وقد كشفت صحيفة العربي الجديد عن تورط شيوخ اماراتيين معروفين في ابو ظبي والشارقة والفجيرة بعمليات تهريب النفط من العراق الى الامارات.
ونقلت الصحيفة عن وزير عراقي قوله ان "جهات رسمية عراقية فاتحت الجانب الإماراتي إزاء ملف تهريب النفط عبر مياه الخليج الفارسي بمساعدة أطراف إماراتية لعصابات ومافيات التهريب بطرق مختلفة"، مبينا ان "هناك جهات إماراتية، بينها شيوخ معروفون في أبوظبي والفجيرة والشارقة ورأس الخيمة، متورطون بالتعامل مع شبكات ومافيات نفط عراقية".
وتابع الوزير الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ان "النفط العراقي المهرّب يذهب معظمه إلى الشارقة ورأس الخيمة والفجيرة، لتشغيل محطّات كهرباء هناك.."، لافتا الى ان "الأموال التي تحصل عليها شبكات تهريب النفط العراقي، يتم إيداعها في بنوك إماراتية".
ولفت الوزير إلى أن "الحكومة العراقية بدأت تتحرك فعلياً مع المسؤولين في الإمارات للعمل على هذا الموضوع، لكن بشكل غير معلن، لعدم إثارة أزمة أو استغلال الموضوع سياسيا".
وأكد شراء طن النفط العراقي من قبل جهات غير رسمية في الإمارات، لكنها مقربة من النظام، بمبلغ لا يتجاوز 250 دولاراً (طنّ النفط يعادل نحو 7 براميل نفط)، وفقا لصحيفة "العربي الجديد".
وبيّن الوزير أنّ "النفط العراقي المهرّب يذهب معظمه إلى الشارقة ورأس الخيمة والفجيرة، لتشغيل محطّات كهرباء هناك أو لخلطه مع النفط الخام بغية تخفيف نسبة الكبريت.
وحسب مراقبين ومسؤولين محليين في البصرة وبغداد، فإنّ أكثر من 40 فصيلاً مسلحاً ونحو 10 أحزاب سياسية في العراق تتغذّى مادياً على النفط المهرّب من جنوب العراق، بالإضافة إلى 6 جهات كردية تموّل نفسها أيضاً من النفط العراقي المنهوب في الشمال.
وهذا الملف تعاظم أخيراً، وبات تحدياً أمام الحكومة، بسبب ما يتكبّده العراق يومياً من خسائر جراء تهريب النفط الخام أو مشتقاته منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد ولغاية الآن.
كما كشف الوزير (تحفظ على ذكر اسمه) أنّ "الأموال التي تحصل عليها شبكات تهريب النفط العراقي، يتم إيداعها في بنوك إماراتية"، مضيفاً أنه "تمّ ضبط نماذج وأذونات قطع ومرور جمركي بأختام شركات إماراتية لها مكاتب في موانئ إماراتية، مثل شركة العهد الجديد وشركة جبل علي، حيث وجدت بحوزة مهربي النفط العراقي".
ضبط صهاريج لتهريب النفط الخام
وكشف النائب السابق عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي، الاسبوع الماضي، عن تهريب 25 ألف برميل من نفط البصرة يومياً ببواخر صغيرة عبر البحر إلى جهات غير معلومة.
وقال المالكي في حوار إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والهيئات التنفيذية مطالبة بفتح تحقيق عن عمليات بيع للنفط العراقي من قبل مافيات وأحزاب وشخصيات سياسية ببواخر صغيرة تابعة لجهات سياسية أخرى”.
وبين أن “الكمية تقدر بـ25 ألف برميل يومياً تابعة لجهات سياسية”، مضيفاً أن “وزارة النفط عاجزة تماماً عن إيقاف تلك العمليات وغيرها من العمليات الأخرى، وهذه الكمية من النفط الخام تهرب إلى جهات غير معلومة”.
وفي 14 اب 2018 اعلنت مديرية شرطة نفط الجنوب ان مفارزها القت القبض، على عصابة متخصصة بتهريب النفط تتكون من 4 اشخاص غربي البصرة وقامت بالتحرك نحو الاماكن التي يقومون بالتجاوز على الانابيب فيها والكراجات التي تم الاستيلاء عليها لاستخدامها في عمليات التهريب.
