مع المجالس الحسينية المكتوبة..المجلس الأول من يوم عاشوراء..ماذا قال أهل البيت(ع)عن عاشوراء؟

الخميس 20 سبتمبر 2018 - 03:36 بتوقيت غرينتش
مع المجالس الحسينية المكتوبة..المجلس الأول من يوم عاشوراء..ماذا قال أهل البيت(ع)عن عاشوراء؟

وقال البيروني : لقد فعلوا بالحسين (عليه السلام) ما لم يُفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق من القتل بالسيف والرمح والحجارة وإجراء الخيول...

الشيخ عبدالله إبن الحاج حسن آل درويش

فعلى الأطائب من أهل بيت محمّد وعلي صلى الله عليهما وآلهما ، فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتذرف الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويضجَّ الضاجون ، ويعجَّ العاجون ، أين الحسن وأين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق ، أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أين الشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين أعلام الدين وقواعد العلم.

قال السيد ابن طاووس عليه الرحمة في يوم عاشوراء : وإذا عزمت على ما لابدّ منه من الطعام والشراب، بعد انقضاء وقت المصاب ، فقل ما معناه : اللهم إنك قلت : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}فالحسين صلوات الله عليه وعلى أصحابه عندك الآن يأكلون ويشربون ، فنحن في هذا الطعام والشراب بهم مقتدون.

وقال السيّد عليه الرحمة في الإقبال : فإذا كان أواخر نهار يوم عاشورا ، فقم قائماً وسلِّم على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعلى مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)، وعلى مولانا الحسن بن علي ، وعلى سيّدتنا فاطمة الزهراء وعترتهم الطاهرين(عليهم السلام) ، وعزِّهم على هذه المصائب بقلب محزون ، وعين باكية ، ولسان ذليل بالنوائب ، ثمَّ اعتذر إلى الله جلَّ جلاله وإليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك ، وأن يعفو عمّا لم تعمله مما كنت تعلمه مع من يعزّ عليك ، فإنه من المستبعد أن تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل ، واجعل كلَّ ما يكون من الحركات والسكنات في الجزع عليه خدمة لله جلَّ جلاله ، ومتقرِّباً بذلك إليه ، واسأل الله جلّ جلاله ومنهم ما يريدون أن يسأله منهم ، وما أنت محتاج إليه ، وإن لم تعرفه ولم تبلغ أملك إليه ، فإنهم أحق أن يعطوك على قدر إمكانهم ، ويعاملوك بما يقصر عنه سؤالك من إحسانهم .

ولعلَّ قائلا يقول : هلاّ كان الحزن الذي يعملونه من أول عشر المحرم قبل وقع القتل يعملونه بعد يوم عاشوراء لأجل تجدّد القتل .

فأقول : إن أول العشر كان الحزن خوفاً مما جرت الحال عليه ، فلما قُتل صلوات الله عليه وآله دخل تحت قول الله تعالى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فلمّا صاروا فرحين بسعادة الشهادة وجب المشاركة لهم في السرور بعد القتل لنظفر معهم بالسعادة .

فإن قيل : فعلام تجدّدون قراءة المقتل والحزن كل عام؟ فأقول : لأن قراءته هو عرض قصة القتل على عدل الله جلّ جلاله ليأخذ بثاره كما وعد من العدل ، وأما تجدّد الحزن كل عشر والشهداء صاروا مسرورين فلأنه مواساة لهم في أيام العشر ، حيث كانوا فيها ممتحنين ، ففي كل سنة ينبغي لأهل الوفاء أن يكونوا وقت الحزن محزونين ، ووقت السرور مسرورين.

روي عن عبدالله بن الفضل قال : قلت للصادق(عليه السلام) : يا ابن رسول الله ، كيف سمَّت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟ فبكى(عليه السلام) ثمَّ قال : لما قُتل الحسين(عليه السلام) تقرَّب الناس بالشام إلى يزيد ، فوضعوا له الأخبار وأخذوا عليها الجوائز من الأموال ، فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنه يوم بركة ، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرّك والاستعداد فيه ، حكم الله بيننا وبينهم .

