اسمه وكنيته ونسبه(ع)(1)
الإمام أبو محمّد، الحسن بن علي بن محمّد العسكري(عليهم السلام).
من ألقابه(ع)
العسكري، التقي، الزكي، السراج، الخالص، الصامت.
أُمّه(ع)
جارية اسمها سَوْسَن المغربية، وقيل: حديث.
ولادته(ع)
ولد في الثامن من ربيع الثاني 232ﻫ بالمدينة المنوّرة.
زوجته(ع)
جارية اسمها نرجس بنت يشوعا بن قيصر الروم.
أولاده(ع)
له ولد واحد، وهو الإمام محمّد المهدي الحجّة المنتظر(عجّل الله تعالى فرجه).
عمره(ع) وإمامته
عمره 28 عاماً، وإمامته 6 أعوام.
حكّام عصره(ع) في سِنِي إمامته
المتوكّل، المنتصِر، المستعِين، المعتَز، المهتدِي، المعتمِد العباسي.
من صفاته وأخلاقه(ع)
قال القطب الراوندي: «فقد كانت خلائقه كأخلاق رسول الله(ص)، وكان رجلاً أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، جيّد البدن، حديث السن، له بسالة تذلّ لها الملوك، وله هيبة تسخّر له الحيوانات، كما سخّرت لآبائه(عليهم السلام) بتسخير الله لهم إيّاها دلالة وعلامة على حجج الله تعالى.
وله هيئة حسنة تُعظّمه الخاصّة والعامّة اضطراراً، ويُبجّلونه ويُقدّرونه لفضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وصلاحه وإصلاحه.
وكان جليلاً نبيلاً فاضلاً كريماً، يحتمل الأثقال، ولا يتضعضع للنوائب، أخلاقه على طريقة واحدة خارقة للعادة»(2).
وقال أحمد بن عبيد الله بن خاقان: «مَا رَأَيْتُ وَلَا عَرَفْتُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى رَجُلاً مِنَ الْعَلَوِيَّةِ مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا فِي هَدْيِهِ وَسُكُونِهِ وَعَفَافِهِ وَنُبْلِهِ وَكَرَمِهِ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَبَنِي هَاشِمٍ، وَتَقْدِيمِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى ذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ وَالْخَطَرِ، وَكَذَلِكَ الْقُوَّادِ وَالْوُزَرَاءِ وَعَامَّةِ النَّاس»(3).
عبادته(ع)
إنّ أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) هم القدوة والأُسوة في عبادتهم لله وإخلاصهم له تعالى، والتعلّق به دون غيره، وروي أنّ الإمام العسكري(ع) عندما أُودع في السجن وكّل به رجلان من الأشرار بقصد إيذائه، فتأثّرا به وأصبحا من الفضلاء، فقيل لهما: «وَيْحَكُمَا مَا شَأْنُكُمَا فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالا لَهُ: مَا نَقُولُ فِي رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَتَشَاغَلُ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْنَا ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُنَا، وَدَاخَلَنَا مَا لَا نَمْلِكُهُ مِنْ أَنْفُسِنَا»(4).
من كراماته(ع)
قال علي بن الحسن بن سابور: «قُحِطَ النَّاسُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى فِي زَمَنِ الْحَسَنِ الْأَخِيرِ(ع)، فَأَمَرَ المُتَوَكِّلِ الْحَاجِبَ وَأَهْلَ المَمْلَكَةِ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ.
فَخَرَجُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ إِلَى المُصَلَّى يَسْتَسْقُونَ وَيَدْعُونَ فَمَا سُقُوا، فَخَرَجَ الْجَاثَلِيقُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَمَعَهُ النَّصَارَى وَالرُّهْبَانُ، وَكَانَ فِيهِمْ رَاهِبٌ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ هَطَلَتِ السَّمَاءُ بِالمَطَرِ.
وَخَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَهَطَلَتِ السَّمَاءُ بِالمَطَرِ، فَشَكَّ أَكْثَرُ النَّاسِ وَتَعَجَّبُوا وَصَبَوْا إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ، فَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَى الْحَسَنِ وَكَانَ مَحْبُوساً، فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ حَبْسِهِ وَقَالَ: الْحَقْ أُمَّةَ جَدِّكَ فَقَدْ هَلَكَتْ.
