بيان الإمام الخامنئي بمناسبة الذكرى الـ40 لانتصار الثورة الإسلامية

الأربعاء 13 فبراير 2019 - 09:32 بتوقيت غرينتش
بيان الإمام الخامنئي بمناسبة الذكرى الـ40 لانتصار الثورة الإسلامية

ايران-الكوثر: أصدر قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي بيانا هاما بمناسبة الذكرى الأربعين لإنتصار الثورة الإسلامية في ايران ودخولها لمرحلة جديدة.

وافاد الموقع الاعلامي لمكتب قائد الثورة الاسلامية ان سماحته شرح في البيان خصائص المسار الزاخر بالفخر الذي تم المضي فيه خلال الاعوام الاربعين الماضية والبركات الباهرة للثورة الاسلامية في ايصال ايران العزيزة الى المكانة اللائقة بها.

واكد قائد الثورة في هذا البيان الاستراتيجي على الامل الحقيقي بالمستقبل ودور الشباب منقطع النظير في اتخاذ الخطوة الكبرى الثانية نحو الاهداف وخاطب الشباب وصناع المستقبل لايران المقتدرة، مبينا ضرورات هذا الجهاد الكبير في 7 فصول اساسية.

وفيا يلي نص البيان :

وجاء فی بیان سماحة القائد الموجّه للشباب: الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین ومن تبعهم بإحسان إلی یوم الدین.
انه و من بین كل الشعوب الخاضعة للجور قلما یعقد شعب عزیمته وهمته للقیام بثورة، ومن بین الشعوب التی ثارت ونهضت قلما شوهد شعب استطاع أن یبلغ بمهمته طور النهایة والتمام ویحافظ علی مبادئ الثورة بعد تغییره أنظمة الحكم. بید أن ثورة الشعب الإیرانی العظیمة وهی أكبر الثورات فی العصر الحدیث وأكثرها شعبیة، هی الثورة الوحیدة التی أمضت أربعین عاماً زاخرة بالمفاخر والأمجاد من دون خیانة لمبادئها، وصانت كرامتها وأصالة شعاراتها مقابل كل الوساوس والإغراءات التی بدت وكأنها عصیة علی المقاومة، ودخلت الآن فی المرحلة الثانیة من البناء الذاتی وبناء المجتمع وصناعة الحضارة. تحیة من أعماق الفؤاد لهذا الشعب وللجیل الذی بدأ هذا المشوار وواصله وللجیل الذی دخل الآن عملیة عالمیة كبری تتمثل بالأربعین عاماً الثانیة من عمر الثورة.
یوم كان العالم مقسماً بین الشرق والغرب المادیین ولم یكن أحد یتصور وقوع نهضة دینیة كبری، نزلت الثورة الإسلامیة الإیرانیة إلی الساحة باقتدار وعظمة وحطمت الأطر التقلیدیة وأثبتت للعالم تهرؤ الكلیشات، وطرحت الدین والدنیا إلی جانب بعضهما وأعلنت عن بدایة عصر جدید. وكان من الطبیعی أن یبدی زعماء الضلال والجور ردود أفعالهم غیر أن ردود الأفعال هذه كتب لها الإخفاق. كل ما قام به الیسار والیمین الحداثوی من التظاهر بسماع هذا الصوت الجدید والمختلف إلی السعی الواسع والمتنوع لإخماده، كلما اقتربا إلی أجلهما المحتوم أكثر فأكثر. والآن بعد مضی أربعین حفلاً سنویاً للثورة وأربعین من عشرات الفجر، زال أحد قطبی العداء المذكورین وراح الآخر یتخبط فی مشكلات تنم عن قرب احتضاره! أما الثورة الإسلامیة فلا تزال تواصل تقدمها إلی الأمام محافظةً علی شعاراتها والالتزام بها.
یمكن افتراض عمر مفید وتاریخ استهلاك لكل شیء إلا أن الشعارات العالمیة لهذه الثورة الدینیة استثناء لهذه القاعدة، فهی لن تبقی عدیمة الفائدة وعدیمة الاستخدام أبداً لأن فطرة الإنسان ممتزجة بها فی جمیع العصور. فالحریة والأخلاق والمعنویة والعدالة والاستقلال والعزة والعقلانیة والأخوة لا تختص أی منها بأی جیل أو مجتمع دون غیره حتی تتألق وتزدهر فی حقبة وتأفل فی حقبة أخری. لا یمكن أبداً تصور شعب یعرض عن هذه الآفاق المباركة. ومتی ما حصلت حالة إعراض أو تبرم كان السبب إعراض المسؤولین عن هذه القیم الدینیة ولیس الالتزام بها والسعی لتحقیقها وتطبیقها.
