من هو المختار الثقفي..قصة المختار الثقفي الحقيقية؟!!

الإثنين 10 ديسمبر 2018 - 17:41 بتوقيت غرينتش
 من هو المختار الثقفي..قصة المختار الثقفي الحقيقية؟!!

اسلاميات_الكوثر: المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمير الثقفي.

  نشأ المختار في أسرة عريقة، فوالده: أبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عُمير بن عوفٍ، بن عُقدة بن غَيرَة بن عوف بن قسي ــ وهو ثقيف ــ بن مُنَبّه بن بكر بن هوازن.
وأمه: دَومَة بنت عمرو بن وهب بن معتب، وكانت من ربّات الفصاحة والبلاغة والرأي والعقل(أعلام النساء: ج1، ص421).
وكان مولد المختار في السنة التي هاجر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة(بحار الأنوار: ج45، ص350).

  مكانته الاجتماعية  
كان المختار ذا مكانة اجتماعية راقية، وقد وصفه ابن عبد البر بقوله: (كان معدوداً من أهل الفضل والخير). وقال أيضا: (ــ كان ــ المختار معدوداً في أهل الفضل والدين)( الاستيعاب (القسم الرابع): ص1465).
وهو أحد وجوه الشيعة في المجتمع الكوفي وقد تعرض للاعتقال مع أربعة عشر نفراً من وجهاء الكوفة بسبب موالاتهم وتشيعهم لأهل البيت عليهم السلام وكان ذلك أثناء تولي زياد بن أبيه الإمارة على الكوفة.
ومما يشير إلى مكانته في المجتمع الكوفي نزول مسلم بن عقيل في داره حينما قدم الكوفة سفيراً للحسين عليه السلام.

 علاقة المختار بأهل البيت عليهم السلام   
كان المختار قديم الصلة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ نعومة أظافره، فتربى عندهم ونشأ بينهم.
لأنه قد انتقل إلى المدينة مع أبيه، في زمن عمر، وتوجه أبوه إلى العراق فاستشهد يوم الجسر، وبقي المختار في المدينة، منقطعاً إلى بني هاشم(الأعلام: ج8، ص70).
وقد توسم فيه الإمام علي عليه السلام منذ صباه الفطنة والذكاء، فكان يجلسه على فخذه ويمسح رأسه، ويقول له: «يا كَيس... يا كَيس»( معجم رجال الحديث: ج18، ص95).
واستمر تردده على بني هاشم يأخذ عنهم الأدب والعلم، وبعد فترة من صلح الإمام الحسن بن علي عليهما السلام عاد من الكوفة إلى المدينة، وكان يجالس محمد بن الحنفية، ويأخذ عنه الأحاديث(بحار الأنوار: ج45، ص352).
وجاء في كتاب (مقتل الإمام الحسين عليه السلام) للسيد عبد الرزاق المقرم قوله: (المختار بن أبي عبيدة الثقفي... انقطع إلى آل الرسول الأقدس فاستفاد منهم علماً جمّاً، وأخلاقاً فاضلة، وناصح لهم في السرّ والعلانية)( بحار الأنوار: ج45، ص352).

  لقاء المختار مع ميثم التمار  
بعد أن انقلب أنصار مسلم بن عقيل عليه السلام وبعد تخفيه في بعض بيوت الكوفة، انقلبت كفة الأمور لصالح عبيد الله بن زياد.
وفي نفس هذه الليلة التي كان مسلم بن عقيل متواريا عن الأنظار، دخل المختار بن أبي عبيد الكوفة يحمل راية خضراء(تاريخ الطبري: ج5، ص381)، وتحوط به مواليه(تاريخ الطبري: ج5، ص569)، حتى انتهى إلى باب الفيل من مسجد الكوفة، وهناك صدمته الحقيقة لأن خبر انقلاب الناس على مسلم بن عقيل لم يكن قد وصل إليه.
فبقي على حيرة من أمره لا يعلم بمكان مسلم حتى ينصره ولا يقدر على الرجوع إلى أهله لأن جيش ابن زياد قد سد على الناس منافذ الدخول والخروج إلى الكوفة وأعلن حظراً للتجوال في عموم شوارع الكوفة وأزقتها وبين هذه الخيارات الصعبة، يمرّ به هاني بن أبي حيّة الوادعي فيعرض عليه أن ينزل على عمرو بن حريث فاستجاب مضطراً إلى الصباح(تاريخ الطبري: ج5، ص570).
وفي اليوم الثاني يأمر ابن زياد أن يدخل عليه الناس عامة، ودخل المختار فيمن دخل، فتوجه إليه ابن زياد قائلاً له: (أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل، فقال له: لم أفعل ولكني أقبلت ونزلت تحت راية عمرو بن حريث، وبت معه وأصبحت، فقال له عمرو: صدق ــ أصلحك الله ــ فرفع عبيد الله القضيب، فاعترض وجه المختار فخبط به عينه فشترها وقال: أما والله لو لا شهادة عمرو لك لضربت عنقك، انطلقوا به إلى السجن)( تاريخ الطبري: ج5، ص570).
وبعد أيام من اعتقال المختار يُعتقل ميثم التمار، ويودع السجن مع المختار، وبعد حديث بينهما ينبعث في روح المختار أمل بالنجاة والخلاص من يد هؤلاء الأشرار، بل والشرف العظيم بأخذ ثأر سيد الشهداء وأصحابه الأخيار حيث يقول له ميثم نقلا عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام فتقتل هذا الذي يقتلنا...»، فتطمئن نفس المختار بهذا الكلام، لأنّه واثق من مصدره ومصدّق له، وبدأ يعدّ الساعات والدقائق، ويعدّ نفسه للقيام بالمهمة الكبرى.

