وقد اتشحت مدينة مشهد المقدسة بالسواد ومعالم العزاء، حيث يقصد الزائرون مرقد الإمام عليه السلام في هذه المدينة المقدسة، والكثير منهم سيرا على الاقدام من مسافات بعيدة، تعبيرا عن حبهم وولائهم لهذا الإمام الهمام.
وتشهد مدينة مشهد المقدسة في هذه الايام إقامة مواكب وهيئات العزاء القادمة من قريب الديار وبعيدها، ليقدموا واجب العزاء باستشهاد الإمام الرؤوف عند مرقده الطاهر.
فبهذه المناسبة الأليمة نقدم لكم الأسباب والدلائل التي من أجلها أقدم الحاكم العباسي "المأمون " على قتل الإمام الرضا عليه السلام.
من الأسباب التي دعت المأمون إلى سمّ الإمام انّه لم يحصل على ما أراد من توليته للعهد، فقد حدثت له فتنة جديدة وهي تمرّد العباسيين عليه، ومحاولتهم القضاء عليه.
ومن الأسباب التي وردت عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت الهروي في قوله: (... وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنه راغب في الدنيا; فيسقط محلّه من نفوسهم، فلمّا لم يظهر منه في ذلك للناس إلا ما ازداد به فضلاً عندهم، ومحلاًّ في نفوسهم، وجلب عليه المتكلمين من البلدان طمعاً من أن يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة، فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئية والبراهمة والملحدين والدهرية، ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه وألزمه الحجة.
وكان الناس يقولون: والله إنّه أولى بالخلافة من المأمون، فكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه، فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده).
وكان الامام الرضا لا يُحابي المأمون في حق، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله; فيغيظه ذلك، ويحقد عليه، ولا يظهره له، فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم.
وبدأت علامات الموت تظهر على الإمام (عليه السلام) بعد أن أكل الرمان أو العنب الذي أطعمه المأمون، وبعد خروج المأمون ازدادت حالته الصحية تدهوراً، وكان آخر ما تكلم به: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً).