فارتفاع معدلات البطالة وازمة السكن وعدة أزمات اجتماعية أخرى، خلفتها عمليات التجنيس السياسي الجارية في البحرين على قدم وساق، وفقا لمخطط مدروس تهدف من وراءه السلطات الحاكمة في البحرين، إحداث عملية تغيير ديموغرافي تحول السكان الأصليين إلى أقلية في بلادهم بحسب ما كشف تقرير البندر الشهير.
غير ان الأمر الذي لم يكن في الحسبان هو أن تمتد آثار هذه السياسة الكارثية إلى الجارة السعودية، التي تصاعدت فيها الأصوات الساخطة والمستنكرة لسياسات التجنيس التي تنتهجها البحرين، بعد أن أغرق مجنسون يمنيون حصلوا على جنسية البحرين، سوق العمل السعودية وتسببوا بأضرار اقتصادية على أهل البلد.
تداول عدد من المواطنين في السعودية أشرطة مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد تضرر بلادهم واستنكارهم لسياسة التجنيس التي تنتهجها البحرين، واصفين الأمر بالخطير بعد أن استثمر المجنسون في قطاع العقارات وفي سوق الذهب مما ألحق أضرارا بالسعوديين, داعين إلى وقف ما وصفوه بالعبث.
أثار هذا الوضع حفيظة السلطات السعودية قبل نحو عامين وزار وزير الداخلية السعودي حينها البحرين والتقى بنظيره في البحرين, الذي توعد حملة جنسية البحرين من استغلالها للإضرار بمواطني السعودية. ويتناقض هذا التعهد مع اتفاقية العمل الموقعة بين دول مجلس التعاون والتي تنظم عمل مواطنيها بين دولها، وهي تعكس تمييزا ضد حملة جنسية البحرين. لكن أحدا لم يتهم وزير داخلية البحرين بالتمييز!
وبالمقابل وعندما تتصاعد داخل البحرين الأصوات المطالبة بوقف التجنيس السياسي نظرا لأضراره الاقتصادية الكارثية على البحرانيين، تسارع أجهزة إعلام النظام ومرتزقته إلى إتهام تلك الأصوات بالعنصرية والتمييز وأن جميع حملة الجنسية متساوون أمام القانون, ولهم حق التمتع بجميع الحقوق! ولكن عندما يصل الأمر إلى إلحاق ضرر بحماتهم السعوديين فيرفع الخليفيون عقيرتهم ضد المجنسين متوعدين إياهم بالويل والثبور لأنهم نافسوا المواطنين السعوديين.
هذه السياسة الخليفية المزدوجة تثبت وبما لايدع مجالا للشك أن الهدف من سياسات التجنيس هي إلحاق أضرار اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية بالبحرانيين فقط، ولكن مالم يكن بالحسبان هو أن تصل تلك الأضرار لأسياد الخليفيين في السعودية، وحينها يعود الخليفيون إلى ضبط إيقاع هذه السياسة وحصر أضرارها داخل البحرين.
ومما يجدر ذكره أن هذه الضجة قد أثيرت على مجنسين يمنيين يعملون في السعودية أعدادهم محدودة قياسا إلى سكان المملكة الذي يناهز 27 مليون نسمة، وحينها يمكن تصور الضرر الذي تلحقه هذه السياسة بالبحرين التي يبلغ تعداد ساكنيها قرابة مليون ونصف مليون ومواطنيها نحو 600 ألف نسمة فيما تبلغ أعداد المجنسين فيها نحو 100 ألف مجنس.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم بشكل عام والبحرين وبشكل خاص، سياسات التجنيس الجارية في البلاد منذ سنوات، لن تسهم إلا بتفاقم هذه الأزمة، ولا خيار أمام المواطنين الأصليين سوى خيار مناهضة هذه السياسة ورفع الأصوات المطالبة بوقفها بل وحتى إعادة النظر في من منحوا الجنسية خارج الضوابط التي نص عليها الدستور والقانون، فهؤلاء يحملون جنسية بلدانهم، بل وإن بعضهم لا يجيد التحدث باللغة العربية ولا تربط بعضهم الآخر أي رابطة بالبحرين سوى رابطة المال والامتيازات، والبحرين ليس بحاجة لأمثال هؤلاء في وقت المحن بل لأبناءها الأصليين.