وحتى هذه اللحظة لم يسمح الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، لاي مسؤول بالكشف عن المعلومات المتعلقة بحجم الاضرار الناجمة عن الهجوم الصاروخي وهدد كل مسؤول يبادر الى ذلك بانزال عقوبة قاسية بحقه.
ولابد من الاشارة الى ان السبب الذي جعل الاخبار المتعلقة بهذا الحدث مثيرة للاهتمام هي الكذب المتواصل من جانب المسؤولين الاميركيين حول عدد المصابين جراء الهجوم الصاروخي.
وقد ادى الهجوم الصاروخي الايراني على قاعدة "عين الاسد" الاميركية والذي نفذ في الساعة الواحدة و 20 دقيقة فجر يوم 8 كانون الثاني/ يناير، الى مصرع 120 واصابة اكثر من 200 اخرين من العسكريين الاميركيين في القاعدة، وذلك قبيل دفن جثمان الشهيد سليماني بساعات، وهي الساعة التي جرت فيها عملية اغتيال الشهيدين سليماني وابومهدي المهندس ورفاقهما بواسطة طائرات مسيرة فجر يوم 3 يناير حين خروجهم من مطار بغداد.
تخبط المؤسسات العسكرية والامنية ووسائل الاعلام الاميركية
مجلس الامن القومي الاميركي عقد بعد الضربة مباشرة اجتماعا لدراسة هذا الفشل الذريع، وصادق على قرار سري اعتبر ان الحكومة دخلت حالة الطوارئ الخاصة بزمن الحرب وان الكشف عن اي معلومة عن هزيمة عين الاسد من دون التنسيق مع المؤسسة العسكرية يعد عملا مناهضا للامن القومي، علما بان موقع "نيوزويك" (التابع لمؤسسة واشنطن بوست) وقبل تلقيه هذا التعميم العاجل قد بادر لبث خبر حول اضرار الهجوم الصاروخي الايراني من قبل الحرس الثوري على قاعدة عين الاسد، حيث اعلن فيه بان عدد قتلى الهجوم بلغ 270 عسكريا.
رئيس تحرير الشؤون الخارجية في موقع "نيوزويك" ديمي ريدر وبعد تلقيه القرار الصادر عن مجلس الامن القومي الاميركي بادر على الفور لتعديل الخبر دون اي ايضاح، حيث حذف فيه عدد قتلى العسكريين الاميركيين، علما بان هذا التعديل لا جدوى منه لانه يمكن الاطلاع على النسخة الاولى للخبر المحفوظة في ارشيف الانترنت وقد تم تصويره من قبل بعض المتلقين.
الغاء خطاب ترامب بعد قرار مجلس الامن القومي الاميركي
وبناء على القرار السري الصادر عن مجلس الامن القومي الاميركي فقد تاجل الخطاب التلفزيوني للرئيس الاميركي يوما واحدا، ذلك الخطاب الذي ادعى فيه ترامب كذبا بان "الهجمات الصاروخية الايرانية على القاعدة الاميركية في العراق، لم تسفر عن وقوع اضرار بشرية لا من القوات الاميركية ولا من القوات العراقية، في ضوء الاجراءات الاحترازية المتخذة من قبل الجيش الاميركي".
ولم تمض دقائق على خطاب ترامب، حتى رصد مواقع الملاحة الجوية تحليق طائرة بوينغ للشحن "سي 17" بعد ساعات من الهجمات الصاروخية الايرانية على قاعدة عين الاسد ، في مهمة علاجية من مطار بغداد الى قاعدة "لاندشتاين" في المانيا، هذه الطائرة قادرة على نقل الجثامين نظرا لوجود العديد من ثلاجات الموتى على متنها.
امكانيات قاعدة "لنداشتول" في قلب اوروبا
تعتبر قاعدة "لنداشتول" (بالألمانية: Landstuhl) الجوية بولاية "راينلند بالاتينات" الألمانية، أكبر قاعدة أميركية خارج الولايات المتحدة، كما أنها مركز لتجمع القوات العسكرية الأميركية المتوجهة إلى الشرق الأوسط.
