هكذا يرسم الإمام الخامنئي السياسة العامة للإعلام المرئي و المسموع!

الأحد 25 مارس 2018 - 14:11 بتوقيت غرينتش
هكذا يرسم الإمام الخامنئي السياسة العامة للإعلام المرئي و المسموع!

بإمكان الصحافة إثارة وعي الجماهير إزاء مسؤولياتها، وتنبيه المسؤولين إلى مهامهم الخطيرة. أما إذا حصل العكس فإن الصحافة تؤدّي هنا إلى إثارة الصخب والتوتّر والغموض والفرقة وتضليل كلا الجانبين عن واجباتهما الأساسية

حرية الإعلام:

يكثر الحديث في هذه الأيام عن حرية الإعلام وحدودها، وكثيراً ما يتمسك الإعلام الغربي بهذه القضية للتهجم على الدول الإسلامية متهما إياها بالتضييق على وسائل الإعلام، ولاسيما في الجمهورية الإسلامية، وحول هذه المسألة يقول الإمام الخامنئي (دام ظله الوارف):

«بإمكان الصحافة إثارة وعي الجماهير إزاء مسؤولياتها، وتنبيه المسؤولين إلى مهامهم الخطيرة. أما إذا حصل العكس فإن الصحافة تؤدّي هنا إلى إثارة الصخب والتوتّر والغموض والفرقة وتضليل كلا الجانبين عن واجباتهما الأساسية» (1).

فالحرية التي يعطيها الإمام الخامنئي (دام ظله) للإعلام، هي الحرية التي تؤدي إلى التكامل في البناء الحضاري للبلد حيث تقوم الصحافة والإعلام بنقل الصورة إلى المسؤول والشعب على حد سواء بما يؤدي إلى تبيان الأخطاء والسعي لصلاحها.

إلا أن منح الحرية بهذا المقدار للإعلام لا يعني أبداً، أن تستخدم الحرية وشعاراتها لبث الأمور التي تفسد المجتمع، أو تتعرض للمقدسات أن تمس بكرامة الآخرين، فشتان ما بين الأمرين، وإلى هذا يشير سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله الوارف) بقوله:

«إن مهمة الصحافة غاية تتطلب وسيلة لبلوغها، وتلك الوسيلة هي الحرية. فحرية الصحافة يجب أن تكون وسيلة لأداء مهمة الصحافة، لا أن تصبح مهمّة الصحافة ضحية لحرية مطلقة متحللة» (2).

الإعلام الغربي والحرية المزعومة:

يتباهى الإعلام الغربي بالكثير من الشعارات الوهمية التي يحملها، ومنها شعار الحرية، والذي استفاد منه بأسوأ أنواع الإستفادة، ووصل بهم الأمر للجرأة على إهانة الرسول الأعظم محمد (ص)، وفي المقابل يقيمون الدنيا ولا يقعدونا إذا شكك أحد ما بقضية المحرقة النازية المزعومة، يقول (دام ظله):

«وفقاً لحرية التعبير هذه لا يمكن إظهار أي تشكيك في أسطورة محرقة اليهود أو نفيها ولكن تجوز الإساءة إلى مقدسات أكثر من مليار و نصف مليار مسلم » (3).

وكدليل على هذه العقلية المتحيزة للجانب الصهيوني، والتي يسيطر عليها المستكبرون يذكر سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله) قضية حصلت معه في بدايات الثورة الإسلامية في إيران فيقول:

«في إحدى المرات أرسل أحد بيانات الإمام الخميني (قده) إلى أمريكا من أجل نشره في الصحف الأمريكية لأنها واسعة الانتشار ـ كما قالوا ـ إلا أن الصحف الأمريكية التي تتبجَح بالحرية لم تكن مستعدة لنشر ذلك البيان على صفحاتها، في حين أن الذين كانوا يريدون نشر ذلك البيان كانوا على استعداد لتقديم مبلغ كبير من المال (عدة آلاف من الدولارات) من أجل نشره. إلا أن جميع الصحف هناك رفضت بإصرار نشر ذلك البيان على صفحاتها. هذه هي الحرية التي تدعيها صحافة الأعداء» (4).

الإعلام المرئي والمسموع

تمهيد:

الإعلام المرئي هو أكثر الوسائل تأثيرا في الناس، لأن النفوس تنجذب إلى ما تراه وتسمعه أكثر مما تقرأه، ولا يكاد يخلو منه منزل من تلفاز أو جهاز راديو، ولهذا فلا بد وأن نجعل هذا التلفاز والإذاعة وسيلة للوصول إلى عقول الناس بطريقة نحافظ بها على قيمهم ومبادئهم من خلال خطط إعلامية مدروسة وهادفة بعيدة عن الابتذال والتفاهة، أو اللهو والعبث.