الثورة الإسلامیة بوصفها ظاهرة حیة وذات إرادة كانت دوماً مرنة ومستعدة لتصحیح أخطائها لكنها لا تتقبل إعادة النظر ولا الانفعال. إنها تبدی الحساسیة الإیجابیة حیال النقد وتعتبره نعمة من الله وتحذیراً لأصحاب الكلام من دون عمل، لكنها لا تبتعد إطلاقاً وبأیة ذریعة عن قیمها الممتزجة والحمد لله بالإیمان الدینی للناس. لم تمنی الثورة الإسلامیة بعد بنائها للنظام بالركود والخمول والانطفاء ولن تمنی، ولا تری تضاداً أو عدم انسجام بین الغلیان الثوری والنظام السیاسی والاجتماعی، بل تبقی تدافع إلی الأبد عن نظریة النظام الثوری.
لیست الجمهوریة الإسلامیة متحجرة وعدیمة الإحساس والإدراك مقابل الظواهر والظروف المتجددة، لكنها ملتزمة أشد الالتزام بأصولها ومبادئها، وتتحسس بشدة لحدودها الفاصلة بینها وبین منافسیها وأعدائها. لیست عدیمة الاكتراث إطلاقاً لخطوطها الأصلیة، ومن المهم بالنسبة لها لماذا تبقی وكیف تبقی. ولا شك فی أن البون بین ما ینبغی وما هو واقع عذب ویعذب الضمائر المبدئیة الحرة دوماً، بید أن هذا البون ممكن الردم والطی وقد تم طیه فی بعض الحالات طوال الأعوام الأربعین الماضیة، ولا شك أنه سیطوی ویردم باقتدار أكبر بفضل تواجد ومشاركة الجیل المؤمن المتدین العالم المتحفز.
الثورة الإسلامیة للشعب الإیرانی مقتدرة لكنها عطوفة ومتسامحة بل حتی مظلومة. ولم ترتكب ممارسات متطرفة وانحرافیة سببت العار لكثیر من النهضات والحركات. ولم تطلق الرصاصة الأولی فی أیة معركة حتی مع أمریكا وصدام، وعملت فی كل الحالات علی الدفاع عن نفسها بعد هجوم العدو علیها، وبالطبع فقد سددت الضربات فی ردودها بقوة. لم تكن هذه الثورة منذ بدایاتها وإلی الیوم عدیمة الرحمة ولا سفاكة ولم تكن فی الوقت ذاته منفعلة ولا مترددة. وقفت بصراحة وشجاعة مقابل العتاة والمتعسفین ودافعت عن المظلومین والمستضعفین. هذه المروءة والفتوة الثوریة وهذا الصدق والصراحة والاقتدار وهذه المدیات من الفعل العالمی والإقلیمی إلی جوار مظلومی العالم لهو مبعث شموخ وفخر لإیران والإیرانیین، وسیبقی كذلك إلی الأبد.
والآن ونحن فی مطلع فصل جدید من حیاة الجمهوریة الإسلامیة أرغب أن أتحدث مع الشباب الأعزاء الجیل الفاعل فی ساحة العمل من أجل أن یبدأ جانباً آخر من الجهاد الكبیر لبناء إیران الإسلامیة الكبری. كلامی الأول حول الماضی.
أعزائی، لا یمكن معرفة المجهول إلا عن طریق التجربة أو الإصغاء لتجارب الآخرین. الكثیر مما شهدناه وجربناه لم یجربه جیلكم بعد ولم یشهده. لقد شهدنا وسوف تشهدون. عقود المستقبل هی عقودكم وأنتم من یجب أن تحموا ثورتكم بخبراتكم وتحفزكم وتقربوها أكثر ما یمكن من مبدئها الكبیر ألا وهو إیجاد حضارة إسلامیة حدیثة والاستعداد لبزوغ شمس الولایة العظمی (أرواحنا فداه). من أجل قطع خطوات راسخة فی المستقبل ینبغی معرفة الماضی بشكل صحیح واستلهام الدروس والعبر من التجارب. وإذا حصلت غفلة عن هذه الاستراتیجیة فستحل الأكاذیب محل الحقیقة، وسیتعرض المستقبل لتهدیدات مجهولة. یعمل أعداء الثورة بدوافع قویة علی تحریف الماضی وحتی الحاضر ونشر الأكاذیب، ویستخدمون لأجل ذلك الأموال وكل الأدوات والوسائل. وقطاع طریق الفكر والعقیدة والوعی كثار ولا یمكن سماع الحقیقة من العدو وجنوده.