وروي عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن الإمام الرضا(عليه السلام) قال : من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرَّت بنا في الجنان عينُه ، ومن سمَّى يوم عاشوراء ، يوم بركة وادّخر فيه لمنزله شيئاً لم يبارك له فيما ادّخر ، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيدالله بن زياد وعمر بن سعد ـ لعنهم الله ـ إلى أسفل درك من النار.

وروى جابر الجعفي عليه الرحمة قال : دخلت على جعفر بن محمد(عليهما السلام) في يوم عاشوراء فقال لي : هؤلاء زوَّار الله ، وحقٌّ على المزور أن يكرم الزائر ، من بات عند قبر الحسين(عليه السلام) ليلة عاشوراء لقي الله يوم القيامة ملطَّخاً بدمه كأنما قتل معه في عرصته ، وقال : من زار قبر الحسين(عليه السلام) ليوم عاشوراء وبات عنده كان كمن اُستشهد بين يديه.

وروي عن حريز ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من زار الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء وجبت له الجنة . وعن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : من زار قبر الحسين بن علي(عليهما السلام) يوم عاشورا عارفاً بحقّه كان كمن زار الله في عرشه.وعن محمد بن جمهور العمي، عمن ذكره،عنهم(عليهم السلام) قال : من زار قبر الحسين(عليه السلام) يوم عاشوراء كان كمن تشحَّط بدمه بين يديه .

وروى محمد بن أبي سيار المدايني بإسناده قال : من سقى يوم عاشوراء عند قبر الحسين(عليهم السلام) كان كمن سقى عسكر الحسين(عليه السلام) وشهد معه .

وروي عن زيد الشحام ، عن جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال : من زار الحسين(عليه السلام)ليلة النصف من شعبان غفر الله له ما تقدَّم من ذنوبه وما تأخَّر ، ومن زاره يوم عرفة كتب الله له ثواب ألف حجّة متقبَّلة ، وألف عمرة مبرورة ، ومن زاره يوم عاشوراء فكأنّما زار الله فوق عرشه.

وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده(عليهم السلام) : أن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) دخل يوما إلى الحسن (عليه السلام) ، فلما نظر إليه بكى ، فقال له : ما يبكيك يا أبا عبدالله ؟ قال : أبكى لما يصنع بك ، فقال له الحسن (عليه السلام) : إن الذي يؤتى إليَّ سم يُدس إليَّ فأُقتل به ، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبدالله ، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل ، يدَّعون أنهم من أمة جدنا محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وينتحلون دين الإسلام ، فيجتمعون على قتلك ، وسفك دمك ، وانتهاك حرمتك ، وسبي ذراريك ونسائك ، وانتهاب ثقلك ، فعندها تحل ببني أمية اللعنة ، وتمطر السماء رماداً ودماً ، ويبكي عليك كلُ شيء حتّى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار.

وروي عن زين العابدين علي بن الحسين(عليهما السلام) قال : ولا يوم كيوم الحسين (عليه السلام) ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل ، يزعمون أنهم من هذه الأمة كل يتقرب إلى الله عزّوجل بدمه ، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون ، حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً .

وروى عبدالله بن سنان قال : دخلت على سيدي أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط . فقلت : يا ابن رسول الله !مِمَ بُكاؤك ؟ لا أبكى الله عينيك ، فقال لي : أو في غفلة أنت ؟ أما علمت أن الحسين بن علي أُصيب في مثل هذا اليوم ؟.

