هذا وافادت تقارير استخباراتية عراقية وأميركية، انه خلال الشهور الستة الماضية عبر المئات من مسلحي "داعش"، على الأرجح أكثر من ألف مسلح عبروا الحدود المفتوحة، في تحد واضح للعمليات العسكرية الواسعة للقضاء بشكل كامل على من تبقى من التنظيم في شرق سوريا، مشيرة الى أن مؤشرات توسع انتشار التنظيم في العراق واضحة.
واضافت التقارير ان خلايا التنظيم الارهابي التي تعمل في أربع محافظات عراقية شمالية تقوم بعمليات خطف واغتيال وتزرع قنابل على جوانب الطرق تستهدف ترويع السكان المحليين وإحياء عادة الابتزاز التي مولوا بها قدرتهم على اغتصاب السلطة قبل ست سنوات.
بدوره يقول الناطق باسم الجيش العراقي العميد "يحيى رسول" ان : "داعش يحاول تأكيد وجوده في العراق بسبب الضغوط التي يتعرض له في سوريا".
من جانبه أحد مسؤولي الاستخبارات في العراق يقول إن عدد المسلحين قد يتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف في العراق، حيث يتخفون في مناطق وعرة نائية.
في سوريا، حوصر تنظيم دواعش في جيب صغير لا يتعدى مساحته كيلومتر واحد في قرية الباغوز، وتلك القرية المطلة على نهر الفرات وقريبة من الحدود العراقية السورية البالغ طولها 600 كيلومتر.
هذا ونشر الجيش العراقي أكثر من عشرين ألف جندي لحراسة خط الجبهة، لكن المسلحين يتسللون، معظمهم نحو الشمال، عبر أنفاق أو تحت ستر الليل.
ويدخل عناصر داعش الى العراق متخفين كرعاة ماشية، يحملون معهم الأموال وأسلحة خفيفة بحسب تقارير استخباراتية، كما أنهم يخرجون الأموال والأسلحة من مخابئهم التي أعدوها عندما سيطروا على مساحات شاسعة من شمال العراق.
قال يحيى رسول "لو نشرنا أعظم الجيوش في العالم لما تمكن من السيطرة على هذه المنطقة، عملياتنا تتطلب جمع ومعلومات وغارات جوية".
في أوج قوتها عامي 2014 و2015، أقام تنظيم "داعش" خلافتهم المزعومة التي شملت ثلث أراضي العراق وسوريا.
التنظيم الذي انبثق عن تنظيم القاعدة في العراق هدد بالقضاء على الأقليات الدينية.
القوات العراقية وبدعم من الولايات المتحدة، تمكنت من تغيير كفة الحرب في ديسمبر/ كانون أول 2017، بعد انتصارها في آخر معركة مدنية.
غير أن فلول داعش نجحت من قبل في التعافي من هزائم كبرى في الماضي وكثيرون يخشون أن تتمكن من العودة للظهور.
هجمات بهدف الترويع...
وفي سياق متصل تحققت الأسوشيتد برس من تسع هجمات شنها داعش في العراق خلال يناير/كانون الثاني الماضي وحده، من مسؤولي مخابرات وقادة محليين إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
داعش غالبا ما تباهي بنشاطاتها عبر تطبيقات رسائل نصية مثل "تلغرام".
في إحدى الحوادث، اقتحمت مجموعة من المسلحين منزل رجل اتهموه بأنه مرشد للجيش في قرية تل العصفور بناحية بادوش شمالي البلاد.أردوه قتيلا وشقيقيه بعد أن أوقفوهم أمام جدار ونشروا صور عملية القتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا وقال الشيخ محمد نوري أحد زعماء العشائر إن تلك العملية كانت تهدف لترويع السكان المحليين لتمنعهم من نقل أي معلومات لقوات الأمن.
واضاف نوري "لدينا مسلحون في قبيلتنا تلقوا رسائل تهديد تحذرهم من التوقف عن العمل".
في وقائع أخرى، قتلت خلايا داعش "المخاتير" قادة القرى والمسؤولون المحليون، وهاجموا نقاط تفتيش أمنية في المناطق الزراعية بسيارات مفخخة وقذائف هاون وأحرقوا منازل أعضاء الميليشيا.
في قضاء الشرقاط، بوسط العراق، أوقف مسلحون سيارة تابعة للشرطة الشهر الماضي وقتلوا ستة من عناصر الشرطة كانوا على متنها.
