الشيخ الأصفهاني
جاد بنفسه سميما ظاميا
نال من الجود مقاما ساميا
والعروة الوثقى التي لا تنفصم
تقطعت ظلما بسم المعتصم
قضى شهيدا فهو في شبابه
دس إليه السم في شرابه
أفطر عن صيامه بالسم
فانفطرت منه سماء العلم
وانشقت السماء بالبكاء
على عماد الأرض والسماء
وانطمست نجومها حيث خبا
بدر المعالي شرفا ومنصبا
وانتثرت كواكب السهود
على نظام عالم الوجود
وكادت الأرض له تميد
بأهلها إذ فقد العميد
قضى بعيد الدار عن بلاده
وعن عياله وعن أولاده
صبت عليه أدمع المعالي
هدت له أطوادها العوالي
بكت لربانيها العلوم
ناحت على حافظها الرسوم
قضى شهيدا وبكاه الجود
كأنه بنفسه يجود
يبكي على مصابه محرابه
كأنما أصابه مصابه
تبكي الليالي البيض بالضراعة
سودا إلى يوم قيام الساعة
تعسا وبؤسا لابنة المأمون
من غدرها لحقدها المكنون
فإنها سر أبيها الغادر
مشتقة من أسوء المصادر
قد نال منها من عظائم المحن
ما ليس ينسى ذكره مدى الزمن
فكم سعت إلى أبيها الخائن
به لما فيها من الضغائن
حتى إذا تم لها الشقاء
أتت بما اسود به الفضاء
سمته غيلة بأمر المعتصم
والحقد داء هو يعمي ويصم
ويل لها مما جنت يداها
وفي شقاها تبعت أباها
بل هي أشقى منه إذ ما عرفت
حق وليها ولا به وفت
ولا تحننت على شبابه
ولا تعطفت على اغترابه
تبت يداها ويدا أبيها
مصيبة جل العزاء فيها
المصدر:موقع الولاية الإخبارية