فكيف ينظر الإمام الخامنئي (دام ظله) إلى هذا النوع من الإعلام، وكيف يراه بصورة عامة؟

يقول (دام ظله الوارف):

« بشكلٍ عام يجب أن تكون الإذاعة والتلفزيون وكما قال الإمام الراحل (قده) جامعة عامّة يُعلَّم فيها الدِّين والأخلاق والقيم الإسلامية وأسلوب العيش الأفضل والجديد في مجال العلم والسياسة والأفكار الجديدة بلغة بليغة ومفهومة؛ حتى يستطيع الجميع سواء من عامة الناس، أو من أصحاب العقول المفكِّرة الإرتواء من هذا المعين الفيّاض كلٌّ حسب استعداده وقابليته» (5).

السياسة العامة للمرئي والمسموع

من الصفات الرائعة التي يتحلى بها الإمام الخامنئي (دام ظله) اطلاعه الدقيق على الكثير من التفاصيل التي تختص بأمور الناس والدولة، والإعلام، ولهذا نراه يركز في أحاديثه مع الإعلاميين على مسائل دقيقة قد لا يلتفت لها في بعض الأحيان أهل الإعلام أنفسهم، ومن الإرشادات الهامة التي أولاها في مسألة توجيه الإعلام، والخطوط والسياسات العامة التي ينبغي السير وفقا لها، حيث يقول (دام ظله):

« إن أهم النقاط التي يجب أخذها بنظر الاعتبار في رسم السياسة الجديدة لإدارة الإذاعة والتلفزيون هي ما يلي:

 

1 ـ يجب أن ينصبَّ مسار التحرّك في هذا الجهاز باتّجاه الوصول إلى التفوّق الكيفي لبرامجه على التوسع الكمي الذي يأتي بالدرجة الثانية من الأهمّية. ولكن التغطية الفنّية لجميع أنحاء البلاد بما فيها القرى والأرياف مُقَدَّمة على كلّ شيء في الوقت الحاضر.

2 ـ إعادة النظر في تشكيلات هذا الجهاز وإحداث التغييرات المطلوبة من أجل تحسين نوعية الأعمال وأساليبها.

3ـ الاستفادة من آراء ونظريات الجامعيين والمراكز الجامعية من أجل طرح البحوث العلمية والاجتماعية والنظريات والأبحاث الجديدة لعامّة أبناء الشعب، ولابدّ من التأكيد في طرح الأبحاث الإسلامية على نوعيّة وعمق تلك الأبحاث والاجتناب عن طرح الآراء الضعيفة والممزوجة بالخرافات والأوهام والتي تتحكم فيها الأذواق الشخصية.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف لا بدّ من إقامة التعاون الجادّ والمدروس مع الحوزات العلمية وعلماء الدين الكرام.

4 ـ تطوير وتسريع نظام إيصال المعلومات الذي يعتبر من أهمّ مسؤوليات هذا الجهاز الإعلامي بلغة واضحة وبليغة.

5 ـ إضفاء الجاذبية والجمال على البرامج الفنّية للإذاعة والتلفزيون وعرض أفضل المشاهد الفنّية بمحتويات اجتماعية وأخلاقية وسياسية هادفة وعدم عرض وبث المشاهد المبتذلة والمضلّلة والفاقدة للقيم الفنّية.

6 ـ الاجتناب عن بثّ الموسيقى المبتذلة واللهوية، والموسيقى وسيلة يمكن أن تكون محلّلة ويمكن أن تكون محرَّمة، فيجب معرفة وانتقاء المحلّل منها والاستفادة منه في الإذاعة والتلفزيون.

7 ـ يجب أن يكون المسار العام لبرامج الإذاعة والتلفزيون هو مواجهة الهجمة الإعلامية والثقافية والخبرية للاستكبار العالمي، ولا يجب العمل بهذا الأمر في مجال الأخبار فحسب، بل يجب أن يتعدّاه إلى التقارير والبرامج العلمية والإجتماعية والسياسية أيضاً؛ وبالأخص البرامج الثقافية والمسلِّية كالتمثيليات والمسلسلات.

8 ـ توضيح هذا الأمر المهم لجميع العاملين في الجهاز الإعلامي: وهو أنَّ الثقافة الأجنبية المهاجِمة تستطيع التأثير على الأذهان عن طريق العروض الفنّية والبرامج المسلّية أكثر من التأثير عن طريق الحوار، فلذا يجب التصدّي لهذا التأثير القهري بطريقة ذكيّة وعقلائية » (6).

المرئي والمسموع والأخلاق العامة:

إن مسألة الأخلاق الإنسانية، هي لبُّ الدين، ولا بد بحسب رأي الإمام الخامنئي (دام ظله) أن تحتل المركز الأول في الترويج الإعلامي الهادف، وعن هذا يقول سماحته (دام ظله):

« إن الهوية الأخلاقية هي الهوية الحقيقية للمجتمع، أي أن مركز الثقل في المجتمع هو القطب الأخلاقي، وجميع الأمور الأخرى إنما تدور حول محورها. فعلينا أن نولي الأخلاق أهمية كبيرة، وعلى الإذاعة والتلفاز التخطيط في مجال نشر الفضائل الأخلاقية وتفهيمها وبيانها، كالأخلاق السلوكية لأفراد المجتمع، والانضباط الاجتماعي، والنظم والتخطيط، والأدب الاجتماعي، والاهتمام بالأسرة، ورعاية حقوق الآخرين، وحفظ كرامة الإنسان، والإحساس بالمسؤولية والاعتماد على النفس، والتحلّي بالشجاعة الذاتية والوطنية، والقناعة التي هي من أهم الفضائل الأخلاقية في المجتمع.