وروي أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال لعبد الله بن حماد البصري في مصيبة الحسين (عليه السلام) : فإنه غريب بأرض غربة ، يبكيه من زاره ، ويحزن له من لم يزره ، ويحترق له من لم يشهده ، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله ، في أرض فلاة لا حميم قربه ولا قريب ، ثم منع الحق وتوازر عليه أهل الردة ، حتى قتلوه وضيعوه وعرَّضوه للسباع ، ومنعوه شرب ماء الفُرات الذي يشربه الكلاب ، وضيعوا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيته به وبأهل بيته ، فأمسى مجفواً في حفرته ، صريعاً بين قرابته ، وشيعته بين أطباق التراب ، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جده ، والمنزل الذي لا يأتيه إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرفه حقنا ، إلى أن قال (عليه السلام) : ولقد حدثني أبي إنه لم يخل مكانه منذ قُتل من مصلي يصلي عليه من الملائكة ، أو من الجن أو من الإنس أو من الوحش ، وما من شيء إلاّ وهو يغبط زائره ويتمسح به ، ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره .

ثم قال : بلغني أن قوماً يأتونه من نواحي الكوفة وناساً من غيرهم ، ونساء يندبنه ، وذلك في النصف من شعبان ، فمن بين قارئ يقرأ ، وقاص يقص ، ونادب يندب ، وقائل يقول المراثي ، فقلت له : نعم جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصف ، فقال : الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد الينا ويمدحُنا ويرثي لنا ، وجعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم يهدرونهم ويقبّحون ما يصنعون.

وعن الريان بن شبيب قال : دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرم وساق الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) إلى أن قال : يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته ، وسبوا نساءه ، وانتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً ، يا ابن شبيب إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) فإنه ذبح كما يُذبح الكبش ، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ، مالهم في الأرض شبيهون ، ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره ، فوجدوه قد قُتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره ، وشعارهم يا لثارات الحسين .

يا ابن شبيب لقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده أنه لما قُتل جدي الحسين أمطرت السماء دماً وتراباً أحمر إلى أن قال (عليه السلام) : يا ابن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالعن قتلة الحسين .

يا ابن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيماً ، يا ابن شبيب إن سرك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان ، فاحزن لحزننا ، وافرح لفرحنا ، وعليك بولايتنا ، فلو أن رجلا تولى حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

وفي زيارة الناحية يقول الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف : فلئن أخرتني الدهور ، وعاقني عن نصرك المقدور ، ولم أكن لمن حاربك محاربا ، ولمن نصب لك العداوة مناصبا ، فلأندبنك صباحا ومساء ، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً ، حسرة عليك ، وتأسفا على ما دهاك ، وتلهفا حتى أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب ..

وقال البيروني : لقد فعلوا بالحسين (عليه السلام) ما لم يُفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق من القتل بالسيف والرمح والحجارة وإجراء الخيول.

ولله درّ الشيخ عبد الحسين شكر عليه الرحمة إذ يقول :

مَنِ المعزّي نبيَّ الكائناتِ بمَنْ             أقام دَعْوَتَه بالبيضِ والسُّمُرِ

والأَنْجُمُ الزُّهْرِ أَبْنَاهُ الذينَ بِهِمْ          قد أَشْرَقَ الكونُ لا بالأنجمِ الزُّهُرِ

لولا حُسَامٌ أحارَ المبصرينَ بِهِ          لم يَنْظُرِ الدِّينَ والتكوينَ ذو بَصَرِ

وَاضيعةَ الدِّيْنِ وَالدُّنْيَا وأَهْلِهِمَا        حَلَّ الذبولُ بِعُود للنَّدَى نَضِرِ

لَمْ أَنْسَ زينبَ تدعو وهي حاسرةٌ       قَدْ غَابَ وَاسُوْءَ حالي في الثرى قَمَري

لاَ غَرْوَ أَنْ ناح جبريلٌ وَرَنَّ أسىً         على مُعَلِّمِهِ في غَابِرِ العُصُرِ

والرُّسْلُ أنْ أَعْوَلُوا حُزْناً لأنهُمُ          لولاه لم ينظروا يوماً إلى الظَّفَرِ

المصدر:المجالس العاشورية في المآتم الحسينية