ليس هناك معلومات دقيقة حول (جيانوزي) ولكن المعروف عنه بأنه كان فناناً محباً للفن، حيث كانت مشاهد الجمال من حوله تدغدغ مشاعره، دافعةً إياه نحو توثيق ما يراه بعدسة كاميرته.
(جيانوزي) الذي لم يعمر أكثر من ستين سنة استطاع أن يترك بصمته في فن التصوير الإيراني، حيث يمكن مشاهدة أعماله بين صفحات ألبومات الصور القديمة في مختلف المتاحف الإيرانية، كمتحف قصر (كُلستان) في طهران ومتحف مقتنيات تاريخ العتبة الرضوية المقدسة في مشهد. حيث كان قد التقط تلك الصور أثناء رحلاته وجولاته في المدن الإيرانية المختلفة.
ويحوز هذا المصور الإيطالي على مكانة هامة لأنه كان أول من التقط صوراً ضوئية للحرم الرضوي الطاهر، حيث قام بتصوير القبة، والأبنية المحيطة، ويُذكر أن المصور الإيراني المعروف بـ (أغا عكاس باشي) والذي كان الشاه الإيراني القاجاري يرسله للمدن المختلفة لكي يلتقط الصور للأبنية التاريخية والأثرية، استطاع أن يذهب إلى خراسان وطوس بعد سبع سنوات من ذهاب (جيانوزي) إليها والتقاطه لتلك الصور الخالدة. إذاً فإن صور المصوّر الإيطالي لحرم الإمام الرضا عليه السلام، ومسجد جوهرشاد، والمسجد المصلى و... هي أولى الصور الضوئية لهذه الأماكن المقدسة.
وما يلفت الانتباه في صور (جيانوزي) النظرة الفنية التي كان يتمتع بها، والزاوية التي يختارها لكاميرته، واهتمامه بأمور ترتبط بالتوثيق التصويري المدني والمعماري، بالإضافة لاستفادته من العنصر الإنساني لإظهار مقاييس الأبنية بوضوح.
كما يُذكر أن المصوّر الإيطالي كان قد قام بتأطير صوره بإطارات كرتونية ملوّنة بعد طباعتها التي كانت تعتبر كل واحدة منها مثالاً في الإبداع، حيث أهداها للشاه القاجاري والذي كان يهوى الصور والتصوير.
بادرة "جيانوزي" أتت بعد عام من خطوة مشابهة قام بها زميله ومواطنه (لويجي بشه)، مدير مدرسة دار الفنون آنذاك، والذي كان قد أهدى الشاه مجموعة كاملة من صور آثار (تخت جمشيد) في مدينة شيراز.
الجدير بالذكر أن مجموعة الصور الضوئية الأولى للحرم الرضوي الطاهر، والتي التقطت بعدسة (أنطونيو جيانوزي) يُحتفظ بها حالياً في مجموعة الآثار الخالدة في متحف قصر (كلستان) في طهران، وقد لاقت معنىً جديداً خلال هذه الفترة التي لا يستطيع خلالها الناس التوجه لزيارة هذه البقعة الطاهرة، وليس لهم إلا مشاهدة صورها وأفلامها عن بعد.