وتضم القاعدة مستشفى عسكريا هو الاكثر تجهيزا ونظرا لسرية الكثير من اقسامه ووجود ثلاجات فيه لحفظ جثامين قتلى الجنود الاميركيين، فانه يعد مكانا مناسبا لمعالجة الجرحى والاحتفاظ بجثث القتلى، علما بان الثلاجات موجودة في المستشفى بصورة ثابتة وكذلك كوحدات متنقلة في الاجواء المفتوحة ولها امكانية الاحتفاظ باكثر من 100 جثة.
ما هو السبب في ارتفاع عدد خسائر القوات الاميركية في عين الاسد؟
وافاد تقرير مراسل وكالة انباء "فارس" ان الهجمات الصاروخية للحرس الثوري على قاعدة عين الاسد جرت على مرحلتين؛ بفارق زمني تراوح بين 30 الى 40 دقيقة.
المرحلة الاولى تم خلاله اطلاق 9 صواريخ باليستية، اذ انه نظرا لحالة التاهب الكامل للقوات الاميركية بعد العملية الارهابية للبنتاغون والتي اسفرت عن استشهاد القائد قاسم سليماني وابومهدي المهندس، كان معظم العسكريين الاميركيين موجودين في الملاجئ ولكن نظرا للقدرة التدميرية لصواريخ الحرس الثوري فقد قتل عدد منهم داخل الملاجئ.
وبعد المرحلة الاولى لاطلاق الصواريخ ولاكثر من نصف ساعة لم يتم اطلاق اي صاروخ، مما حدا بالقادة الاميركيين للتصور بان العملية انتهت واصدروا الاوامر بخروج العسكريين ونقل المصابين وجثث القتلى من الملاجئ وفي هذه الاثناء بدات المرحلة الثانية لاطلاق الصواريخ والتي ادت الى قتل المئات من العسكريين نظرا لخروجهم من الملاجئ.
وكانت التغريدة الاولى لترامب بعد الضربة "ان كل شيء على ما يرام وان الجميع سالمون"، وفي خطابه التلفزيوني الذي بدا فيه متوترا ويتنفس بعمق للسيطرة على اعصابه ادعى بان كل شيء جيد ولا توجد اي مشكلة.
اعترافات تدريجية
خلال الاسبوع الاول بعد الهجوم الصاروخي على عين الاسد ادعى ترامب ووزير خارجيته وكذلك المتحدث وقادة عسكريون اميركيون بان جميع العسكريين الاميركيين الذين كانوا داخل قاعدة عين الاسد سالمون الا ان البنتاغون اضطر للاعتراف تدريجيا بالكشف عن احصائيات الجرحى خاصة جرحى الارتجاج الدماغي وزيادة العدد شيئا فشيئا، وقد اعترف ترامب ووزير دفاعه "مارك اسبر" في مرحلة اولى باصابة بعض العسكريين بـ "وجع في الراس" فقط.
الاعلان عن الارقام الرسمية للجرحى بدا بعد فترة ببث خبر اصابة 11 عسكريا بموجة الانفجار، من قبل صحيفة كويتية ذكرت بانه تم نقلهم للعلاج الى الكويت (مستشفى عسكري اميركي) والمانيا ومن ثم ارتفع العدد تدريجيا من 16 الى 34 و 64 وبالتالي اعلن البنتاغون يوم 11 شباط بان عدد المصابين بارتجاج في الدماغ قد بلغ 109 عسكرييين ومن المؤكد ان الكشف عن المعلومات سيستمر لان اسر القتلى والجرحى لن يلتزموا الصمت اكثر من هذا.
وتشير تقارير الى ان عددا من النواب والسناتورات الديمقراطيين مطلعون على عدد اضرار وجرحى عين الاسد لكنهم قرروا في اجتماعاتهم الحزبية الداخلية بان يكشفوا عن الاحصائيات على اعتاب الانتخابات الرئاسية.