 أثر مقتل الامام الحسين عليه السلام على المختار   
كانت الأيام تمرّ سراعاً في سجن ابن زياد عليه اللعنة وكانت الأخبار لا تأتي إلا بما يسوء، وفجأة يقرع أسماع من كان مسجوناً في زنزانة ابن زياد نبأ الفاجعة العظمى، والمجزرة الكبرى، التي ذبح فيها الحسين وآل الحسين عليهم السلام وأنصاره وأريقت دماؤهم الزكية على أرض كربلاء بعد ثلاثة أيام من العطش المهلك وفصلوا الرؤوس عن الأجساد، وتركوا أجسادهم مجرّدة، وأبدانهم مرملّة وخدودهم معفّرة... تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح وبعد ذلك حملوا نساء البيت العلوي والأطفال على ظهور الجمال العجاف سبايا إلى أبناء الطلقاء.
فكان كلما ورد خبر من هذه الأخبار إلى أسماع المختار ورفاقه السجناء تزداد جروحهم عمقاً، وتشتدّ فيه سورة الغضب على هؤلاء الجناة، ويشتد فيهم الشعور بالتقصير تجاه آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتأنيب الضمير لخذلانهم أهل الحق، وسكوتهم على جرأة الباطل.

  ثورة التوابين والمختار   
تزعّم حركة التوابين خمسة من زعماء الشيعة هم كل من: (سليمان بن صرد الخزاعي، المسيب بن نجبة الفزاري، عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، عبد الله بن والي التميمي، ورفاعة بن شداد البجلي)، وكلهم من خيار صحابة علي عليه السلام، ونظرة واحدة إلى هذه الأسماء تعطينا فكرة عن القبائل التي أسهمت في هذه الحركة التوابية، فكتب سليمان بن صرد إلى شيعة المدائن وشيعة البصرة يستنهضهم للأخذ بثأر الحسين فأجابوه جميعاً إلى ما دعاهم إليه.
وعندما التقى جيش التوابين بجيش ابن زياد طلب منهم ابن زياد أن يستسلموا ويبايعوا لعبد الملك بن مروان فرفض قادة التوابين هذا الرأي، وطلب التوابون من جند الشام أن يخلعوا عبد الملك وينضموا إلى التوابين لقتال الأمويين والزبيريين وتسليم الخلافة لآل الرسول عليهم السلام، فرفض أهل الشام هذا الرأي.
وبدأت المعركة بين الفريقين وصمد التوابون لأهل الشام وقاتلوا قتال الأسود الضواري، وكادت المعركة أن تنتهي لصالحهم لولا النبال التي انهالت عليهم من كل جانب، وأصيب قائدهم سليمان بسهم كانت به نهاية حياته.
وأخذ الراية من بعده المسيب بن نَجَبَة، وكان من أبطال الكوفة، فحمل بمن معه على أهل الشام... ولما قتل استمات أصحابه وهاجموا أهل الشام وهم يقولون: الجنة الجنة إلى البقية من أصحاب أبي تراب... لكن المعركة انتهت لصالح أهل الشام ورجع من بقي من التوابين ــ وهم قلة ــ كل إلى بلده، لم يحققوا الهدف الذي حاربوا من أجله.
ووصل نبأ استشهاد سليمان وجمع من أصحابه على يد عبيد الله بن زياد، ورجوع المتبقين من جيش التوابين إلى الكوفة إلى مسامع المختار وهو في السجن فكاتبهم في رسالة يثني فيها على جهادهم ويعرض عليهم الانخراط معه من جديد في ركاب الثورة، وكان نصّ الكتاب.
(أمّا بعد فإنّي في الله أعظم لكم الأجر وأحطّ عنكم الوزر بمفارقة القاسطين وجهاد المحلين، وأنّكم لم تنفقوا نفقة، ولم تقطعوا عقبة، ولم تخطوا خطوة إلاّ رفع الله لكم بها درجة، وكتب بها حسنة، إلى ما يحصيه الله من التضعيف، فأبشروا فإنّي لو قد خرجت لجردت ما بين المشرق والمغرب في عدوكم السيف بإذن الله... فرحب الله بمن قارب منكم واهتدى ولا يبعد الله إلاّ من عصى وأبى، والسلام على من اتّبع الهدى).
فأجابوه: [قد قرأنا الكتاب ونحن حيث يسرّك فإن شئت أن نأتيك حتى نخرجك فعلنا])( الطبري: ج4، ص94).

  إعلان ثورة المختار  
استطاعت شخصية المختار الفذّة أن تجمع أكثر الناس المعارضين للدولة الأموية وللدولة الزبيرية وكان الجو مشحوناً بالتوتر ضد والي ابن الزبير الذي استعان بقتلة الإمام الحسين عليه السلام في الإدارة لشؤون الكوفة، فاستغل المختار هذه الأجواء للانطلاق من خلالها بالثورة، فحدّد تاريخ الرابع عشر من ربيع الثاني موعداً لإعلان ساعة الصفر.
فاستولى المختار على قصر الإمارة وسيطر على كامل أرض الكوفة بعد أربعة أيّام من الكر والفر، وجلس في القصر، واجتمع عليه الناس للبيعة فلم يزل باسطاً يده حتى بايعه خلق من العرب والسادات والموالي(بحار الأنوار: ج45، ص361).
وبعد أن سيطر على الكوفة بشكل كامل، أرسل العمّال والولاة إلى نواحي الكوفة والمناطق التابعة لها وفرّق العمّال بالجبال والبلاد(بحار الأنوار: ج45، ص366).