محاولات التمويل..
الأحد الماضي، خطفت الجماعة 12 شخصا من صائدي الكمأة في محافظة الأنبار غربي البلاد، ما يشير إلى عودة التنظيم للجوء لاستراتيجية ترويع وابتزاز المزارعين التجار لجمع المال.
رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار، الشيخ نعيم قاعود، حث السكان على تعليق جمع واصطياد الكمأة- وهو موسم واحد في العام ويمثل مصدر دخل مهم للأسر الرعوية.
من جانبه قال نائب سابق في البرلمان عن الأنبار وأحد الشخصيات القبلية المعروفة، جابر الجابري، قال إن صيادي كمأة آخرين اختفوا في المناطق الريفية، وأضاف أن المسلحين يقتطعون حصصا من صيادي الكمأة في مقابل السماح لهم بدخول الأراضي، ويقتلون أولئك الذين يرفضون التعاون.
الى ذلك حذر الجابري من المبالغة في تقدير التهديد الذي يفرضه مسلحو داعش، وقال إن المسلحين لم يحرزوا نفس النجاح الذي حققوه في التسلل في وقت سابق من هذا العقد.
استراتيجية الزمان والمكان...
آخرون ليسوا متأكدين من هذا، هانز جيكوب شندلر، أحد المستشارين السابقين لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شؤون داعش، قال إن نفس المظاهر هي التي مهدت الطريق أمام ظهور داعش عام 2013 لا تزال قائمة حتى اليوم.
وقال شندلر الذي صار ضمن فريق مشروع مكافحة التطرف حاليا: "أنا قلق للغاية، إننا نرى التاريخ يعيد نفسه".
وأضاف أنه رأى داعش "يلجأ للنمط القديم" من "الهجمات الإرهابية التقليدية" والخطف لطلب فدية وتقنيات اعتاد تنظيم القاعدة في العراق استخدامها.
شن التنظيم هجوما شرسا للعودة للظهور عام 2011 بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق واندلاع الحرب في سوريا.
هذا واعلن مستشفى الفلوجة التعليمي، السبت، عن وصول خمس جثث من ابناء النجف اعدمهم تنظيم "داعش" الارهابي شمال الانبار.
وقال مدير المستشفى مازن جبار كاظم، ان "المستشفى استقبل صباح اليوم خمس جثث تعود لمواطنين من محافظة النجف".
واضاف كاظم ان "هؤلاء الاشخاص اعدمهم تنظيم داعش قرب بحيرة الثرثار شمال الانبار".
يذكر ان تنظيم "داعش" يقوم بين فترة واخرى بتنفيذ عمليات ارهابية في عدد من المناطق التي كان يسيطر عليها، الا ان القوات الامنية والحشد الشعبي يحبطان اغلب تلك العمليات ويكبدان التنظيم خسائر فادحة.
وفي وقت سابق قال مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، إنه يتوقع ظهوراً جديداً لداعش بهيكلية جديدة، لافتاً إلى امتلاكه معلومات عن تحركات تهدف لتشكيل تنظيم سري جديد.
وأضاف الفياض في حوار أجرته معه مجلة "شبيغل" الالمانية، "نخشى أن يشكل أنصار داعش من المقاتلين الجيل التالي لتنظيم جديد على غرار حركة تنظيم القاعدة، فحسب معلوماتنا هناك تحركات بصدد تشكيل تنظيم سري جديد"، مشيراً إلى أن "هناك الكثير من المؤشرات والدلائل على الأرض تؤكد ذلك".
وحول أسلوب تحرك مسلحي داعش قال الفياض "عندما يتم دحرهم من مناطق تواجدهم، يتسربون مع النازحين المدنيين ويختبؤون في مناطق أخرى ليرتبوا أوضاعهم من اجل ظهور جديد أو الانتقال بسهولة إلى منطقة نفوذ أخرى"، مستدلاً في قوله على تجربة الموصل حيث قال "كانت القوات الأمنية العراقية تجد عدداً قليلا من قتلى داعش على أرض المعركة، ما يعني أنهم أحياء وفروا وسط قوافل النازحين".
وتابع الفياض ان "محافظة إدلب السورية تعج حاليا بمقاتلي داعش، خصوصا الأجانب منهم الذين قدموا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا"، مبيناً أن "مقاتلي داعش المحليين أو العرب يتواجدون في بلدات وقرى صغيرة أخرى في سوريا".