تقييم الاضرار المادية
افادت تقارير عن حجم اضرار قاعدة عين الاسد عن تدمير 4 مروحيات وطائرتي نقل وبرج مراقبة للمطار العسكري في القاعدة ولم يسمح القادة العسكريون الاميركيون للصحفيين والمصورين بتصوير هذا البرج ومقر القيادة ومركز الرادار التي دمرت كلها خلال الهجوم الصاروخي وسمحوا لهم فقط بتصوير عدة مئات من الامتار من مساحة القاعدة التي توجد فيها عدة خيام محروقة وحفرة حصلت جراء اصابة احد الصواريخ ، واعتبروا بقية اقسام القاعدة بانها محظورة عن التصوير.
وافاد تقرير مراسل وكالة "فارس" بان الهجوم على القاعدة ادى الى قطع الاتصال بين 8 طائرات مسيرة كانت تحت امرة مركز قيادة الطائرات المسيرة في القاعدة، وحينما كانت هذه الطائرات محلقة قام الحرس الثوري بتوجيه ضربة الكترونية قبل الضربة الصاروخية ادت الى قطع اتصال هذه الطائرات مع مركز القيادة في القاعدة ومن ثم هوجم مركز القادة نفسه في الضربة الصاورخية وبذلك فقد قُطِع الاتصال تماما مع هذه الطائرات.
القوات الاميركية قامت بعد الضربة الصاروخية مباشرة بعملية البحث حيث عثرت على حطام 3 منها فقط وليس من المعلوم لغاية الان بيد من وقعت الخمس الاخرى.
40 يوما من الهلع في قواعد اميركا والكيان الصهيوني
قائد الثورة الاسلامية وخلال استقباله لحشد من اهالي مدينة قم بعد ساعات من تنفيذ الهجوم الصاروخي للحرس الثوري على قاعدة عين الاسد؛ قال انه تم الليلة الماضية (فجر يوم الاربعاء 8 يناير) توجيه صفعة للاميركيين الا ان الانتقام امر اخر. يجب انهاء التواجد الاميركي الباعث على الفساد في هذه المنطقة.
اثر ذلك اكد كبار قادة الحرس الثوري وفصائل المقاومة في المنطقة ومنها حزب الله في تصريحات بان الهجوم على عين الاسد كان المرحلة الاولى لعمليات اوسع في المستقبل، اذ انه ومع بلوغ العمليات الانتقامية الذروة من قبل الحرس الثوري وقوات جبهة المقاومة سيتم ارغام اميركا والكيان الصهيوني على مغادرة العالم الاسلامي ومنطقة غرب اسيا.
ولا شك ان تكرار هذه التهديدات من قبل الحرس الثوري وجبهة المقاومة سيؤدي من جانب الى حالة من الارهاق والاستنزاف النفسي والجسدي للعسكريين الاميركيين خاصة القوات الارهابية الخاضعة لامرة "سنتكوم" في المنطقة نظرا لاستمرار ظروف التاهب الحربي، كما ستؤدي من جانب اخر الى ان ينتظروا في اي لحظة وقوع عمليات اخرى اكبر من السابق وليس من المعلوم انها ستستهدف اي قاعدة من القواعد الاميركية هذه المرة.
وخلال اربعينية القائد الشهيد سليماني اكد القائد العام للحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، بان جبهة المقاومة قد تعززت وان "اميركا تلقت الصفعة لكن الصفعة الكبرى والنهائية ستتواصل حتى خروج اخر جندي اميركي من بلاد المسلمين وان هذه الحقيقة باتت قريبة".
العالم الاسلامي ينتظر الان عمليات متتالية ومدمرة من قبل قوات المقاومة في انحاء المنطقة والعالم؛ انتظار سيتحقق بعون الله في المستقبل القريب ويؤدي على الانتصار النهائي والحتمي لجبهة الحق ضد الباطل.