{َولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالْانسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ اعيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسمَعُونَ بِهَا...} (الأعراف/ 179).

الثلاثاء 8 فبراير 2022 - 06:14 بتوقيت غرينتش
{َولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالْانسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ اعيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسمَعُونَ بِهَا...} (الأعراف/ 179).

{َولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالْانسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ اعيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسمَعُونَ بِهَا اولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم اضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} (الأعراف/ 179).

عدم الاستفادة من  العقل والعين والأذن‏ توجب دخول النار

  من الذين يستحقون دخول جهنّم هم الذين اغلقوا على‏ أنفسهم أبواب المعرفة، فعطلوا العقل الذي منحه اللَّه لهم، وأغمضوا أعينهم، وسدوا آذانهم حتّى‏ لا يسمعوا صوت الحق ولا يروا وجه الحقيقة الناصع، ولكي لا يفكّروا بما يوجب الوعي واليقظة، تقول الآية الكريمة : {َولَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالْانسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّايَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ اعيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّايَسمَعُونَ بِهَا اولَئِكَ كَالأَنعَامِ بَل هُم اضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} (الأعراف/ 179).
  ومن الواضح أنّ هذا الخلق ليس جبرياً، وما يقوله بعض انصار مذهب الجبرية مثل «الفخر الرازي» ومايستدّلون به لِاثبات مذهبهم، عارٍ عن الصحّة تماماً، وذلك لأنّ جوابه قد ورد ضمن الآية التي يقول تعالى‏ فيها إننا وفّرنا لهم جميع مستلزمات المعرفة (كالعقول لإدراك المعقولات، والعيون لمشاهدة القضايا المحسوسة، والآذان لنيل العلوم النقلية) إلّا أنّهم لم يستعملوا تلك المستلزمات ولم يسفيدوا منها (تأمل)؟! ولهذا يقول في وصفهم أنّهم كالحيوانات بل أدنى‏ منها درجة، وذلك لأنّ الحيوان إنْ قَصُر عن فهم شي‏ء فذلك ليس تقصيراً منه، بل لعدم امتلاكه لمستلزمات ذلك، والأضل من الحيوانات هو من يمتلك كل هذه الأسباب والعوامل مع توفّر الظروف اللازمة ولكنه لا يستفيد منها، والعامل الأساس لكل هذه الامور هو الغفلة التي اشير إليها في ذيل الآية : {اولَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ}، وجاء نظير هذا المعنى‏ في سورة الملك،، خلال إجابة أهل النّار عن تساؤلات خزنة النّار وملائكة العذاب : {وَقَالُوا لَو كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَاكُنَّا فِى اصْحَابِ السَّعِيرِ} (الملك/ 10).

  إنَّ علل كل هذا الشقاء الذي يرزح فيه الإنسان وسبب كل هذه المفاسد يكمن في عدم‏ استخدام ابن آدم لعقله وأُذنيه وعينيه ولا يستغل هذه النعم الإلهيّة الكبرى‏ في سبيل المعرفة، فاللَّه تبارك وتعالى‏ قد حباه تلك النعم ومستلزمات المعرفة وأسبابها فهو- أي الإنسان- يمتلكها ولكنه لا يستفيد منها.

تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل / الشیخ ناصر مکارم الشیرازي

تصنيف :