لقد انطلقت الثورة الإسلامیة والنظام المنبثق منها من نقطة الصفر. أولاً كان كل شیء ضدنا سواء نظام الطاغوت الفاسد الذی كان بالإضافة إلی تبعیته وفساده واستبداده وانقلابیته أول نظام ملكی فی إیران یتولی الحكم فی إیران علی ید الأجانب ولیس بقوة سیوفه، أو الحكومة الأمریكیة وبعض الحكومات الغربیة الأخری، أو الوضع الداخلی الشدید الاضطراب وحالات التخلف المخجلة فی مجالات العلم والتقنیة والسیاسة والمعنویة وكل الفضائل الأخری.
ثانیاً لم یكن أمامنا أیة تجربة سابقة وطریق تم سلوكه، ومن البدیهی أن الانتفاضات الماركسیة وأمثالها لا یمكنها أن تعد نموذجاً لثورة نبعت من صمیم الإیمان والمعرفة الإسلامیة. لقد بدأ الثوار الإسلامیون مشروعهم من دون نماذج وتجارب، ولم تتأتی التركیبة بین الجمهوریة والإسلام وأدوات تشكیلها وتقدمها إلا بالهدایة الإلهیة وبفضل القلب النیر والأفكار الكبیرة للإمام الخمینی. وقد كان هذا أول تألق للثورة.
وعندها بدلت ثورة الشعب الإیرانی عالم القطبین آنذاك إلی عالم ثلاثی الأقطاب، ثم بسقوط الاتحاد السوفیتی وأقماره وغیابهم وظهور أقطاب قوة جدیدة أضحی التقابل الثنائی الجدید بین الإسلام والاستكبار الظاهرة البارزة فی العالم المعاصر ومحط اهتمام شعوب العالم. فقد تسمرت علیه من ناحیة الأنظار الآملة للشعوب الرازحة تحت نیر الجور والتیارات المطالبة بالتحرر فی العالم وبعض الحكومات التائقة للاستقلال، ومن ناحیة أخری تسمرت علیه الأنظار الحاقدة والسیئة الطویة للأنظمة التعسفیة والعتاة المبتزین فی العالم. وهكذا تغیر مسار العالم وأیقظ زلزال الثورة الفراعنة النائمین بارتیاح علی أسرّتهم، فانطلقت حالات العداء بكل قوة ولو لا قوة الإیمان العظیمة ودوافع هذا الشعب والقیادة السماویة المؤیدة للإمام الخمینی العظیم لما أمكن المقاومة حیال كل هذه الأمواج من الخصومة والشقاوة والمؤامرات والخبث.
علی الرغم من كل هذه المشكلات الاستنزافیة قطعت الجمهوریة الإسلامیة یوماً بعد یوم خطوات أوسع وأرسخ نحو الأمام. وقد كانت هذه الأعوام الأربعون حافلة بكثیر من حالات الجهاد الكبیر والمفاخر المتألقة والتقدم المذهل فی إیران الإسلامیة. ویمكن استكناه عظمة التقدم الذی حققه الشعب الإیرانی فی هذه الأعوام الأربعین بصورة صحیحة عندما تقارن هذه الحقبة بالأحقاب المشابهة لها فی ثورات كبری من قبیل الثورة الفرنسیة وثورة أكتوبر السوفیتیة وثورة الهند. لقد أوصلت الإدارة الجهادیة المستلهمة من الإیمان الإسلامی والإیمان بمبدأ «نحن قادرون» الذی علمه الإمام الخمینی الجلیل لنا جمیعاً، أوصلت إیران إلی العزة والتقدم علی جمیع الأصعدة. 
لقد أنهت الثورة إنحطاطاً تاریخیاً طویل الأمد وبدأت البلاد التی تعرضت خلال العهدین البهلوی والقاجاری لأشد درجات الهوان والتخلف بدأت تسیر فی طریق التقدم السریع، وفی الخطوة الأولی بدلت الثورة النظام الملكی الاستبدادی المخزی إلی حكم شعبی وسیادة شعبیة، وأدخلت عنصر الإرادة الوطنیة الذی یمثل روح التقدم الشامل والحقیقی إلی مركز إدارة البلاد، ثم جعلت الشباب اللاعبین الأصلیین فی الأحداث وأخذت بأیدیهم إلی وسط الساحة، ونقلت روح وعقیدة «نحن قادرون» إلی الجمیع، وبفضل الحظر الذی فرضه الأعداء علمت الجمیع الاعتماد علی القدرات الداخلیة، فكان هذا مصدر خیرات وبركات كبیرة:
أولاً: ضمنت استقرار البلاد وأمنها ووحدة أراضیها وصیانة حدودها التی تعرضت لتهدیدات جادة من قبل الأعداء، وخلقت معجزة الانتصار فی حرب الأعوام الثمانیة وهزیمة النظام البعث وحماته الأمریكان والأوربیین والشرقیین.
