضحا من الآن فصاعدا.
الاوضاع على الساحة الدولية شكلت محور الشق الآخر من كلام سماحة قائد الثورة الاسلامية حيث اعتبر سماحته بأن الاوضاع الجارية في العالم تحتم علينا ضرورة "التحلي بالتدبير والتحرك وأخذ القرار الصائب والمبادرة الصحيحة"، مؤكدا ان الاوضاع الراهنة في العالم أظهرت جليا "أحقية وصواب الشعب الايراني في مواجهته مع جبهة الاستكبار" منوها ان اختيار الشعب الايراني لـ " الصمود وعدم الاستسلام والتبعية وصون الاستقلال وتقوية النظام والبلاد" كان قرار وطنيا صائبا.
وفيما أشار قائد الثورة الاسلامية الى قضايا افغانستان وشعبها المسلم والمظلوم وكيفية انسحاب الاميركيين من بلادهم بعد 20 عاما من ممارسة الظلم والاجرام، أشار سماحته ان ما يجري في اوكرانيا هو ايضا مثال آخر على ذلك حيث أوصل الغربيون رئيسا الى سدة الحكم في اوكرانيا والان أصبح هذا الرئيس يستخدم نبرة حادة تجاه الغربيين أنفسهم.
آية الله العظمى الخامنئي أشار ايضا الى الجريمة الشنيعة لآل سعود في قطع اعناق اكثر من 80 شابا ويافعا وكذلك قصف الشعب اليمني المقاوم بشكل يومي، قائلا" ان كل هذه القضايا تظهر بأن الظلام والذئاب المتعطشين للدماء يسيطرون على العالم".
التمييز العنصري الغربي وظهوره بشكل فاضح في قضايا اوكرانيا، أشار اليها ايضا سماحة قائد الثورة في خطابه مؤكدا ان "ابداء الغربيين لأسفهم الصريح في وسائل اعلامهم لوقوع الحرب في اوروبا بدلا من غرب آسيا " هو من امثلة التمييز العنصري الفاضح للغربيين" مضيفا " لو ان كل هذا الظلم والبغي وقع في دولة منصاعة لهم فانهم لايبدون أية ردة فعل ابدا ورغم كل هذا الظلم والبغي يتشدقون بحقوق الانسان أيضا ويستخدمون هذه الأكذوبة لابتزاز الدول المستقلة".
ان استخدام سماحة القائد لمصطلح "أكثر حقبات التاريخ وأفضحها وأشنعها ظلما واستكبارا يمارسه طواغيت العالم" يبين لنا خطورة المرحلة الحالية التي يمر بها العالم اليوم، وهذا يشكل جرس انذار لجميع الشعوب من المسلمين وغيرهم ليتحركوا من أجل وضع حد لسياسات المتغطرسين الدوليين الذين وضعوا مستقبل البشرية ومصير حتى الأجيال القادمة في مهب أفظع الأخطار.