مهند آل كزار
قال الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز:“مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{۱۹} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{۲۰} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{۲۱} يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ{۲۲} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{۲۳}”.
تأويل هذه الآيات المباركة في أهل البيت عليهم السلام كما نقل ذلك العامّة والخاصّة عن مشاهير الصحابة: كابن عبّاس وأبي ذرٍّ الغفّاريّ، وسلمان الفارسيّ، وأنس بن مالك ويكاد المفسّرون أن يكونوا مجمعين على ما ورد عنهم، وعلى ما وافقهم الضحّاك، حيث روى الحاكم الحسكانيُّ الحنفيّ عنه في قوله تعالى: “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ” أنّه قال: هما عليٌّ وفاطمة، وفي قوله عزّ وجلّ: “بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ” قال: هو النبيّ صلى الله عليه وآله، وفي قوله عزّ من قائل: “يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ” قال: هما الحسنُ والحسين.
وعلى هذا الرأي والتأويل روى السيّد هاشمُ البحراني في كتابه (غاية المرام، في معرفة الإمام) من طريق العامّة سبعة أحاديث، ومن طريق الخاصّة خمسة أحاديث. – و روى الشيخُ القندوزيُّ الحنفيُّ في كتابه (ينابيع المودّة لذوي القربى) بإسناده عن: أبي سعيد الخُدريّ، وعبد اللهِ بن عبّاس، وأنس بن مالك ذلك، وروي عن سفيان بن عيينة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية أنّهم قالوا: (عليٌّ وفاطمة بحران عميقان، لا يبغي أحدُهما على صاحبه، “بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ” هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، “يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ” هما الحسنُ والحسين رضي الله عنهما).
كذلك روى عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام في ظلّ قوله تعالى: “مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ” قوله: (عليٌّ وفاطمة) عليهما السلام، “بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ” قال: (لا يبغي عليٌّ على فاطمة، ولا تبغي فاطمة على عليّ عليهما السلام، “يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ” قال: الحسن والحسين عليهما السلام.
روى ذلك في أكثر من ثمانين مصدراً من مصادر العامّة والخاصّة، منها: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، والكشف والبيان للثعلبي، وكشف الغمّة للإربليّ، وشرف المصطفى للخركوشيّ، وشواهد التنزيل للحسكانيّ، وروح المعاني للآلوسيّ الشافعيّ وغيرها عشرات. وقد أشار الى ذلك الشهيد السيّد نور الله القاضي التستريُّ في كتابه القيّم (إحقاق الحقّ) في ظلّ الآية السادسة والعشرين من الآيات التي أوردها في ضمن مدارك شأن نزول الآيات النازلة في الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله وسلامه عليهم، فقال: روى الجمهور أنّ البحرين عليٌّ وفاطمة، وأنّ البرزخ محمّدٌ صلى الله عليه وآله، واللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين، سلام الله عليهم جميعاً.
وممّن روى ذلك: الخوارزميّ الحنفيّ في (مقتل الحسين عليه السلام)، والحافظ السيوطيُّ الشافعيّ في (الدرّ المنثور)، والمير محمّد صالح الكشفيُّ الحنفيّ في (المناقب المرتضويّة)، والقاضي عياض في كتاب (الشفاء)، ثمّ قال: ولم تحصل لغيرهم من الصحابة هذه الفضيلة. فأهل الحديث والرواية والرّواة، وأصحاب التفسير والبيان، وكلّهم أكدوا ما أوردنا من أنّ البحرين هما أمير المؤمنين، ووصيّ رسول ربّ العالمين، عليٌّ سلام الله عليه، وكذا سيّدة نساء العالمين، وبضعةُ سيّد النبييّن، فاطمة سلام الله عليها. وأنّ اللؤلؤ والمرجان اللّذان خرج من هذين البحرين المقدّسين وقد امتزجا: هما سيّدا شباب أهل الجنّة، وريحانتا المصطفى: الحسنُ والحسين صلواتُ الله عليهما.
وقد استفاد العلامةُ الحلّي في كتابه (منهاج الكرامة) في ضمن البرهان الثلاثين من براهين الإمامة أنّ الآيات واضحةٌ في تفضيل الإمام عليٍّ عليه السلام، فقال: ولم يحصل لغيره من الصحابة هذه الفضيلة، فيكون هو الإمام. أي هو الإمام بحقّ؛ إذ هو عليه السلام أفضل منهم، وكذا نقول: لم تحصل هذه الفضيلة لغير الزهراء فاطمة عليها السلام، إذ هي البحر القدسيُّ الذي مرجه الله تعالى بعناياته المباركة ببحر عليّ سلام الله عليه، فالتقيا، ولم يبغ أحدُهما على الآخر لعصمتهما، ببركة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله برزخ المودّة والقربى، فكان من بركات ذلك المرج الإلهيّ لذلكما البحرين الشريفين، وبينهما برزخُ النور المقدّس، أن كان الحسن والحسين، اللّذان منهما عن فاطمة وعليّ، نسلُ المصطفى النبيّ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. – لما أراد الله أن يجمع بين هذين البحرين في عالم الدنيا ، جاء الأمر الإلهي من الجليل جل وعلى : زوج النور بالنور فقال يا رب من بمن فقال عز وجل فاطمة بعلي فالأمر من الله والخبر جاء به رسول الله (ع) :
جاء جبريل له خير سفير
عن إله عزٍ قدرآ وعلا
زوج النور من النور المبين فاطمآ
من حيدرٍ عالي الجناب
فلقد زوجهُ الرب المعين في السما
من قبل أرضٍ وتراب
ذكر العلامة المجلسي في حديث خباب بن الارت أن الله تعالى أوحى إلى جبرائيل : زوّج النور من النور ، وكان الولي الله ، والخطيب جبرائيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والأرضين .. ثم أوحى إلى شجرة طوبى أن انثري ما عليكِ، فنثرت الدر الأبيض والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر واللؤلؤ الرطب ، فبادرن الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهن إلى بعض .
المصدر:موقع براثا
إقرأ ايضا:ما لا تعرفه عن قصة...زواج سيدة نساء العالمين من علي أمير المؤمنين!