ثانیاً: أضحت الداینمو المحرك للبلاد فی میادین العلم والتقانة وتوفیر البنی التحتیة الحیویة والاقتصادیة والعمرانیة التی راحت ثمارها الیانعة تزداد وتتضاعف یوماً بعد آخر. وقد كانت آلاف الشركات العلمیة المحور، وآلاف المشاریع الخاصة بالبنی التحتیة والضروریة للبلاد فی مجالات العمران والنقل والمواصلات والصناعة والطاقة والمعادن والصحة والزراعة والمیاه وغیرذلك، وملایین التخریجین الجامعیین أو الدارسین الحالیین، وآلاف الوحدات الجامعیة فی شتی أرجاء البلاد، وعشرات المشاریع الكبیرة من قبیل دورة الوقود النووی، والخلایا الجذعیة، وتقنیات النانو، وتقنیات الأحیاء، وغیر ذلك، وبرتب أولی علی مستوی العالم كله، وازدیاد الصادرات غیر النفطیة إلی ستین ضعفاً، وزیادة الوحدات الصناعیة إلی ما یقارب العشرة أضعاف، وارتفاع درجة جودة الصناعات إلی عشرات الأضعاف، وتبدیل الصناعات التجمیعیة إلی تقنیات محلیة، والتمیز المحسوس فی الحقول الهندسیة المتنوعة بما فی ذلك الصناعات الدفاعیة، والتألق فی الفروع الطبیة المهمة والحساسة واكتساب موقع مرجعی فیها، وعشرات النماذج الأخری من التقدم، كانت كلها حصیلة تلك الروح وتلك المشاركة وذلك الشعور الجمعی الذی حققته الثورة للبلاد. لقد كان إیران قبل الثورة فی درجة الصفر من حیث إنتاج العلم والتقانة، ولم یكن لها فی الصناعة من میزة سوی التجمیع والمونتاج وفی العلوم سوی الترجمة.
ثالثاً: ارتفعت بالمشاركة الشعبیة فی القضایا السیاسیة من قبیل الانتخابات ومواجهة الفتن الداخلیة والتواجد فی الساحات الوطنیة ومقارعة الاستكبار إلی الذروة، وزادت بنحو ملحوظ من النشاط فی الشؤون الاجتماعیة من قبیل المساعدات والنشاطات الخیریة التی كانت قد انطلقت منذ ما قبل الثورة. وبعد الثورة صار الناس یشاركون بشوق فیما یشبه السباق لتقدیم الخدمات فی الأحداث الطبیعیة والنواقص الاجتماعیة.
رابعاً: رفعت الثورة مستوی الرؤیة السیاسیة لأبناء الشعب ونظرتهم للقضایا الدولیة بنحو مذهل. وأخرجت عملیات التحلیل السیاسی وفهم القضایا الدولیة فی موضوعات من قبیل جرائم الغرب وخصوصاً أمریكا وقضیة فلسطین والظلم التاریخی الذی حل بهذا الشعب وقضیة إثارة القوی التعسفیة للحروب وممارساتها الرذیلة وتدخلاتها فی شؤون الشعوب وما إلی ذلك، أخرجتها من حصریة شریحة محدودة ومعزولة اسمها المستنیرون، فانتشرت مثل هذه الاستنارة بین عموم الشعب وفی كل البلاد وعلی كل مستویات الحیاة، وأضحت مثل هذه القضایا واضحة ممكنة الفهم حتی من قبل الأحداث والیافعین.