فَقَالَ لَهُ: إِنِّي خَارِجٌ فِي الْغَدِ، وَمُزِيلُ الشَّكِّ إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَخَرَجَ الْجَاثَلِيقُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالرُّهْبَانُ مَعَهُ، وَخَرَجَ الْحَسَنُ(ع) فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِالرَّاهِبِ وَقَدْ مَدَّ يَدَهُ أَمَرَ بَعْضَ مَمَالِيكِهِ أَنْ يَقْبِضَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَأْخُذَ مَا بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ فَفَعَلَ، وَأَخَذَ مِنْ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَالْوُسْطَى عَظْماً أَسْوَدَ، فَأَخَذَ الْحَسَنُ(ع) بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اسْتَسْقِ الْآنَ. فَاسْتَسْقَى وَكَانَتِ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً فَتَقَشَّعَتْ، وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ: مَا هَذَا الْعَظْمُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ.
فَقَالَ(ع): هَذَا رَجُلٌ مَرَّ بِقَبْرِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ، فَوَقَعَ فِي يَدِهِ هَذَا الْعَظْمُ، وَمَا كُشِفَ عَنْ عَظْمِ نَبِيٍّ إِلَّا هَطَلَتِ السَّمَاءُ بِالمَطَر»(5).
«لحَا اللهُ قوماً وَازَنُوكَ بِمَن عَتَى ** عَلى اللهِ عُدواناً فَهدّمَ دِينَه
يَظنُّونَ أنَّ القَطرَ يَنزلُ سُرعةً ** إذا مَدَّ مَن غَطَّى العُقولَ يَمينَه
ولَمْ يَعلمَوا عَظمَ النَّبيِّ بِكَفِّهِ ** ومِنْ أينَ هَذا السِّرُّ يَستخرجُونَه
فَلولاكَ رُدَّت للتَّنَصُّرِ أُمَّةٌ ** لِجدِّكَ قِدماً دِينَهُ يَرتَضونَهُ
أيَا شَرَّ خَلقِ اللهِ كَيفَ عَمَدْتُمُ ** إلى نُورِ خَلَّاقِ الوَرى تُطْفِئونَهُ
صَلاةُ إلهي لا تَزالُ تَحفُّهُ ** مَتى البان أَهْفَى الرِّيحُ مِنهُ غُصونَهُ»(6).
في بركة السباع
«سُلِّمَ أَبُو مُحَمَّدٍ(ع) إِلَى نِحْرِيرٍ، وَكَانَ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ وَيُؤْذِيهِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَنْ فِي مَنْزِلِكَ، وَذَكَرَتْ لَهُ صَلَاحَهُ وَعِبَادَتَهُ، وَقَالَتْ: إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مِنْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأَرْمِيَنَّهُ بَيْنَ السِّبَاعِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ فِي ذَلِكَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَرَمَى بِهِ إِلَيْهَا، وَلَمْ يَشُكُّوا فِي أَكْلِهَا لَهُ، فَنَظَرُوا إِلَى المَوْضِعِ لِيَعْرِفُوا الْحَالَ، فَوَجَدُوهُ(ع) قَائِماً يُصَلِّي وَهِيَ حَوْلَهُ، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ إِلَى دَارِهِ»(7).
ولله درّ مَن قال:
لَحَى اللهُ هذا الخَارجيَّ بِما جَنَا ** على مَن لهُ أمرُ الخلافةِ والأمرُ
أيَرمي بهذا النُّورِ بَغياً بِبِركةِ ** السِّباعِ ولم يَنهه رَدعٌ ولا زَجرُ
فَنفسي فِداءٌ للذي جَارَ دَهرُهُ ** عَليهِ فَأرداهُ الخداعةُ والعُذرُ
فَإنِّي عليهِ بعدَ ذلكَ في غِنىً ** ونِيرانُ أَحزانِي يَزيدُ لها سِعْرُ
وكَيفَ وقَدْ مضّت مُصيبته التي ** تَكوَّرَ مِنها الشَّمسُ والنَّجمُ والبَدرُ
وخَرَّتْ لَهُ السَّبعُ الطِّباقُ وزُلزِلَتْ ** لها طَبَقاتُ الأرضِ بَلْ نَضبَ البَحرُ
فيَا مُدَّعِي حُبَّ الإمامِ فَنُحْ لَهُ ** بِشَجوٍ عَظيمٍ في الزَّمانِ لهُ نَشرُ
وشُقَّ لَهُ جَيبَ التَّصبُّرِ والعَزا ** ومُتْ أَسَفاً حَيّاً وإنْ ضَمَّكَ القَبرُ»(8).
