كان الحكيم السبزواري أستاذ العلوم الدينية في مدينة سبزوار الايرانية وكان يدرّس الطلاب هناك. في سنة 1834م سافر مع زوجته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، وبعد إتمام مناسك الحج عادا عن طريق البحر إلى بندر عباس. في الطريق توفيت زوجته، وكانت الطرق آنذاك غير آمنة، فتوجه إلى مدينة كرمان ولم يعرفه أحد هناك، فدخل المدرسة وطلب من متولي المدرسة غرفة، ولما لم يعرف المتولي الملا هادي سأله: هل أنت من العلماء؟ فأجابه الملا: كلا، فقال المتولي: إن الغرف تخص الطلبة. وأخيراً أقنع المتولي بأن يستريح في زاوية الغرفة شريطة أن يقوم بمساعدة الخادم بأعمال المدرسة.
لم يمض على ذلك وقت طويل حتى تزوج بابنة الخادم، ثم اصطحب زوجته وعاد إلى سبزوار ومضت السنون وشهرة الشيخ تزداد يوماً بعد يوم، وأخذ الطلبة يتوافدون من الأطراف إلى سبزوار لتلقي الحكمة والفلسفة، وقد وفد بعض طلبة كرمان إلى درس الحكيم فجاء الحكيم وارتقى المنبر وأخذ يدرّس، فما أن رآه طلبة كرمان حتى عرفوه أنه صهر خادم المدرسة في كرمان، ولم يتعرفوا عليه طيلة هذه المدة، وأسفوا على ذلك لعدم استفادتهم خلال تلك المدة من مقامه العلمي، وأخذوا يتحدثون حتى ارتفع صوتهم وازعج بقية الطلاب.
بعد انتهاء الدرس وخروج الأستاذ من المدرسة، اعترض الحاضرون على طلاب كرمان، فنقل طلاب كرمان القصة من أولها وكيف أن الحكيم الكبير كان لا يظهر نفسه ومقامه العلمي، طيلة هذه الفترة.