*بو كشمة*
العنوان ليس لقصة من قصص "كليلة ودمنة" عن الأسد، ملك الغابة، حاشاه الكذب. وليس عنواناً من عناوين القصص الخرافية التي تبتدئ بلازمة "كان يا مكان في سالف العصر والأوان"، كما أنه ليس لقباً مجازياً أو اسماً تجارياً مثل "ملك المندي" أو "ملك البطاطا". وهو بالطبع ليس لاعباً متفوقاً على أقرانه يُدعى "ملك كرة القدم" مثل بيليه. ببساطة إنه يتعلق بعصرنا هذا، ويخص "ملكاً ملكاً" بشحمه ولحمه.
المفارقة أنه ملك كذاب. كذب ليحصل على لقب ملك حينما استفتى الناس بتحويل الدولة إلى مملكة، ووعدهم بالأيام القادمة الأجمل، فإذا هي الأسوأ على الإطلاق، وعد بالحياة الكريمة للمواطن البحريني، وعد بالديمقراطية، وبأن البحريني هو الثروة الحقيقية للوطن، ليتضح فيما بعد أن المواطن هو عبء على القبيلة.
الجميع يتذكّر كيف أنه تمسكن ووقع بقلم وزير داخليته في مجلس [عالم الدين الشيعي] السيد [عبدالله] الغريفي بالنعيم، أن مجلس النواب للتشريع ومجلس الشورى يختص بتقديم الاستشارات. وبعدما تم منحه ثقة الشعب بتصويت بلغت نسبته 98,4% نكث بعهدة مثل أي كذاب.
أيضاً كذب عندما قال إن ثروة البحرين هي للمواطن البحريني، فإذا به يجلب المرتزقة من كل حدب وصوب ويمنحهم الجنسية مع امتيازات كانت مخصصة للمواطن، بينما أضحى البحريني يتسول الوظيفه من الأجنبي.
وكذب أمام العالم وكل وكالات الأنباء، عندما وعد بتنفيذ كل ما جاء في تقرير بسيوني (الذي عينه بنفسه واختاره ولجنته)؛ ولكنه زاد وطغى وتمادى. امتلأت السجون واكتظت بالشباب وزادت الأحكام القضائية الخرافية بأحكام تتجاوز 100 عام، فضلاً عن أحكام الإعدام، والسجن المؤبد وسحب الجنسية الذين صارا يرادفان كلمة محاكمة في البحرين.
يروّج الملك بلسانه وعبر لسان أزلامه وأعوانه، إلى أن البحرين شحيحة الموارد، وأنها ليست كما جاراتها، والواقع أن هذا الملك وهو على أبواب السبعين يعدّ من أثرى أثرياء العالم، ثروته تبلغ 220 مليار دولار، عدا القصور في أوروبا والمغرب وباكستان، حتى أنه عين طواقم أمنية وطواقم تقوم بإعداد الطعام مخصّصه لقصوره في الخارج، وعدا طائراته الست اللاتي تعدّ من أغلى الطائرات الشخصية في العالم، وتبلغ قيمتها 270 مليون دولار، واليخوت الفارهة التي يمتلكها، كلّها نهباً من خيرات هذا البلد الشحيحة.
يحمل هذا الملك صفات عشق الذات والقبيلة وعشق التملك؛ لذا فإنه لا يستغني عن قصوره الأربعة في شرم الشيخ وبقية قصوره في المغرب، عكس قصوره الأخرى في شتى أرجاء المعمورة والتي لا يزورها "إلا في السنة حسنة".
للأمانة، فإن الملك يكون صادقا أحيانا، وعلى سبيل الذكر لا الحصر عندما قال إنه سيواصل مسيرة [الأمير الراحل] عيسى بن سلمان [آل خليفة]، ولم يكذب، فأبوه انقلب على ما وعد به من انفتاح، وانقضّ على التجربة البرلمانية في السبعينيات، وكرس قانون أمن الدولة سيء الصيت حتى توفاه الله. وكما يقال "من شابه أباه فما ظلم"، وهو، أي الملك، قد شابه أباه في الولاء لعائلة آل سعود [في المملكة العربية السعودية]، ومن يعرفه لم يستغرب عندما فاجأ "ملك الزهايمر [الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز آل سعود]"، وقبّل خشمه في قمة شرم الشيخ، لأن عليه تقديم واجب الطاعة لسيده وملكه، وولي نعمته، والحاكم الفعلي لمملكته.
وهكذا نجد أن ملك الكذب قد ورث الكذب من أبيه وأجداده، وكان أميناً في توريث خصلة الكذب لكل أبنائه وأحفاده وقبيلته وكل مريديه. لذا أبشروا؛ ذلك أن "الكذبة الكبرى لم تعيشوها بعد"، فهذه القبيلة لم تكتفِ من الكذب أيام الغوص وسنوات الجريش، لأنهم ببساطة وصلوا الجزيرة الآمنه بكذبة كبيرة، أطلقوا عليها الفتح! والفتح في الإسلام يعني فتح أمصار الكفار مثل فتح الأندلس، فكيف يكون الفتح لجزيرة عرفت بأنها دخلت الإسلام طواعية عندما وصلها كتاب النبي!
وحتى في عصر الشفافية والتقنية والإنترنت والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي لم تتوقف القبيلة عن الكذب الذي توارثته منذ "أحمد الكاذب [الفاتح]" في العام 1783 لغاية "حمد الأكذب" في يومنا هذا، ويستر الله من القادم.
* كاتب بحريني ساخر يكتب تحت اسم مستعار خشية التعرض إلى الانتقام