ولو أننا قد تعرضنا حالياً في بعض المجالات إلى المصائب، فمرد ذلك إلى غفلتنا عن السجية الحسنة، وكذلك الأمانة والصلاح ومساندة الحق وابتغاء الجمال بمعنى اختيار الحياة الجميلة من الناحيتين الظاهرية والباطنية، وتجنب الإستهلاك، واختيار العفة، واحترام الأبوين والأستاذ.

هذه هي فضائلنا الأخلاقية، وعلى الإذاعة والتلفاز أن تتكفل بنشرها، وعليكم أن تدعموا هذه الفضائل في كافة البرامج التي تعدونها وفي كل مسلسل وحوار واجتماع ومكالمة هاتفية أو تقرير حتى لا يتم نقضها أو تضييعها»(7).

الإعلام وتدين الناس:

ومن الأمور التي يؤكد عليها سماحة الإمام الخامنئي (دام ظله)، مسألة العلاقة بين الإعلام المرئي والمسموع وتدين الناس، وأن يكون ارتقاء المعرفة الدينية والإيمان الديني من جملة مهام هذا النوع من الإعلام، ومن أهم الأمور التي ينبغي الإلتفات إليها في هذا الإطار، عدم نشر الشبهات بين الناس، من دون حلول مقنعة، ففي الكثير من الأحيان تطرح شبهة ما بنية حلها، فتعلق الشبهة في العقول، لأن الحل لم يكن بالمستوى المطلوب، ومن هنا يقول سماحته (دام ظله):

«ما هو دور الإذاعة والتلفاز بشأن ديانة الناس، وما هو موقفها ومسؤوليتها بهذا الصدد؟

طبيعي أن ارتقاء المعرفة الدينية والإيمان الديني من جملة مهام الإعلام، وهناك فرق بين المعرفة والإيمان، ولابد من تقوية كلا الأمرين، ولابد من التحرز عن جعل إيمان الناس واهياً أو سطحياً أو قشرياً، وينبغي أيضاً عدم الاكتفاء بالتركيز على مجرد المشاعر الإفراطية؛ لعدم جدوى ذلك في تبليغ الدين، فاجعلوا هذا أساساً لنشاطكم. ولنعد الآن إلى برامج الإذاعة والتلفاز لتروا ماذا ينبغي عليكم فعله أو تركه، فيجب أن تهدف البرامج الدينية إلى إزاحة الشبهات عن الدين، لا أن تقوم على إثارة الشبهات وتوسيع دائرتها، حيث تعرض أمور تؤدي أو تساعد على إثارة الشبهات! ربما أمكن لها إذا عرضت في جمع من المؤمنين المخلصين أن تعمل على زيادة إيمانهم، إلا أن عرضها على الملايين لا تكون نتيجته سوى زعزعة إيمان بعضهم، إذن لا بد من تجنب ذلك.

وأن يكون الخطاب الديني مبنياً على دفع الشبهات، وإن يكون واضحاً ومتقناً وفنياً، وأن يكون صحيحاً على جميع المستويات، فإننا برغم تبويب الخطاب الديني وتصنيفه إلى مستوى النخب، ومتوسطي الثقافة، ومستوى الشباب، ثم الصغار، إلا أن الخطاب الديني حتى بالنسبة لمستوى الصغار ينبغي أن يكون صحيحاً، فالطفل في الصف الأول الابتدائي يتعلم حاصل جمع الاثنين والاثنين هو أربعة، وتبقى هذا النتيجة صحيحة عنده حتى إذا بلغ أعلى القمم في علم الرياضيات.

وهكذا ينبغي أن يكون الأمر بالنسبة إلى تعليم الدين للطفل والعامي، فلا ينبغي أن يكون خاطئاً، فيدرك الخطأ إذا ارتقى عملياً وعندها يشكك في مصداقية الدين»(8).

(1) الزمان والمكان:3 ـ 12 ـ 1414هـ. الحضور: أرباب الجرائد والعاملين في الحقل الإعلامي.

(2) الزمان والمكان:3 ـ 12 ـ 1414هـ الحضور: أرباب الجرائد والعاملين في الحقل الإعلامي.

(3) خطابه عند لقائه بجمعٍ من قادة ومنتسبي سلاح الجوّ (7 ـ 2 ـ 2006).

(4) الزمان والمكان:3 ـ 12 ـ 1414هـ الحضور: أرباب الجرائد والعاملين في الحقل الإعلامي.

(5) المناسبة: تعيين علي لاريجاني رئيساً لمؤسسة للإذاعة والتلفزيون.

(6) المناسبة: تعيين علي لاريجاني رئيساً لمؤسسة للإذاعة والتلفزيون.

(7) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

(8) المناسبة: لقاء سماحة الإمام الخامنئي (حفظه الله) مع رئيس ومدراء منظمة الإذاعة والتلفزيون.

المصدر: دار الولاية للإعلام و الثقافة