وفي 07 آب 2018 ضبطت قوات الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين, 10 صهاريج مصممة لتهريب النفط الخام في بيجي.
وذكر اعلام الحشد، ان "قيادة عمليات الحشد في بيجي تمكنت من ضبط 10 صهاريج محورة محملة بالنفط الخام لتهريبه".
وبين ان "العملية تمت بناء على معلومات استخبارية دقيقة لعمليات الحشد ونصب كمائن دامت اكثر من اسبوعين ضمن قواطع المسؤولية في بيجي من جهة الصينية".
واضاف انه "سيتم اتخاذ الاجراءات الامنية بحق المهربين وتسليمهم الى الجهات المختصة لينالوا جزاءهم العادل".
الإمارات تسهل عمل العصابات
من جانبه، اتهم القيادي البارز في التحالف الوطني الحاكم في العراق وعضو البرلمان عن محافظة البصرة "وائل عبداللطيف"، السلطات الإماراتية بـ"تسهيل عمل عصابات وشبكات تهريب النفط العراقي من البصرة".
وبين أنّ "النفط المهرّب يباع لجهات إماراتية غير حكومية بأسعار بخسة، لكن تلك الجهات مسكوت عنها في الإمارات".
وأوضح أنّ "عمليات تهريب النفط العراقي تتمّ من قبل جماعات وعصابات مدعومة من أحزاب وجهات مسلحة تنقل النفط العراقي بطرق مختلفة".
وشرح "عبداللطيف"، والذي أكّد امتلاكه مقطع فيديو يظهر جانباً من عمليات التهريب تلك، وقال إنه سيقدمه للجهات الحكومية العراقية، الطرق التي تستخدم في تهريب نفط العراق، موضحاً أنه "في العادة تصل باخرة نفط وتستقرّ خارج المياه الإقليمية العراقية وتبقى بين 3 أيام وأسبوع، وهناك يبدأ المهرّبون بنقل ما لديهم من نفط إليها عبر زوارق تراوح حمولتها بين 10 إلى 20 طنّاً، وتبيعه، بحيث تستلم المال إمّا مباشرة أو يتم إيداعه في حسابات بنكية متّفق عليها بين المهرّب والمستفيد".
وتابع: "بعد امتلاء الباخرة بالنفط، تنقله بنماذج خروج حصلت عليها مسبقاً، تحوّل صفة هذا النفط من مجهول النسب أو غير شرعي، كما هي المصطلحات المتداولة في عالم تهريب النفط"، إلى نفط شرعي يمكن له المرور عبر مياه الخليج الفارسي.
ولفت "عبداللطيف" إلى أنّ موضوع تهريب النفط العراقي "بدأ منذ عام 1990 بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق، لكنّ الدولة هي التي كانت تقوم بتهريبه وبيعه وقتها، للحصول على الدولار".
وتابع: "إلا أنّ الأمر ما زال متواصلاً، لكن هذه المرة من خلال عصابات وجماعات مدعومة من أحزاب وجماعات مسلحة، تهرّبه وتبيعه بأسعار أقّل بكثير من أسعار السوق العالمي".
وحمّل "عبداللطيف"، الإمارات مسؤولية ذلك، خصوصاً أنّ "الباخرة التي تنقل هذا النفط المهرّب لا تملك أوراقاً رسمية بحمولتها، وتحمل نفطاً غير شرعي، وهو تعامل مع عصابات لا أكثر".
وكشف عن "تحرّك الحكومة العراقية حيال الموضوع من خلال تسيير قوات تابعة للبحرية العراقية وشرطة خفر السواحل لضبط عمليات التهريب تلك، التي تتم في العادة من داخل حقول النفط العراقية أو عبر كسر أنابيب التصدير وسحب كميات كبيرة من النفط منها، ثمّ نقله في صهاريج ضخمة إلى المياه العراقية في البصرة".
وأشار إلى أن "قوات بحرية عراقية تمكّنت من اعتقال عدد من المهربين في عرض مياه الخليج (الفارسي) وقيّدتهم، وعند التحقيق معهم، تبيّن أنّ بعضهم يتبع لجهات عراقية سياسية".
وسبق أن أعلنت قيادة شرطة نفط الجنوب، في 14 أغسطس/آب الجاري، عن إلقاء القبض على عصابة لتهريب النفط في البصرة.
