يعاني معتقلو الرأي في السعودية من ظروف صحية حرجة نتيجة التعذيب والمضايقات التي يتعرضون لها في السجون. ومنذ تفشي جائحة فيروس كورونا الجديد دعت المنظمات الحقوقية والناشطون، النظام السعودي عدة مرات إلى إطلاق سراح معتقلي الرأي لا سيما الذين يعانون من ظروف صحية حرجة وسط تردي أوضاع السجون واكتظاظها بعدد كبير من السجناء قبل فوات الأوان وتفشي الفيروس بين السجناء.
ومنذ عامين، تشن السلطات السعودية حملات اعتقال طالت دعاة ورجال دين وحقوقيين وأكاديميين وإعلاميين وناشطات نسويات، ووجهت لهم اتهامات بالإرهاب والتآمر على المملكة وتهديد السلم والاستقرار، والتعاون مع جهات خارجية للإضرار بأمن البلاد، وغيرها من التهم.
وفي لحظة سياسية حرجة لأوضاع حقوق الانسان في السعودية بسبب تصاعد الانتقادات الموجهة للسلطات التي تحاول تغطية الاوضاع السيئة لحقوق الانسان في المملكة، توفي الناشط الحقوقي البارز عبدالله الحامد في سجنه نتيجة لإهمال طبي بعد إصابته بجلطة دماغية.
وكان الحقوقي المعروف عبدالله الحامد قد دخل قسم العناية المركزة وهو في غيبوبة تامة بفعل الإهمال والتعذيب وسوء المعاملة في السجن قبل الاعلان عن وفاته التي وصفتها مصادر حقوقية بالاغتيال المتعمد من طرف نظام آل سعود بعد أن تركته إدارة السجن لساعات في غيبوبة قبل نقله إلى المستشفى.
وفي هذا السياق، نعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أغنيس كالامار، الحقوقي السعودي عبدالله الحامد، واصفة نبأ وفاته بـ"الخبر الحزين أول أيام رمضان".
وقالت كالامار في تغريدة على حسابها بموقع "تويتر" إن "خبر حزين للغاية في أول أيام رمضان وهو وفاة سجين الرأي الشاعر والناشط الحقوقي الدكتور عبد الله الحامد في سجون السعودية".
وذكّرت بأن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وخبراء أممين دعوا للإفراج عن سجناء الرأي في ظل جائحة كورونا.
وعلى نطاق واسع، تداول نشطاء وأكاديميون ومنصات حقوقية معارضة، نبأ وفاة الحامد إثر إهمال صحي، من بينها حساب "معتقلي الرأي"، الذي يتابع الوضع الحقوقي للسعوديين عبر "تويتر"، وعبد الله العودة نجل الشيخ الموقوف لدى المملكة سلمان العودة.
واعتبر العودة عبر "تويتر"، وفاة من وصفه بـ"رمز الإصلاح" الدكتور عبد الله الحامد "فاجعة".
من جهتها أعربت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، عن صدمتها لتلقي نبأ وفاة الحامد الذي وصفته بـ"البطل الذي لا يعرف الخوف"، وذلك "أثناء بقائه قيد الاحتجاز بسبب نشاطه السلمي".
وأضافت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، أن "الحامد كان بطل حقوق الإنسان في السعودية، لا يعرف الخوف، وكان عازما على بناء عالم أفضل للجميع".
وكانت منظمة العفو الدولية قد طالبت السعودية بالإفراج فوراً عن الحامد الذي كان يقضي حكماً بالسجن لمدة 11 سنة بسبب نشاطه السلمي، قبل إصابته بجلطة دماغية في 9 أبريل/نيسان الجاري ودخوله في حالة غيبوبة ونقله الى وحدة العناية المركزة في مستشفى الشميسي بالرياض.
كما طالبت المنظمة الدولية، السلطات في السعودية بأن تنظر بعين الاعتبار في الإفراج فوراً عن السجناء المسنين، وأولئك الذين يعانون من ظروف صحية حالية، والذين لا يزالون عرضة لخطر الإصابة بفيروس كوفيد – 19، والإفراج عن جميع الذين لا يزالون في انتظار المحاكمة.
وتوفى الحامد بعد مسيرة طويلة من النضال والدفاع عن حقوق المعتقلين، والمطالبة بملكية دستورية وانتخابات ديمقراطية في المملكة عن عمر ناهز 70 عاماً، وكان قد بدأ نشاطه منذ تسعينيات القرن الماضي بعد تأسيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، وهو أكاديمي وأحد أبرز الوجوه الداعية للإصلاح والافراج عن المعتقلين السياسيين في المملكة.
وبوفاة الناشط الحقوقي عبدالله الحامد يحذر مراقبون للشأن السعودي ونشطاء حقوقيون من وقوع تصفيات جسدية بحق معتقلي الرأي في السعودية لاسيما الرموز المعروفة في السجون بفعل الإهمال الطبي والإيذاء النفسي الممنهج.
ويتعرض معتقلو رأي سعوديون بارزون، لاستهداف متعمد من قبل سلطات النظام من خلال الإهمال والإيذاء النفسي، مما قد يشكل محاولة متعمدة لتصفيتهم جسديا داخل السجن.
وكانت الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) التي تتخذ من روما مقرا لها قد وثقت حالات وفاة لعدد من معتقلي الرأي في السجون السعودية آخرهم الشيخ فهد القاضي في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019. وقبل ذلك بشهر تم الإعلان عن وفاة معتقلين هما أحمد الشايع والشيخ صالح عبد العزيز الضميري أثناء اعتقالهما.
وشهدت المملكة خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين على خلفية مواقفهم العلنية ومطالبهم بالإصلاح السياسي والاجتماعي وإطلاق الحريات العامة، وسط اتهامات لها بالتقاعس عن توفير الرعاية الطبية الكافية في سجون البلاد.