كان الآخوند يرى الحركة الدستورية في ايران آلية للحيلولة دون الظلم والاضطهاد في حق الشعب وكان يرى أنّ من الواجب دعم تلك الحركة. لذلك دعا إلى الجهاد والكفاح بعد أن قصف الشاه محمد علي القاجاري المجلس النيابي في 23 جمادي الأولى سنة 1326 هـ.
الحركة الدستورية
بدأ ذيوع صيت الآخوند كزعيم سياسي في الفترة التي كان يمارس فيها نشاطاته الجادة في حركة الدستور. وأصبح الآخوند في مقدمة زعماء الحركة مع اثنين من المجتهدين الكبار المعاصرين له، وهما الميرزا حسين الطهراني والشيخ عبدالله المازندراني، وذلك بإرسالهم الرسائل والبرقيات للزعماء الدينيين والسياسيين في داخل إيران، واصدارهم منشورات للتوعية وكان العلامة الميرزا محمد حسين النائيني يساعد الآخوند في هذا المجال حيث ألّف كتابا عنوانه "تنبيه الأمة وتنزيه الملّة"، سعى لتبرير النظام الدستوري من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ورفض حجج العلماء المعارضين. وقد كتب الآخوند الخراساني مقدمة لذلك الكتاب أعلن فيها أنّ أُسُس الحركة الدستورية مأخوذة من الشريعة الإسلامية الحقة.
وكان الآخوند وأنصاره المرافقون له ينظرون إلى النظام الدستوري على أنّه وسيلة لوضع حد للظلم، ويرون أنّ على جميع المسلمين الاشتراك في هذه الحركة. وعندما أصبح محمد علي شاه ملكا (1324ه/ 1907م) أرسل الآخوند له رسالة نصحه فيها ودعاه إلى الإلتزام بموازين الشريعة والعدالة والسعي في طريق تأمين استقلال البلاد. ولكن محمد علي شاه وعلى الرغم من تظاهره بتأييد الحركة الدستورية كان يريد أن يحكم البلاد بصورة ديكتاتورية.
وكانت النتيجة أن قصف المجلس النيابي وعندها صعّد الآخوند من حربه ضد الملك حتى أنّه سعى للاستفادة من قدرات الايرانيين الأحرار الذين كانوا يعيشون في اسطنبول لدعم الصراع ضد ديكتاتورية محمد علي شاه. كما أنّه أرسل برقية إلى "انجمن سعادت ايرانيان" (جمعية إسعاد الإيرانيين) التي أسسها مجموعة من الايرانيين الاحرار في اسطنبول، وذلك عندما علم أنّ محمد علي شاه ينوي رهن المجوهرات الملكية مقابل أخذه قرضا من الحكومة الروسية، وطلب منهم فيها أن يعلنوا رسميا وعن طريق سفراء الدول العظمى وصحفها أنّ حكومة إيران وبموجب المادتين 24 و25 من الدستور لا يحق لها مطلقا أن تعقد أية معاهدة أو تأخذ أي قرض الإ بموافقة البرلمان وأنّ المجوهرات الموجودة في خزينة طهران تعود إلى الشعب الإيراني الذي لن يعترف بأي قرض يعطى لمحمد علي شاه ولن يتحمل أية مسؤولية تجاه ذلك.
وبعد ذلك، طلب الآخوند من الشعب الإيراني أن يمتنع عن دفع الضرائب لجباة محمد علي شاه وأن يسعى للاطاحة بحكومته، وذلك من خلال البيان الذي وقعه هو والميرزا حسين الطهراني والشيخ عبدالله المازندراني.
كما طلب هؤلاء الثلاثة في بيان لهم الثوار المسلمين في القوقاز وتفليس والمناطق الأخرى أن يسارعوا إلى مساعدة ثوّار تبريز وأن يضعوا نهاية لديكتاتورية القاجاريين.
وتشير وثائق وزارة الخارجية البريطانية إلى اتفاق حكومتي روسيا وانجلترا في تلك الفترة على ارغام الشاه من جهة على القبول بنوع من الحكم الدستوري الشكلي بغية تهدئة الخواطر، والعمل من جهة أخرى بما في وسعهما على إبعاد علماء الدين عن ميدان النشاط السياسي.
مذكرة الحكومة البريطانية والروسيا إلى الآخوند
وبالفعل فقد وجهت الحكومتان مذكرة مشتركة إلى الآخوند وبقية الزعماء الدستوريين المقيمين في العراق وطلبتا منهم إيقاف نشاطاتهم السياسية. كما طلبتا من زعماء الفئات المطالبة بالحكم الدستوري في داخل إيران الالتزام بالاعتدال. وجاء في المذكرة أنّ عملية إنهاء النشاطات السياسية ستعود بالنفع على المجتهدين أنفسهم.
لكن العلماء لم يعبؤوا بهذه المذكرة التي كانت تحمل طابع التهديد لهم، وبخاصة الآخوند الذي لا يلين. ومنذ ذلك الحين، نشرت وسائل الإعلام الانجليزية موضوعات معادية جدا للآخوند.
العزم على السفر إلى إيران
وفي تلك الأثناء، اتخذ علماء النجف بزعامة الآخوند قرارا بالسفر بصورة جماعية إلى إيران للاطلاع عن كثب على كيفية الصراع والحرب التي يقوم بها دعاة الدستور الإيرانيون وظروف المواجهة وأوضاع زعماء الحركة في داخل إيران. لكنهم عندما وصلوا إلى مدينة كربلاء قادمين من النجف أخبروا بأن قوّات السبهسالار التنكابني والسردار أسعد البختياري قد احتلت طهران وأسقطت محمد علي شاه عن العرش.
وآنذاك، أخذ بعض العلماء الذين كانوا ينظرون منذ البداية إلى الحركة الدستورية وزعمائها نظرة شك وريبة، ينحون باللائمة على العلماء الداعين إلى الحكم الدستوري أكثر من ذي قبل. وكان منهم السيد كاظم اليزدي الذي كان يسكن النجف. فقد أعلن عن مقاطعة الحركة الدستورية.
مواصلة دعم الحركة الدستورية
انتقد الآخوند بشدة أعمال الزعماء السياسيين المعارضين للحركة لكنه واصل دفاعه عن مبدأ الدستور. وأخيرا ولأجل الإطلاع عن كثب، والوقوف بوجه الانحرافات؛ فقد اتخذ الآخوند قرارا بالسفر إلى إيران برفقة عدد من العلماء.