وذكر بيان لها، أنّ قواتها " أنّه "تمت إحالة المتهمين إلى الجهات المختصة لإتمام الإجراءات القانونية".
جهات عراقية ضالعة في التهريب
إلى ذلك، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي المنتهية ولايته والقيادي في التيار الصدري، "حاكم الزاملي"، إنّ "قضية تهريب النفط أصبحت أمراً شائعاً، فالكلّ يعلم أنّ هناك جهات سياسية وعسكرية ضالعة في التهريب، وهناك تسترّ من قبل بعض القطاعات الماسكة لهذه المناطق".
وبين أنّ "الفصائل المسلّحة تحصل من تهريب النفط على مبالغ تصل إلى مئات آلاف الدولارات في اليوم الواحد".
وأضاف أنّ "هناك جهة صغيرة تمتلك السلاح، وتمتلك الميليشيات وتمتلك القوة، تسيطر على تهريب النفط، ويجب إيقافها"، متابعا: "أنا طالبت رئيس الحكومة بالتدخّل ومحاسبة تلك الجهات، لكن من دون جدوى".
وعبّر "الزاملي" عن استغرابه من "سكوت الحكومة، في وقت نحتاج فيه إلى ثورة ومحاربة حقيقية لمنع تبدّد ثروات البلد وسرقتها".
وقال: "آبار النفط مفتوحة أمام المهرّبين في القيارة والدجيل وعلاس وعجيل (شمال العراق)، والبصرة والعمارة (جنوب العراق)"، مشدداً على أنّ "هذه الثروات هي ملك للشعب، وليست لطائفة أو حزب، ومن يتاجر بالنفط ستصبح لديه قوة وسلاح وعتاد ومقدّرات اقتصادية عالية، وسيصبح غولاً كبيراً لا يمكن مجابهته".
تواطؤ إماراتي
أما الخبير في الشأن العراقي وأحد الباحثين في مجال جهود مكافحة تهريب النفط العراقي "أحمد المحمود"، فقال إنه "في كل الأحوال هناك دور إماراتي في العملية؛ سواء عبر شراء النفط المهرّب، أو بسبب تحوّل الإمارات لوجهة رئيسة تتجه إليها أموال المهربين التي يحصلون عليها من بيع النفط المهرّب، عبر حسابات في أبوظبي ودبي، أو من خلال شخصيات مقربة من حكومة الإمارات، والتي تقوم بمنح تراخيص قانونية للمهربين حتى يتم تسهيل مرور السفن التي تحمل النفط المهرّب".
ولفت إلى أنّه من دون الإمارات، لا يمكن للنفط أن يهرّب إلى خارج العراق عبر الخليج الفارسي. لذا، هناك عصابات صغيرة تستخدم الحيلة من خلال نقل مشتقات نفطية للمياه الدولية، ثمّ إعادتها للعراق بتصاريح مزيّفة وبيعها مجدداً، وهو ما يمكن اعتباره غسيل أموال واسع الانتشار في البصرة اليوم.
وأكد المحمود أنّ "البحرية العراقية اعتقلت بحارة هنوداً، تبيّن أنّ قسماً منهم يتبع لشركة مقرّها في الإمارات، وهناك معتقلون الآن في البصرة، ألقي القبض عليهم في عرض البحر قبل أيام خلال عمليات تهريب مشتقات نفطية تبيّن أنهم سرقوها من العراق، وقاموا بنقلها لباخرة في البحر لتأتي الأخيرة فيما بعد وتبيع النفط في الميناء بأوراق شهادة إماراتية، وكأنها جاءت من الإمارات أيضاً".
ولفت إلى أنّ كميّة ما يتمّ تهريبه من النفط يومياً من البصرة عبر الخليج الفارسي، يبلغ ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف طنّ من النفط العراقي.
ويشير المراقبون، إلى أن النفط المهرب تتم سرقته، وهو مادة خام من الأنابيب التي يتم ثقبها أو من المستودعات أو ببيع كميات من المشتقات مخصصة لدوائر حكومية أو شركات، أو بإعادة بيع المشتقات النفطية المستوردة من الخارج والمدعومة حكوميا، مما يجعل أسعارها أرخص من الدول المجاورة، أو بتحميل كميات إضافية من الصادرات النفطية عبر الموانئ العراقية مستفيدين من ضعف الرقابة، وعدم وجود أجهزة قياس مضبوطة لاحتساب الكميات المصدرة.