وقال الشيخ محمّد حسين الإصفهاني(قدس سره) بالمناسبة:
«حَتَّى إذَا أُلقيَ في السِّباعِ ** وهُوَ ابنُ لَيثِ غَابةِ الإبداعِ
شِبلُ عَليٍّ أَسدُ اللهِ ولا ** يرى لديهِ الأسد إلَّا مثلا»(9).
كيفية استشهاده(ع)
أصبحت قيادته(ع) وامتدادها الجماهيري بين أوساط الأُمّة الإسلامية مصدر خطرٍ على السلطة العبّاسية، فأخذ الخليفة أحمد المعتمِد بن جعفر المتوكّل العباسي يُفكّر جدّياً بتصفية شخص الإمام العسكري(ع)، فدسّ إليه السُم(10).
استشهاده(ع)
استُشهد في الثامن من ربيع الأوّل 260ﻫ بسامراء المقدّسة، ودُفن بجوار مرقد أبيه الإمام الهادي(ع).
رثاؤه(ع)
ممّن رثاه السيّد صالح القزويني(رحمه الله) بقوله:
«أيَا صَفوةَ الهَادِي ويَا مُحيِيَ الهُدى ** ومُحكِمَ دينِ المُصطَفَى وهوَ دَارسُ
ولمَّا مَضَى الهَادي أريتَ مَعاجِزاً ** بِها أُرغِمَتْ مِن شَانِئيكَ المَعاطِسُ
بِنفسِيَ ما نَالَتْ بهِ سُرَّ مَن رأى ** فخاراً لهُ تَعنُو النُّجومُ الكَوانسُ
بِنفسِيَ مَن أبكى النَّبيَّ مُصابُهُ ** وأظْلَمَ فِيهِ دِينُهُ وهو شَامسُ
بِنَفسِيَ مَحبوساً على حَبسِ حَقِّهِ ** مَضَى وعَليهِ المكرماتُ حَبائسُ
بِنَفسِيَ مَن في كُلِّ يَومٍ تَسومُهُ ** هَواناً بَنو العبَّاسِ وهيَ عَوابسُ
بِنَفسِيَ مَسموماً تَشَفَّتْ بِهِ العِدى ** قَضَى وبها لم تُشفَ مِنهُ النَّسائسُ
بِنَفسِيَ مَكروباً قَضى بَعدَ سُمِّه ** بَكاهُ المُوالي والعَدوُّ المشَاكسُ
فلا كانَ يَومُ العَسكريِّ فَإنَّه ** لَيومٌ على الدِّينِ الحَنيفي نَاحِسُ»(11).
من وصاياه(ع)(12)
1ـ قال(ع): «خَيْرُ إِخْوَانِكَ مَنْ نَسِيَ ذَنْبَكَ إِلَيْه».
2ـ قال(ع): «أَضْعَفُ الْأَعْدَاءِ كَيْداً مَنْ أَظْهَرَ عَدَاوَتَه».
3ـ قال(ع): «حُسْنُ الصُّورَةِ جَمَالٌ ظَاهِرٌ، وَحُسْنُ الْعَقْلِ جَمَالٌ بَاطِن».
4ـ قال(ع): «مَنْ أنَسَ بِاللهِ اسْتَوْحَشَ مِنَ النَّاس».
5ـ قال(ع): «جُعِلَتِ الخَبَائِثُ فِي بَيْتٍ، وَجُعِلَ مِفْتَاحُهُ الْكَذِب».
6ـ قال(ع): «مَنْ كَانَ الْوَرَعُ سَجِيَّتَهُ، وَالْإِفْضَالُ جَنِيَّتَهُ، انْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَتَحَصَّنَ بِالذِّكْرِ الجَمِيلِ مِنْ وُصُولِ نَقْصٍ إِلَيْه».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: إعلام الورى بأعلام الهدى 2/ 129، الأنوار البهية: 301.
2ـ الخرائج والجرائح 2/ 901.
3ـ الكافي 1/ 503 ح1.
4ـ الإرشاد 2/ 334.
5ـ الخرائج والجرائح 1/ 441 رقم23.
6ـ وفيات الأئمّة: 405.
7ـ الإرشاد 2/ 334.
8ـ وفيات الأئمّة: 411.
9ـ الأنوار القدسية: 122.
10ـ اُنظر: بحار الأنوار 50/ 335، نقلاً عن مصباح الكفعمي.
11ـ المجالس السنية 5/ 673.
12ـ نزهة الناظر: 145.
اقرأ ايضا:
أربعون حديث عن الامام الحسن العسكري (ع)