خامساً: رجحت كفة العدالة فی توزیع خیرات البلاد العامة. ینبغی أن لا یفهم من عدم رضای عن فاعلیة العدالة فی البلاد لأن هذه القیمة السامیة (العدالة) یجب أن تتألق كجوهرة فذة علی جبهة نظام الجمهوریة الإسلامیة، وهو ما لم یحصل بعد، ینبغی أن لا یفهم منه عدم حصول شیء من أجل تكریس العدالة. والواقع أن مكتسبات الكفاح ضد اللاعدالة خلال هذه العقود الأربعة لا یمكن مقارنته بأی حقبة أخری فی الماضی. فی نظام الطاغوت كانت أكثر الخدمات والدخول فی البلاد تختص بفئة صغیرة من سكان العاصمة أو أمثالهم فی مناطق أخری من البلاد. وكان أهالی معظم المدن وخصوصاً المناطق النائیة والقری والأریاف فی نهایة القائمة وغالباً ما كانوا محرومین من احتیاجاتهم الأولیة والأساسیة والخدمیة. وتعد الجمهوریة الإسلامیة من أنجح الحكومات والدول فی العالم فی نقل الخدمات والثروة من المركز إلی كل أنحاء البلاد ومن مناطق المرفهین فی المدن إلی مناطق المحرومین. وإن الإحصائیات والأرقام الكبری لمد الطرق وبناء البیوت وتشیید المراكز الصناعیة وإصلاح الشؤون الزراعیة وإیصال الكهرباء والماء والمراكز العلاجیة والوحدات الجامعیة وبناء السدود ومحطات الطاقة وما إلی ذلك فی أقصی مناطق البلاد لهی أرقام تبعث علی الفخر والاعتزاز حقاً. ولا شك أن كل هذا لم ینعكس فی الإعلام الناقص للمسؤولین ولم تعترف به ألسنة الخصوم الخارجیین والداخلیین، إلا أنه واقع قائم وموجود وهو حسنة للمدراء الجهادیین المخلصین عند الله وعند الناس. طبعاً العدالة المتوقعة فی الجمهوریة الإسلامیة التی ترغب أن تعرف باتباعها للحكومة العلویة أكثر من هذا بكثیر، وأعین الأمل فی تحقیقها مسمرة علیكم أیها الشباب، وهو ما سوف أتطرق له فی تتمة الكلام.
سادساً: رفعت من مستوی المعنویة والأخلاق فی أجواء المجتمع العامة بشكل ملحوظ. سلوك حضرة الإمام الخمینی وطباعه طوال فترة الكفاح وبعد انتصار الثورة كان له السهم الأوفر فی إشاعة هذه الظاهرة المباركة. لقد تولی ذلك الإنسان المعنوی العارف الورع المنزه عن الزخارف الدنیویة رئاسة بلاد أرصدة إیمان شعبها ذات جذور عمیقة للغایة. مع أن ید تطاول الدعایات المروجة للفساد والتحلل طوال العهد البهلوی وجه لهذه الأرصدة ضربات شدیدة وجلب مستنقعاً من الأدران الأخلاقیة الغربیة إلی داخل حیاة الناس المتوسطین وخصوصاً الشباب، إلا أن المنحی الدینی والأخلاقی فی الجمهوریة الإسلامیة اجتذب القلوب الموهوبة والنورانیة ولا سیما الشباب فتغیرت الأجواء لصالح الدین والأخلاق. وقد ترافق جهاد الشباب فی المیادین الصعبة بما فی ذلك ساحة الدفاع المقدس مع ذكر الله والدعاء وروح الأخوة والإیثار، وأحیی أحداث صدر الإسلام ووضعها نصب أعین الجمیع. وقد ضحی الآباء والأمهات والزوجات بفعل شعورهم بالواجب الدینی عن أحبائهم الذین سارعوا لجبهات الجهاد المتنوعة، وبعد ذلك عندما واجهوا جثامینهم الدامیة أو أجسامهم المعاقة أرفقوا المصیبة بالشكر. واكتسبت المساجد والأجواء الدینیة ازدهاراً غیر مسبوق. وامتلأت طوابیر الاعتكاف من آلاف الشباب والأساتذة والطلبة الجامعیین والنساء والرجال كما امتلأت طوابیر المخیمات الجهادیة وجهاد البناء وتعبئة البناء من آلاف الشباب المتطوعین المضحین. وازدهرت أعمال الصلاة والحج والصیام والمشی للزیارة والمراسم الدینیة المختلفة والإنفاقات والصدقات الواجبة والمستحبة فی كل مكان وخصوصاً بین الشباب، وهی إلی الیوم فی ازدیاد وازدهار مطرد من حیث العدد والنوعیة. وقد حدث هذا كله فی زمن حشر فیه السقوط الأخلاقی المتزاید للغرب وأتباعه ودعایاتهم الهائلة لجر الرجال والنساء إلی مستنقعات الفساد، حشر الأخلاق والمعنویة فی زوایا العزلة فی مناطق كثیرة من العالم، فكانت هذه معجزة أخری للثورة ونظامها الإسلامی الناشط الریادی.
یتبع...